رسالة الحائري وأية رسالة!؟

علاء كرم الله

لم يكن أحد أن يتوقع هذه النهاية الدراماتيكية لأنتفاضة وثورة الصدر كما يحلوا لأتباعه تسميتها كأننا أمام ( لعبة الحية والدرج التي يعرفها الكثيرين ، فبالوقت الذي كان التيار قاب قوسين وأدنى من تحقيق ما يريد تحقيقه من شعارات ، واذا بحية تبتلع كل ذلك وتعود بالتيار والكثير من العراقيين معه الى بداية مربع اللعبة!)0 مما لا شك فيه أن الخط البياني للتيار الصدري أخذ بالصعود والتوهج منذ أعلان نتائج الأنتخابات الأخيرة التي جرت في 10/10/2021 وفوزه بالعدد الأكبر من المقاعد النيابية (73) مقعد ، وأزداد الخط البياني تألقا وتوهجا وصعودا عندما رفع التيار شعار الثورة والأنتفاضة على الفساد والفاسدين ومحاربة الظلم وعدم السماح بالتدخل بالشأن العراقي بالعبارة الشهيرة ( لا شرقية ولا غربية) ، ومن أية دولة كانت من الدول المجاورة والمحيطة بالعراق ومن الدول الأقليمية ، وأن تكون القرارات عراقية وبأرادة عراقية وطنية وغيرها من الشعارات الوطنية التي تناغمت من مشاعر العراقيين ورغبتهم بالأصلاح والتخلص من كل شكل من أشكال الهيمنة الخارجية 0 ومع مواقف خصومه السياسيين الذين لا يقلون عنه أصرارا وثباتا على مواقفهم وفيما يريدون ، كانت الأزمة السياسية بالعراق تزداد تعقيدا حتى أن الكثير من المتابعين والمحللين السياسيين وجدوا في هذه الأزمة وتعقيداتها وتداعياتها وتفصيلاتها بأنها الأخطر التي يمر بها العراق والعملية السياسية ولربما ستأخذ العراق الى نهايات مجهولة ، قد تجبر المجتمع الدولي للتدخل بالشأن العراقي! 0 وبقدر ما كانت الأزمة السياسية تراوح في مكانها بسبب تمسك الأطراف المتخاصة كل برأيه ، وأذا بالتيار الصدري وزعيمه يخطوا الخطوة الأكبر وهو أحتلال البرلمان وأسقاطه تحت قبضة الثوار! ، وأزداد هياج الثائرين أكثر عندما تزامنت أنتفاظتهم وثورتهم مع شهر محرم وذكرى واقعة الطف الأليمة وقصة أستشهاد الأمام الحسين عليه أفضل السلام ، حيث رأى الثائرين الصدريين وحسب رؤية زعيمهم الصدر بأنه يخطوا خطوات جده الأمام الحسين ويسير على نهجه! ، بأعتبار أن الأمام الحسين خرج للأصلاح والسيد الصدر خرج للأصلاح أيضا! مع الفارق الزمني ، فالأصلاح وأن يحمل عناوين كثيرة ومتعددة ألا أن جوهره واحد وهو أصلاح أمة المسلمين ولا يكون ذلك ألا بالقضاء على الفساد والفاسدين ، ومع كل هذا الهياج الثوري الرهيب الذي أحدث زلزالا كبيرا في العملية السياسية ، ومع ترسخ فكرة التشابه لدى أتباع التيار الصدري بين (الجد والحفيد) في موضوع الأصلاح! ، ألا أن ذلك لم يكن كافيا ليخفي الخوف الكامن في نفوس أتباعه وكذلك لدى الكثير من العراقيين! ، من مزاج القائد الصدر وتراجعه على حين غفلة وعلى حين غرة ، بسبب من مواقف سابقة له! ، فكانت قلوب أتباعه ترتجف خوفا من الردة والانكسار! ، فلا التياريين ولا العراقيين معهم يريدون أن تنتهي ثورة الصدر كما أنتهت أليه ثورة تشرين! ، التي حاربها العالم كله حتى جائحة كورونا وقفت ضدها! 0 ولأن الزعيم الصدري يرى أن ما يقوم به هو ثورة وأنتفاضة من أجل الصلاح والأصلاح ولأنها ثورة وأنتفاضة جماهيرية ، لذا أعطى الضوء الأخضر! ، لأتباعه بالزحف صوب القصر الجمهوري ورئاسة مجلس الوزراء بحشود جماهيرية ، جمعت كل أطياف الشعب العراقي وليس أتباع التيار فقط وبهتافات سلمية وثورية ومسيرات منضبطة ، فلم يعبثوا بأي شيء ولم تمتد يد أحد من الثوار والجماهير ( لتشخط حتى على الحائط)! ، رغم أن هذه ليست عادة العراقيين في مثل هكذا مواقف!! 