لماذا الجهلاء أصحاب اليد الطولى والعقلاء ساكتون

بقلم ( كامل سلمان )

كنت دوما أتساءل لماذا في بلدنا الجهلاء بيدهم كل شيء وبيدهم الحكم وبيدهم الملك وفي المقابل العقلاء ساكتون خائفون وبالنهاية تراهم تابعون لهؤلاء الجهلاء ؟ .
العقلاء في جميع بقاع الارض هم الذين لا يخافون ولا ينامون على ضيم ولا يسمحون للباطل ان يتسيد وهم رهان المجتمع ورهان الأمة ، لذلك فالمجتمعات والامم التي يكثر فيها العقلاء اصحاب الوعي والمثقفون هي امم راقية وأمم متحضرة ولكن الغريب عندنا العكس ، المثقفون وأصحاب الوعي واصحاب العقل هم الأكثر خوفا وترددا وجبنا وضعفا ولا أدري كيف اصبحوا هم الطبقة المثقفة في المجتمع ، فالثقافة إذا لا تكون مقرونة بالشجاعة فهي ليست ثقافة وليست معرفة ، هذه هي مشكلتنا منذ القدم ، مثقفنا يكتب ويبدع في الكتابة ويتكلم ويبدع في الكلام ويخطب ويبدع في الخطابة ولكنه سرعان ما يجد نفسه تحت مظلة من هو جاهل جسور مجرم يعمل بين يديه او يجد نفسه هاربا في ارض الله الواسعة متنقلا بين البلدان محروما متحسرا ، وقليل جدا منهم يعلنون المواجهة الخاسرة فيخسرون أنفسهم وأهليهم ،،، حالة غريبة جدا ، حتى ان المجتمع لم يعد يثق بالمثقف الواعي بل ثقته تذهب الى الجاهل القوي الذي لا يخاف ، هذا الشيء يدعو ألى التساؤل والحيرة ، لماذا يحدث هذا عندنا فقط ؟ هل نحن حالة شاذة وسط المجتمعات البشرية ؟ بلد يسرح فيه ويمرح كل جاهل ومتخلف ، بينما تجد العقلاء لا دور لهم ولا وجود لهم ، وإذا وجد لهم دور فهو تابعي لقيادة الجهلاء وفي خدمة الجهلاء … لا يمكن احصاء وتشخيص الاسباب وقد استطيع ان أذكر ما قد عشته عن قرب ،،،، الوعي والثقافة عندنا هي ثقافة ووعي الكلمة وليست ثقافة ووعي الخطوة الصحيحة ، فقد لا حظت بعض مثقفي الشعوب لا يمتلكون مستوى ثقافة الكلمة الموجودة عندنا ولكنهم يمتلكون ثقافة الخطوة التي تكون فيها الخطوات ملموسة عند جميع افراد المجتمع ويتذوق طعمها القريب والبعيد وهذه شجاعة وجرأة يفتقدها مثقفونا لأن أساسا مفهوم الثقافة عندنا متوقفة على الوجاهة والتحصيل الدراسي والأنساب .. المثقف عندنا يتحدث بألف كلمة ولا توجد له خطوة فعالة نحو التغيير بينما الجاهل عندنا يخطو الف خطوة دون ان يتحدث بكلمة وللأسف خطوات الجاهل مبعثرة ومضرة وأول من يدفع ثمنها هو ذات المثقف ، فالجاهل هو المثقف عندنا من غير علم ولا معرفة والمثقف عند المجتمعات الاخرى هو صاحب الخطوة عن علم ومعرفة ، وهذا يعني بأختصار العيب عيب ثقافتنا فهي ثقافة مبتورة ناقصة تقتل روح البناء وتقتل روح المبادرة عند اصحاب الوعي لذلك الإنسان الواعي هو بالحقيقة منفصل وبعيد عن المجتمع وله القدرة فقط على النقد والتشهير ، وهكذا تجد مثقفينا يكتبون وينتقدون ليل نهار ولا يحركون ساكنا ، فقط ألسنتهم و أناملهم تتحرك وهم جالسون .. متمسكون بما عندهم ليست لهم كلمة مسموعة ، وإذا بادروا للتضحية فسيكونون فقط هم الضحية لأن وجودهم الفعلي ليس في ضمائر ووجدان الناس .. استغرب من كلماتهم ومنطقهم ليست لها صدى ولا تمثل النقص الحاصل في المجتمع وليست فيها الاحساس و الحدة والشدة المطلوبة لذلك المجتمع مستسلم لأن مثقفهم ضائع وجاهلهم متواجد في الساحة .. إذا لم تكن لنا القدرة على تفسير هذه الظواهر المخالفة للطبيعة البشرية إذًا كيف سنتغير ؟ وكيف سنكون بمصاف المجتمعات الاخرى؟ لا يصح ان نبقى في دائرة الشكوى ، لا يصح ان نبقى نلهث ولا نتاج ، لا يصح ان نملك كل هذه الامكانيات المعرفية والعقلية والطبيعية ونحن في مؤخرة الركب . لا تنظروا الى هذه العيوب نظرة عابرة فمصير الامة متوقفة هنا ، ، ، جاهل يستطيع ان يجيش الجيوش ومثقف لا يستطيع ان يقود نعجة ، هل هذه حالة طبيعية في مجتمع يتفاخر بأنه علم البشرية الكتابة…

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here