لندن -واشنطن -موسكو – باريس – روما
وعد الملك تشارلز الثالث الجمعة، في أول كلمة له كملك، بخدمة البريطانيين طوال حياته، مستعيدا الالتزام الذي قطعته والدته الملكة الراحلة اليزابيث الثانية على نفسها في عيد ميلادها الحادي والعشرين.
وقال تشارلز «أجدد أمامكم هذا الالتزام بالخدمة طوال حياتي»، مشيدا ب»حياة الخدمة» التي عاشتها والدته التي توفيت الخميس عن 96 عاما، وب»محبتها للتقاليد» و»تمسكها بالتقدم»، فضلا عن «عاطفتها وظرفها».
وفي كلمة متلفزة من قصر باكينغهام الذي وصل اليه بعد الظهر، وصف الملكة الراحلة التي حكمت طوال سبعين عاما بأنها «مصدر إلهام ومثال» بالنسبة اليه والى عائلته.
وأضاف «كما فعلت الملكة بتفان راسخ، التزم بدوري الآن، طوال الوقت المتبقي الذي يمنحني اياه الله، بالدفاع عن المبادىء الدستورية التي هي في صلب أمتنا».
وأعلن تشارلز أن نجله الأكبر وليام سيصبح أمير ويلز، مضيفا «أود ايضا أن اعرب عن محبتي لهاري و(زوجته) ميغن في وقت يواصلان بناء حياتهما في الخارج»، علما بأن العلاقات مع نجله الأصغر تدهورت في شكل ملحوظ.
ووصل هاري بمفرده الخميس، في رحلة تجارية، الى بالمورال بعد إعلان وفاة الملكة، في حين نقل سلاح الجو الملكي أفرادا آخرين في العائلة الملكية وبينهم شقيقه وليام الى اسكتلندا.
وعن زوجته كاميلا قال «أعلم أنها ستفي بمتطلبات دورها الجديد بتفان راسخ أعوّل عليه كثيرا».
وقال الملك الجديد أيضا «ولأمي الحبيبة، في وقت تبدأين رحلتك الكبرى الأخيرة للانضمام الى والدي الراحل الغالي، أريد أن اقول هذا فقط: شكرا».
وتوحّد الزعماء والقادة من كلّ ركن من أركان العالم في مواقف وكلمات تكريماً للملكة إليزابيث الثانية، بعد وفاتها في منزلها الاسكتلندي في عمر ناهز 96 عاماً.
وقال الرئيس الروسي بوتين الذي يناصب العداء بريطانيا بسبب حرب اوكرانيا ان الملكة كانت سلطة عالمية واعرب عن اسفه لرحيلها فيما قال الكرملين ان بوتين لن يشارك في الحضور في عزاء الملكة.
وفي أول ظهور علني له منذ أصبح ملكا ترجل تشارلز الثالث من سيارته أمام قصر باكينغهام وصافح عشرات الأشخاص في تحية للحشود المجتمعة بعد وفاة والدته الملكة إليزابيث الثانية.
لم تكن هذه المحطة مدرجة في البروتوكول المرسوم فيما أعربت الحشود عن فرحتها بالملك الجديد بعدما بكت رحيل إليزابيث الثانية التي توفيت الخميس. ورددت على مسامع تشارلز عبارات مثل «نحبك الملك تشارلز» فيما صدحت صيحات تأييد وعلا التصفيق.
خصت الجموع الملك الجديد باستقبال حار فيما شعبيته أقل بكثير من شعبية والدته التي كانت محبوبة جدا.
وصافح تشارلز الثالث الذي ارتدى بزة سوداء عشرات الأشخاص الذين ارتسمت البسمة على شفاههم. وطبعت امرأة قبلة على وجنته. وغنى البعض النشيد الوطني. ورد الملك خصوصا بكلمة «شكرا». وقد لوح بيده للأشخاص الذين كانوا يقفون على مسافة أبعد.
وسار بمحاذاة الحشود المجتمعة وراء حواجز حديد، عشرات الأمتار. وتظهر مشاهد صورت من مروحية آلاف الأشخاص المحتشدين أمام قصر باكينغهام ليشهدوا هذا الحدث التاريخي.
مع زوجته كاميلا التي ارتدت فستانا أسود اطلع على مئات باقات الزهر التي وضعت منذ الخميس أمام سور القصر. وللمرة الأولى بصفته ملكا عبر بوابات قصر باكينغهام جنبا إلى جنب مع زوجته في الباحة قبل أن يدخل المبنى المهيب.
