لا أعتقد بوجود إنسان يُمكن أن يتّخذ الأجراآت الوقائية – المثالية من ناحية الطبابة والغذاء و اللباس و السّكن والحماية والرّفاه وغيرها كما كان مع الملكة الراحلة إليزابيت الثانية؛ لكنها مع كلّ ذلك لم تُخلد, بل لم يصل عمرها لقرن واحد(100عام), فقد وافاها آلأجل يوم أمس الخميس عن عمر بلغ 96 عاماً لذا لا يغرّنكم بآلله الغرور ولا تنسى لقاء الله فهو حتميّ مهما ترقّيت وحصلت على المال وآلمقام أو بلغت الدّرجات العُلى في العِلم و المعرفة أو أكلت الطيّبات والفاكهة و لحوم الطير و مخ العصافير أو شربت ماء الحياة وداويت نفسك بعناية في أفضل مستشفيات العالم مع مراقبين من حولك على الدوام؛ فإن كلّ ذلك لن يدوم .. فلا تنس ذكر الله و التواضع للخلق قبل آلندم لأنك راحل لا محال.
هذا النداء(تّحذير) للمسؤوليين و الرؤوساء و الوزراء و النواب بشكل خاص الذين يضربون الرّواتب و المخصصات و الحمايات و يلعبون بمصير الناس جهلاً و بغير علم لأنّ كلمة واحدة خاطئة من مسؤول تُكلّف الكثير في مساحتها و أبعادها المختلفة المادية و المعنوية و الروحية و البشرية, كلّ هذا لإهمالهم آلحقّ و إبعاد أهله الذين سبقوهم في طريق الخير و منهج السعادة عن مواقعهم, فقرار بسيط خاطئ يُؤدي لعواقب وخيمة لا تُحمد عقباه في الدنيا وآلآخرة للأسف, فإعلموا بأنّ أية جملة أو لقمة أضافيّة أو قدح عصير أو حتى ماء إضافيّة في بيتك حرام و تُعتبر مسروقة من دماء الفقراء و الناس ناهيك عن الأموال و الرّواتب والقصور الحرام التي تُسرق وتعلو بلا خجل من الله و رسوله و ألأئمة و المؤمنين وحولهم الفقراء يكابدون و يدعون عليكم بآلعذاب و العقاب و الزوال, و لو يطبق حديث : [حُبّ لأخيك ما تُحبّ لنفسك], أو واحدة من الأحاديث التي وردت في الهامش لهانت كلّ الأمور ولما بقي فقير أو مشكلة كبيرة والله .. لكن مَنْ مِنَ آلمسؤولين يؤمن بها و يطبّقها بعد ما إمتلأت بطونهم بالحرام؟
حكمة كونيّة ؛ يقول الأمام عليّ(ع) : [ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني].
و قد وردت أحاديث كثيرة بهذا الشأن بأوجه مختلفة كما في الهامش(1):
فهل تلك الصفات و الاحكام أو أقل منها تنطبق على أعضاء الأحزاب الحاملة لإسم الله و المدعين و المليشيات التي تدعي رفعها لراية الحقّ و الجّهاد في سبيل الأنسانيّة خصوصاً للأهل والجيران !؟ أم وقع العكس بإنتهاء العلاقات الكونية وإستبدالها بآلعلاقات الماديّة.
ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ورد عن رسول الله(ص) : [ما أقرّ بي مَنْ بات شبعاً و جاره جائع], و في رواية أخرى : [ما أقرّ بي من بات شبعاً و جاره المسلم جائع], المصدر : أمالي الطوسي: ٥٢٠ / ١١٤٥.
– عنه (ص) : [من منع لماعون جاره؛ منعه الله خيره يوم القيامة، و وكله إلى نفسه، و من وكله إلى نفسه فما أسوأ حاله], ألمصدر : أمالي الصدوق: ٣٤٩ / ١.
– عنه (ص): [ليس بالمؤمن الذي يبيت شبعان وجاره جائع إلى جنبه], ألمصدر : كنز العمال: ٢٤٩٢٩، مستدرك الوسائل: ٨ / ٤٢٩ / ٩٨٩٧.
– عنه (ص): [ما آمن بي من بات شبعان و جاره طاوياً، ما آمن بي من بات كاسياً وجاره عارياً] : مستدرك الوسائل: ٨ / ٤٢٩ / ٩٨٩٧.
– ألإمام الباقر (ع): قال رسول الله (ص) : [ما آمن بي من بات شبعان و جاره جائع قال: و ما من أهل قرية يبيت و فيهم جائع ينظر الله إليهم يوم القيامة], المصدر : الكافي: ٢ / ٦٦٨ / ١٤. (انظر) كذلك وسائل الشيعة: 8 / 490 باب 88.
– رسول الله (ص) – لأصحابه : [ما آمن بالله و اليوم الآخر من بات شبعاناً و جاره جائع، فقلنا: هلكنا يا رسول الله، فقال: من فضل طعامكم و من فضل تمركم و ورقكم و خلقكم و خرقكم، تطفئون بها غضب الرب], المصدر : البحار: ٧٧ / ١٩١ / ١١.
– حق الجار – الإمام زين العابدين (ع) : [أمّا حق جارك فحفظه غائبا، و إكرامه شاهداً، و نصرته إذا كان مظلوماً، و لا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوءاً سترته عليه، و إن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، و لا تسلمه عند شديدة، و تقيل عثرته، و تغفر ذنبه، و تعاشره معاشرة كريمة], المصدر : الخصال: ٥٦٩.
– رسول الله (ص), في حقوق الجار : [إن استغاثك أغثته، و إن استقرضك أقرضته، و إن افتقر عدت عليه، و إن أصابته مصيبة عزيته، و إن أصابه خير هنّأته، و إن مرض عدتّه، و إن مات اتبعت جنازته، و لا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، و إذا اشتريت فاكهة فأهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سراً، و لا تخرج بها ولدك تغيظ بها ولده، و لا تؤذه بريح قدرك إلا أن تغرف له منها], ألمصدر : مسكن الفؤاد: ص ١٠٥.
– حد الجار – الإمام علي (ع) : [حريم المسجد أربعون ذراعا، و الجوار أربعون داراً من أربعة جوانبها], ألمصدر:ألخصال: ٥٤٤ / 20.
– رسول الله (ص) : [أربعون داراً جار], المصدر : كنز العمال: 24892.. (انظر) وسائل الشيعة: 8 / 491 باب 90.
و الحديث الأخير يكفي لو طبق لئن تصبح جميع البلاد و العالم جيران و أصدقاء بآلتوالي, فهل المسلمون – ناهيك عن عامة الناس – يطبقون هذا الحديث حتى و لو جزءاً منه ليكون مسلمين على الأقل!!؟؟
فكيف يمكننا أن نكون صالحين ناهيك عن مؤمنين أو عرفاء و علماء!؟
و هل هذا البيان يوضح بدقة قضية عدم ظهور الأمام المعصوم (ع) في هذا العصر و في كل العصور, أم يحتاج للمزيد!!؟؟
ألعارف الحكيم.