سياسيو العراق ، سكارى أم حيارى أم مجانين

بقلم ( كامل سلمان )

من طبيعة السياسي الناجح ، الهدوء ، الرزانة ، الدقة ، العقل ، والتركيز في الكلام ، الواقعية في التفكير وفي العمل ..ومن صفات السياسي المحترم ايضا ان يضع مصلحة البلد فوق كل المصالح ، ومن طبع السياسي الناجح هو الاستفادة من كل تجربة صغيرة أو كبيرة بحيث بمرور الزمن يتحول من سياسي بسيط متواضع الى خبير في الشأن السياسي بعد ان تتكاثر التجارب و تنهضم في عقليته ، ولنا أمثلة كثيرة في سياسيي الدول الأخرى ومنهم على سبيل المثال السياسي والخبير المخضرم العالمي هنري كيسنجر ، الذي هضم وفهم السياسة من مداخلها الى مخارجها فهو نموذج تنطبق عليه كل مواصفات السياسي الناجح ،،، أما أن تجد سياسي يتحول تدريجيا مع زيادة الخبرة الى مطبل او سمسار كلام او يتفوه بكلمات لا تليق بالرجل السياسي أو يعطي تصورات غير سليمة فهذا الشيء مستحيل وإن حصل ذلك فهذه كارثة تدل على أن ذلك السياسي لم يكن أصلا رجل سياسة وإنما دخل عالم السياسة في حين غفلة من أهلها و من الباب الخلفي ، ، ، مثلما كان ومازال هنري كيسنجر مثال حي للسياسي العملاق فعندنا في العراق النموذج الأخر للسياسي القزم الفاشل والذي يتحول بشكل دراماتيكي الى لص سفاح قاتل ، ولكن رغم ذلك نتساءل أين ذهبت خبرة السياسي العراقي مع كل هذه التجارب التي تمر على العراق يوميا ؟ والجواب ان السياسي العراقي لم يكن يعمل في السياسة طوال فترة تسنمه للمناصب وإنما كان مشغولا في عملية إعادة أعمار وبناء نفسه ومستقبله ومستقبل عائلته التي يخاف عليها من الضياع بعد تسريحه من العمل السياسي وبعد ان يصبح شاردا مطاردًا خائفا يتخفى ويترقب ، لذلك فإن سياسيونا يتسابقون بالخيرات ولكن ليس للناس ، وهذا ما جعلهم في حالة السكارى ، والسكارى تتبعها مرحلة الحيارى ثم مأواهم الجنون ، ولا أقصد بالجنون بالمفهوم العراقي ولكن الجنون السلوكي الذي يصرخ فيه من شدة الندم والألم ..
لا يوجد سياسي في اية دولة من دول العالم يعمل بلا منهاج وبلا برامج ، ولكن السياسي عندنا يعمل بلا دراية بأي شيء أصلا فقط يرى المحابس بيده والعذارى من حوله و المنصب وامتيازات المنصب ، فهو نفسه يعاني وسبب معاناته إنه هو نفسه لا يعرف ماذا يصنع حتى وإن أدرك ذلك ، فهو مسؤول ولكنه مقيد ليس حر ، هو يتبوأ المنصب ولكن بلا أدوات فهو من السكارى ، هؤلاء السياسيون حرموا على أنفسهم الخمر من باب ديني وحرموا على أنفسهم لحم الخنزير وحرموا على أنفسهم مصافحة النساء أيضا من باب ديني ، ولم يحرموا على أنفسهم النوم مع النساء العاهرات وأعطوه عذر ديني ولم يحرموا على أنفسهم سرقة المال العام أيضا أعطوه عذر ديني ولا أكل لحم الإنسان تحت يافطة الدين والفتوى ، فهم سكارى من غير خمر ، أما سياسيو دول العالم شربوا الخمر ولم يكونوا سكارى ، وأكلوا لحم الخنزير وحرموا لحم البشر فما أصاب مجتمعاتهم منهم ألا الخير ، وكل ما فعلوه هو حماية المال العام الذي أعتبروه هو شرفهم وهو وطنهم . سياسيونا لا يعملون للوطن ولا ينتجون ولكنهم حيارى ، والحيرة تأتي من كثرة وزحمة العمل فهم أيضا يعانون من زحمة العمل ذلك العمل الذي يشغلهم ليل نهار في نقل الأموال الى الخارج ، فكيف نريدهم ان يزدادوا خبرة في السياسة ، دعهم يخوضوا العمل السياسي اولا ثم نطالبهم ثانيا بتطوير خبرتهم ….
أن أسوأ شيء يجهله الإنسان هو اليوم الذي يدفع فيه فاتورة الأفعال السيئة ويوم الندم ويوم الحسرة ، أرجو ان لا يظن بإن هذا الكلام يخص اليوم الأخر بانتظار الجنة والنار ، فهذه سنة الحياة وعدالة الدنيا ان ترى السيء بعد سنين من سلوكه السيء تتراكم عليه الفاتورات فيبدأ العد العكسي معه ، لذلك العاقل لا يدخل المداخل السيئة، ، ، مجاميع من الجهلة المرضى نفسيا والمرضى إجتماعيا و الشاذين أخلاقيًا وعقليا انضمت الى تنظيمات وأحزاب شاذة في فلسفتها وشاذة في معتقداتها وأفكارها لتكون قوة مستقبلية يستثمرها الأعداء في أكبر مشروع إستثماري هو تسليطهم على شعب بسيط شعب مغلوب على أمره ، هذا هو ملخص حياة كل سياسي يتربع على كرسي المسؤولية في هذا البلد اليوم ، ومن يحسبها أبعد من ذلك فهو ساذج لا أكثر ، فمثل هذا السياسي كيف سيتعلم بناء الأوطان وكيف سيتعلم السياسة .. السنين التي أصبحوا فيها مسؤولين يديرون شؤون البلد بلا ادنى شك هي سنين عجاف وستكون وصمة عار عليهم وعلى عقيدتهم و على فصيلتهم التي تؤيهم وعلى كل من دنا منهم ، ، ، إن الإنسان الذي لا يدرك معنى ان الدنيا تدور و تتغير هو ذلك الإنسان الذي يتصرف بهذه الشاكلة التي يتصرف فيها سياسيو العراق اليوم . تصرفهم هذا هو أسوأ سلوك مشين يمكن ان يقوم به إنسان على وجه الأرض( سرقة ، قتل ، فتنة ، إعتداء ، إنتقام ، كذب ، دجل ، خيانة ، نذالة ، فساد الخ .) هذا هو كل ما قدموه للمجتمع ولم يترددوا في أية واحدة منها بل أبدعوا فيها كلها ، وكأنهم ولدوا على هذه الشاكلة الغريبة ، بعضهم يغدر بعض ، بعضهم ينهش بعض ولكن عندما صرخ الشعب العراقي متألما من الوجع ، سرعان ما توحدت كلمتهم و توحدوا رغم خلافاتهم لإن مصالحهم مسها السوء . . . هل يدرك هؤلاء السياسيون ان ما تبقى من شهر العسل الذي هم فيه هو القليل ، فهل ستسعفهم الذاكرة لكي يعيدوا حساباتهم ؟ أم أن سكرتهم مازالت في نشوتها . . صحيح أن مرحلة وصولهم الى السلطة والتسلط جاءت مع موجة تخلف وجهل ويأس وانكسار نفسي وصراعات وأوبئة واختلال التوازنات الإقليمية و العالمية ، فوجودهم أصبح شبه منسي بالنسبة للعالم بسبب المشاكل الكبيرة التي عصفت بالعالم أنذاك خاصة مع الغليان الذي أصاب المنطقة برمتها ولكن الغليان مهما أستمر والفوضى مهما أستمرت ففي النهاية فأن سفينة النجاة تستوي على الارض ولن ينجو فيها الا الذين أمنوا بالشيء الصحيح ولم تتلوث أياديهم بالموبقات والملوثات و عملوا الصالحات من اجل الإنسانية وهذا الدرس متكرر بالحياة بشكل دائم ، ويكفي من ينظر الى العقود الأخيرة ليرى كم درس من هذا النوع تكرر في العالم . . .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here