- «علينا أن نحبه» -
وقالت الاستاذة الجامعية ابوفيا أوثيوني وهي تبتسم «رأيت أعلى رأسه. لم أكن أتوقع ذلك. كنت قد وضعت باقة من الزهر للتو». وأضافت «كان من الجيد رؤية تشارلز ملكنا المقبل وكاميلا أيضا. ربما تكون فرصة فريدة في حياة الشخص».
وقال ستيفن جونسون وهو متطوع يهتم بمشردين ويبلغ السادسة والخمسين إنه «متأثر وخائف. يخالجني الشعور نفسه الذي شعرت به عندما توفيت ديانا (زوجة تشارلز الأولى ووالدة الأميرين وليام وهاري). لا زلت احاول أن أكوّن فكرة عن الملك تشارلز الثالث».
وأضاف وهو واقف أمام سور باكينغهام حاملا العلم البريطاني وصورة الملكة الراحلة «سيتوج على الأرجح العام المقبل في سن الرابعة والسبعين. بعد عشر أو عشرين عاما سنشهد مراسم تتويج جديدة. هو ملكنا الآن علينا أن نحبه لكن ذكرى ديانا لا تزال راسخة. فقبل شهر احيينا الذكرى الخامسة والعشرين لوفاتها».
ووصل تشارلز الثالث إلى لندن من قصر بالمورال في اسكتلندا حيث توفيت الملكة بعد ظهر الخميس. وبعدما حطت طائرته في لندن استقل سيارة للوصول إلى القصر.
وسيسجل تشارلز في قاعة «بلو دروينغ روم» في باكينغهام أول كلمة له كملك على أن تبث عند الساعة 18,00 بالتوقيت المحلي (الساعة 17,00 ت غ). وستلتقط صورة رسمية خلال التسجيل. وسيعلن تشارلز الثالث ملكا رسميا صباح السبت. تدفّق التكريم من البلدان التي حكمتها الملكة الراحلة إلى تلك التي كانت في حالة حرب معها، ومن الدول الصغيرة إلى أقوى الحكومات على هذا الكوكب، ومن المؤسسات التي تمتدّ لقرون إلى الدول التي لم تكن قد ظهرت بعد عندما تولّت العرش. وعبرت بلدان عن احترامها للملكة الراحلة، من دقيقة صمت في الأمم المتحدة إلى إطفاء أنوار برج إيفل وتنكيس العلم غلى منتصف السارية فوق البيت الأبيض وخطوات أخرى في في سلطنة عمان والبرازيل حيث أعلنت ايام حداد أو الأردن وكوبا…
في ما يلي بعض الكلمات التي قيلت عن الملكة إليزابيث التي حكمت المملكة المتحدة منذ العام 1952 وكانت أيضاً رئيسة لـ15 من دول الكومنولث حول العالم.
قاد الكومنولث اتحاد الدول التي كانت في السابق جزءاً من الإمبراطورية البريطانية بالإضافة إلى أقاليم ما وراء البحار المتبقية، التكريم العالمي.
ومهّدت منطقة جنوب آسيا حيث كانت بريطانيا القوة الاستعمارية حتى ما قبل عهد إليزابيث مباشرة، الطريق إذ أعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن «ألمه» لوفاتها.
في نصف الكرة الجنوبي، قال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا إنّ «حياة الملكة وذكراها ستبقيان محفورتين في الذاكرة عبر العالم»، بينما أشاد الرئيس الكيني المنتخب ويليام روتو بقيادتها «الممتازة» للكومنولث.
بقية الخبر علي الموقع
كذلك، أشاد رئيس وزراء أستراليا أنتوني ألبانيز بـ»نزاهة لا حدود لها» لدى الملكة إليزابيث، متحدّثا عن «نهاية زمن» برحيلها.
في الجهة الأخرى من العالم، أكد رئيس وزراء كندا جاستن ترودو أنّ إليزابيث الثانية التي كانت رئيسة للدولة الكندية كملكة، شكّلت «حضوراً دائماً» في حياة الكنديين و»ستبقى إلى الأبد جزءاً مهمّاً من تاريخ بلدنا». كذلك، كرّم أصغر أعضاء الكومنولث الملكة، حيث أشاد ديفيد بيرت رئيس وزراء إقليم برمودا البريطاني الصغير، بـ»حياتها المليئة بالواجبات غير المنقوصة».
قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنّ إليزابيث الثانية كانت أول ملكة بريطانية تقيم علاقات شخصية مع الشعب في جميع أنحاء العالم، في الوقت الذي أمر فيه بتنكيس الأعلام في البيت الأبيض والمباني الحكومية.