0 ومع تعنت المحكمة الأتحادية بعدم أصدارها قرارا بحل البرلمان والذي كان هو المطلب الرئيسي والجوهري للتيار ، توقع الكثير من المحللين والمراقبين أن يقدم الزعيم الصدر على الخطوة والمفاجأة الأكبر وهو السيطرة على الفضائية العراقية للأخبار واذاعة البيان رقم واحد الذي أشتاق أليه غالبية العراقيين!! ، وحقيقة وحسب التسريبات التي كانت تتداولها مواقع التواصل كانت الأمور تسير بهذا الأتجاه فعلا! ، لا سيما وأن الزعيم الصدر لم يره قوة تمنعه من ذلك فالجيش والشرطه كلها معه!! 0 وبعد ما جرى وما حدث وخاصة بعد دخول المنتفضين القصر الجمهوري ومجلس الوزراء، وجد أولي الأمر بالشأن العراقي! ، أن ناقوس الخطر بدأ يدق بجدية وبشدة ولا بد من العمل بسرعة من أجل تدارك الموقف خوفا من أنفلات الأمور أكثر وخروجها عن السيطرة! ، بعد أن فشلت كل محاولات الحوار والتحاور مع السيد الصدر وأصراره وتمسكه بمطالبه الوطنية والمشروعة والتي هي مطالب الجماهير التي خرجت معه وهتفت له! 0 عند ذاك تفاجأ العالم كله وليس زعيم التيار وأتباعه فحسب برسالة الحائري! ، التي نزلت وكأنها الصاعقة والتي أوقفت زحف الجماهيرالهادرة والتي كانت قاب قوسين وأدنى من تحقيق حلم النصر!، فقد أجبرت الرسالة الزعيم الصدر لا أن يتراجع فحسب بل أجبرته على الأستقالة وأعتزال العمل السياسي!؟ تاركا الجماهير الثائرة الى المجهول والفوضى! 0 أقول حقا أن للسياسة فنها ورجالاتها ، وهذا ما لا يعرفه ويعلمه حتى الصدر نفسه! ، فالرسالة أنهت كل شيء في لحظة ، وكأن الطير وقفت على رؤوس الجميع! ، بل وكأن شيء لم يكن ويحدث كل هذه الشهور التي مرت! وبالتالي، كأنك يابو زيد ما غزيت! 0 الأمر الخطير الذي أحدثته الرسالة ، أنها لم تجهض حلم التياريين فحسب ، بل أحدثت أنقساما كبيرا وتصدعا خطيرا في صفوفهم! ، فهي بقدر ما كسرت زعيم التيار نفسيا! ، كذلك أفقدته السيطرة على أعصابه ، حيث بدا ذلك واضحا في خطابه المتشنج والقاسي والذي عّنف فيه أتباعه ومريديه من التيار! ، كما أن الرسالة أثارت القيل والقال واللغط الكبير والكثير في صفوف التيار! ، ويذهب البعض من المحللين الى أبعد من ذلك ، بأن السيد الصدر بموقفه الذي أقدم عليه خسر الكثير من أتباعه ومريديه ومحبيه! ، فأية رسالة هذه التي فعلت كل هذه الأفاعيل!؟0 أنتهت أنتفاضة أو ثورة الصدر وأنتهى معها كل شيء ولكن فات السيد الصدر شيء مهم ، بأن كل ثورة وأنتفاضة أصلاح لتغيير واقع فاسد تحتاج الى دماء حتما! وتاريخ كل الثورات بالعالم يقول ويؤكد ذلك وأولهم ثورة جده الأمام الحسين عليه أفضل السلام الذي شبهه أنتفاضته بها!0 أخيرا نقول : أن أنتفاضة الصدر أججت الكثير من المشاعر لدى العراقيين، وأن جمرها وأن سيخفيه الرماد لبعض الوقت! ، ولكن الأيام القادمة في العراق حبلى بأحداث كثيرة وكبيرة لربما ستعيد أتقاد جمرة النار وتوهجها أكثر!0 اللهم أحفظ العراق وشعبه من كل من يريد به السوء0

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here