بمناسبة شهادة زيد بن علي رضوان الله: هشام الامس وصدام اليوم (ح 3)

الدكتور فاضل حسن شريف

تكملة لما ورد في موقع سبأ نت: خرج الإمام زيد على تسلط الدولة الأموية وجبروتها وطغيانها في ثلة من المؤمنين العارفين بحقيقة وجوبية التغيير، لا يتجاوز عددهم 500 مقاتل، وهؤلاء استطاع الأمويين شق صفهم وشراء بعضهم، وتهديد بعضهم، وتثبيط بعضهم، ولم يثبت منهم ساعة المواجهة سوى 218 مقاتل، بينما تهافت وتساقط التشكيكيين الممثلين حينها طابوراُ خامساُ بلغ زُهاء 40000 متخاذل، وفي رواية 100 ألف، بينهم للأسف نحو 5000 من الفقهاء والقراء وأهل البصائر. ويالها من مفارقة مخزية بين عبيد الدنيا وعباد الله الصالحين فبعد أن أحصى ديوان الإمام زيد عليه السلام من كتبهم 100 ألف مبايع على السمعة الطاعة، لم يخلُص منهم سوى 218 إنسان، ليواجهوا 12 ألفاً من مقاتلة الطاغية الأموي هشام بن عبدالملك، وقيل 15 ألف جبار متسلط، بينهم 2300 من رماة السهام المحترفين، استقدمهم هشام من السند، ولولاهم لما تمكن الأمويين من القضاء على الإمام. قال جعفر بن محمد عليهما السلام: (ضاها خروج عمي زيد، خروج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر). حدد الإمام عليه السلام أول ليلة من شهر صفر لسنة 122 هـ، موعداً لإنطلاق شرارة الثورة، غير أن تخاذل الناس عنه، ونكثهم البيعة، وانكشاف أمر الثورة، وخروج الأمويين عليه، دفعه للخروج في 23 محرم 122 هـ، واستمرت الحرب الى 25 محرم 122 هـ، وكانت المعركة في حواري مسجد الكوفة، واحتجزت قوات بني أمية جمع غفير من أصحاب الإمام داخل جامع الكوفة، فأتاهم أحد قادة الإمام يسمى نصر بن خزيمة مع مجموعة من أصحابه، وادخلوا الرايات عليهم من طاقات المسجد، وصرخ فيهم نصر: (يا أهل الكوفة أخرجوا من ذل الدنيا الى عز الأخرة)، لكن لا حياة لمن تنادي. في 25 محرم 122 هـ أُصيب الإمام بسهم غادر في جبهته، فلما أتى الطبيب، قال: إذا خرج السهم، فاضت روح الإمام.

واستطرد مقال موقع سبأ نت: وطلبه جيش الأمويين ميتاً، ورصدوا لمن يدل عليه جائزة ثمينة، قال الفقيه حُميد في الحدائق الوردية: ولما توفي عليه السلام اختلف أصحابه في دفنه، ثم اتفقوا على أن عدلوا بنهرٍ عن مجراه، ثم حفروا له ودفنوه، وأجروا الماء على ذلك الموضع، وكان معهم في تلك الليلة غلام سندي، فلما أصبح نادى منادي يوسف بن عمر: من دل على قبر زيدٍ، كان له من المال كذا وكذا، فدلهم عليه ذلك الغلام، فاستخرجوه، وحزوا رأسه ووجهوا به إلى هشام، وصلبوا جثته بالكناسة. والكُناسة، موضعٌ في سوق الكوفة مخصصٌ للقمامة، والمفارقة العجيبة تجهيز الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام جيشه في هذا الموضع وسار به الى صفين، ما يعني أن صلب الإمام زيد في هذا الموضع لم يكن صدفة، بل هو اختيار متعمد لأهداف في غاية الوضح لمن تجرد عن داء التعصب. بعد أن وصل رأس الإمام الى هشام بن عبدالملك، وجه بأن يُطاف به في البلدان، حتى انتهوا به إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وطاف به جنوده في مدينة رسول الله 7 أيام، وأُمر أهل المدينة أن يتبرؤوا من الإمام علي والإمام زيد عليهما السلام، وهناك من يذهب الى أخذ رأس الإمام سراً من المدينة ونقله إلى الجامع الأعظم في مصر، ودفنه هناك، ويقال أن الأنوار ترى عليه، وما نميل إليه بقائه في البقيع. وبقي الإمام مصلوباً سنة وأشهراً، وقيل: وأياماً، وقيل: سنتين، وقيل: أربع سنين إلى أن ظهرت رايات أبي العباس بخراسان، والمؤكد بقائه مصلوباُ الى أيام الوليد بن يزيد بن عبد الملك تولى الحكم في نهاية سنة 125 هـ، وفي عهده خرج الامام يحيى بن زيد عليه السلام، فأمر الوليد واليه على الكوفة يوسف بن عمر الثقفي إنزال جسد الإمام وحرقه ووضع رماده في قواصير، ونثره في مياه الفرات، وهو يقول: والله يا أهل الكوفة لأدعنّكم تأكلونه في طعامكم وتشربونه في مائكم. استشهد الإمام زيد بن علي عليهما السلام في ساحة المعركة شُجاعاً حُراً، كجده الحسين بن علي عليهما السلام، لم يرضَ بالدَنِيَّة في دينه، ولم يرضَ أن يرى الباطل يرتفع، والحق والسنة تُخفَض، والشرع يُهدَم، والظلم تقوى شوكته، ولم يرضَ بإرهاق النفوس بالإستبداد، وإمراض القلوب بالبدع. ورغم كل ما فعله بني أمية إلا أن باطلهم باء بالخسران، فقد كانت الثورة الحسينية إيذاناً بزوال الدولة الأموية السفيانية، بينما قادت ثورة حليف القرآن الى زوال الدولة الأموية المروانية، وما بين الثورتين 61 سنة، وما بين الثورة الحسينية وهجرة رسول الله من مكة الى المدينة المنورة 61 سنة، وفي هذا سر عظيم. رسم لنا الإمام زيد عليه السلام كيف نكون مضطهدين، فنثور وننتصر من أجل قضية ومبدأ وثوابت راسخة، لا تزعزعها الأعاصير، ليجسد لنا ما يجب أن يكون عليه المؤمن الرسالي، راسماً لنا بأحرفٍ من نور أروع صور التفاني والغيرة والإخلاص وحب الخير لكل الناس.

جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا عن انتهاكات مسندة إلى صدام حسين: في خضم حرب الخليج الأولى بزيارة بلدة الدجيل، وأثناء مرور موكبه بالبلدة تعرّض الموكب إلى إطلاقات نارية. تم خلال نهب المكاتب الحكومية التي أعقبت انهيار النظام اكتشاف مرسوم رئاسي يأمر بإعدام عشرات الرجال من القرية في بغداد. وتم بعد ذلك إصدار قرار بتدمير وتجريف ما يقارب 1000 كم2 من الأراضي الزراعية والبساتين المثمرة على الطريق من قضاء بلد إلى الدجيل لمنع تكرار مثل هذه المحاولة. تم القبض على 393 من الرجال فوق سن 19 عاماً، و394 من النساء والأطفال من مدينتي الدجيل و بلد، حيث تم اعتقالهم في سجن أبو غريب قرب بغداد، وتعرض للتعذيب عدد غير معروف منهم، وجدير بالذكر أن 138 من المحتجزين البالغين الذكور وعشرة من الذكور القاصرين مثلوا للمحاكمة أمام المحكمة الثورية بعد أن اعترفوا بمشاركتهم في محاولة الاغتيال. وعلى مدى عدة أشهر لاحقة، تم نقل السجناء الباقين إلى مراكز الاعتقال في الصحراء إلى الغرب من بغداد، ولكن أكثر من 40 من المعتقلين لقوا حتفهم أثناء الاستجواب أو أثناء التعذيب في الاعتقال. وقال أحد سكان الدجيل الذي قدم شهادته في وقت لاحق أثناء محاكمة صدام في عام 2005، أنه شهد بنفسه التعذيب والقتل الذي مورس خلال انتقام الحكومة من منفذي محاولة الاغتيال الفاشلة، بما في ذلك قتل 7 من أصل 10 من إخوته. بعد عامين من الاعتقال تم نفي حوالي 400 معتقل، أغلبهم من أفراد عائلات الـ148 شخصاً الذين اعترفوا بالمشاركة في التخطيط أو التنفيذ لمحاولة الاغتيال، إلى منطقة نائية في جنوب العراق. لذلك يتطلب من الحكومة الحالية تشييد نصب ومتحف في مدينة الدجيل تبين هذه الجريمة النكراء الذي راح ضحيتها المئات من الضحايا الذين لم يشتركوا او يعلموا بحادثة اطلاق النار على صدام.

كتب الدكتور عصام بيطار: على مدى عقدين من الزمان، اختفى أكثر من مائتي ألف عراقي في سجون صدام حسين دون أثر: قصص انتزاع الأظافر، وتقشير العيون، والإغراق بالدلو، واغتصاب زوجات وبنات السجناء لإجبارهم على الاعتراف بكل ما يحلو له، كلها تملأ المذكرات والشهادات والتقارير السرية التي خرجت من سجون الجحيم تلك. لم يتردد صدام حسين من خداع المجتمع الدولي واستغلال جوع شعبه في تعبئة جيوبه الخاصة، ففي سنة 1999، تم ضبط سفينة محملة بأكثر من ألفي طن من الأرز في طريقها إلى خارج العراق لتصدير تلك المعونات مقابل المال بدلًا من استخدامها لإطعام الشعب العراقي.كما تم العثور على مئات الأطنان من حليب الأطفال الذي تم بيعه للعراق من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء في الأسواق في جميع أنحاء الخليج، مما يدل على أن صدام حسين كان يحرم شعبه من السلع التي هو بأمس الحاجة إليها لتحقيق أرباح غير مشروعة. تسببت سرقات صدام حسين وأعوانه تلك بارتفاع أعداد وفيات الأطفال في العراق لأكثر من الضعف بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية وحليب الأطفال، بينما في ذات الوقت قدرت أرباح صدام حسين وعائلته من المتاجرة بأرزاق شعبه وحياة أطفالهم بأكثر من ستة مليارات دولار سنويًا للفترة الممتدة ما بين 1997 و2003. لقد كان حكم صدام حسين عبارة عن قصة رعب تمتلئ صفحاتها بالتعذيب، والإعدام، والتهجير، والإرهاب، والإبادة بلا محاكمات، والاعتداء، وقطع الرؤوس ميدانيًا، التي نفذت في كثير من الأحيان من قبل عصابة فدائيي صدام الإجرامية التي قادها نجل صدام الأكبر عدي حسين، والذي له سجله الخاص الحافل بالإجرام و السادية والوحشية. ومع كل هذا، يتفاجأ القارئ الواعي حين يرى مقدار الإعجاب والتبجيل والتقديس الذي يصل إلى حد العبودية تجاه هذا المجرم من قبل الكثير من العرب، خصوصًا في مجتمعات بلاد الشام.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here