وأشار إلى إنّ الملكة الراحلة كانت «امرأة دولة ذات وقار وثبات لا مثيل لهما»، مضيفاً أنّها «كانت أكثر من ملكة. لقد جسّدت حقبة».
أرسل آخرون ممّن تبنّوا موقفاً أقل ودية تجاه بريطانيا تعازيهم أيضاً.
فقد قدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه إلى الملك تشارلز الثالث، متمنّياً له «الشجاعة والصمود» بعد وفاة والدته، وذلك في الوقت الذي تقود فيه بريطانيا الحملة الغربية لفرض العقوبات على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا.
كذلك، أعرب الرئيس الصيني شي جينبينغ عن «تعاطفه الصادق مع بريطانيا حكومة وشعباً».
من جهتها، أشادت ألمانيا التي تحوّلت في عهد الملكة من ألد أعداء بريطانيا إلى حليف قوي، بإليزابيث الثانية باعتبارها «رمز المصالحة» بين حربين عالميتين.
وقال المستشار أولاف شولتس «التزامها بالمصالحة الألمانية-البريطانية بعد أهوال الحرب العالمية الثانية سيبقى غير منسي».
وردّد رئسي الحكومة اليابانية فوميو كيشيدا هذا الإحساس. وقال «لعبت دوراً مهمّاً في خلق عالم سلام وازدهار»، مضيفاً أنّ وفاة الملكة كانت «خسارة كبيرة» للمجتمع الدولي.
وأعربت الأرجنتين، التي خسرت حرباً مريرة مع بريطانيا على جزر فوكلاند في العام 1982، عن «حزنها» لوفاة إليزابيث. وقالت الحكومة في بيان مقتضب صادر عن وزارة الخارجية، إنها «ترافق الشعب البريطاني وعائلتها في لحظة الحزن هذه».
في الأمم المتحدة، التزم مجلس الأمن دقيقة صمت.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّ الملكة «كانت موضع تقدير كبير لما تمتّعت به من فضيلة ونعمة وتفان حول العالم. لقد كان حضورها مثيراً للطمأنينة على مدى عقود من التغيير الكبير».
- البابا يصلّي -
في الفاتيكان، أعرب البابا فرنسيس عن «حزنه العميق» لرحيل الملكة، مشيراً إلى أنّه يصلّي لها ولنجلها تشارلز الذي خلفها ملكاً.
أعرب قادة الاتحاد الأوروبي عن أسفهم لوفاة الملكة التي كانت رئيسة دولة بريطانيا طوال عضويتها في الاتحاد الأوروبي وحتى مغادرتها في نهاية المطاف.وأشاد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بالملكة، معتبراً أنّ الراحلة التي وصفها بـ»إليزابيث الصامدة» كانت تجسّد «أهمية القيم الثابتة».
أشاد ملك بلجيكا فيليب الذي تربطه صلة عائلية وثيقة بالطبقة الأرستقراطية البريطانية، ب»ملكة استثنائية طبعت التاريخ بعمق»، وأثبتت «وقاراً وشجاعة وتفانياً طوال فترة حكمها».
ووصفها ملك السويد كارل غوستاف السادس عشر بأنها «صديقة جيدة لعائلتي ورابط لتاريخ عائلتنا المشترك».
من جهته، قال ملك إسبانيا فيليب السادس إنها «كتبت أهم فصول التاريخ».وأشار الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز إلى أنّ «جلالة الملكة كانت نموذجاً للقيادة سيُخلّد في… التاريخ
وصف الرئيس الإيرلندي مايكل د. هيغينز الملكة بأنها «كانت «صديقة مميزة لإيرلندا»، معتبراً أنّ «تأثيرها كان كبيراً على أواصر التفاهم المتبادل» بين الشعبين.
أما نيكولا ستورجون رئيسة وزراء اسكتلندا التي تؤيّد استقلال بلادها عن بقية المملكة المتحدة، فقد قالت إنّ رحيل إليزابيث الثانية «لحظة حزينة بالنسبة إلى المملكة المتّحدة ومنظمة الكومنولث والعالم».
من جهته، أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ»صديقة لفرنسا وملكة للقلوب» طبعت «بلادها والقرن».
كما أعلن قصر الإليزيه أنّ ماكرون سيتوجّه إلى السفارة البريطانية في باريس صباح الجمعة للتوقيع على سجل التعازي.
– الزمان
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط