لماذا نحن العراقيين لا يريد بعضنا خيرا لبعض آخر ؟..

بقلم مهدي قاسم

و قد خطر على بالي هذا السؤال في سياق قراءتي منذ أيام سيلا فيس بوكيا من منشورات إساءة و تسقيط و تحقير بحق المطرب العراقي كاظم الساهر على أثر لقائه التلفزيوني في إحدى القنوات التلفزيونية المصرية ،كأنما هذا اللقاء التلفزيوني قد ذكّر هؤلاء البعض فجأة بوجود كاظم الساهر إنسانا ومطربا فأخذوا بالتنكيل به هتكا و فتكا !!..
بينما الإنسان السوي ذي قلب نقي وطيب يُفترض به أن يعتز بمطرب أو فنان من أبناء بلده له كل هذه الشهرة الواسعة من نشاط فني كبير ومعتبر رصين ، و ليس في بلده فقط إنما في جميع البلدان العربية ، حيث يذكرونه أينما حل و هل بصفته :
ــــ المطرب العراقي كاظم الساهر فحسب .. وليس المطرب كاظم الساهر ” السني أو الشيعي أو الكوردي أم المسيحي ” ..
أتذكر إن الفنان وعازف العود العراقي نصير الشمة قد تعرض هو الآخر إلى نفس حملات مماثلة من تنكيل و تسقيط مشابهة قبل سنوات بتهم البعثية و غير ذلك ..
و بعض مأخذ هؤلاء المتحاملين على المطرب كاظم الساهر تقوم على أنه لا يغني لبلده .. لا يساعد بلده .. لا يعمل كذا من أجل بلده .. حتى بعضهم كتب بأنه لم يساعد في محاربة داعش !!..
ولكن أسوأ شيء فعله في نظر هؤلاء ، هو أنه طلق زوجته !!..
كأنما في العراق لا تحدث سنويا مئات آلاف من حالات طلاق ــ حسب بيانات المحاكم المدنية للقضاء العراقي ..
طيب .. على الأقل .. اكتبوا نشيدا وطنيا يكون مقبولا من قبل جميع الأطراف العراقية ، لكي يلحّنه كاظم الساهر و من ثم يُغنيه منشدا ومحتفيا بإنجازات بلده العظيمة !!..
ولكن يبدو إن هؤلاء و أولئك قد نسوا أن مهمة الفلاح ، حصريا ، أن يزرع و يحصد ، و مهمة العامل حصريا أن يعمل و ينتج في معمل أو مصنع ، و مهمة المعلم يُعلّم و أن يدرّس ، و الموظف الإداري أن ينجز أوراق المراجعين بسرعة ونزاهة ـ و الكنّاس أن ينظف الشوارع و الأرصفة جيدا ، و الطبيب أن يعالج المرضى ، و الصحفي أن يكتب و يصوغ الأحبار ،و الشاعر أن يكتب قصيدة و المطرب أن يغني حصريا و الخ .. الخ ..

بطبيعة الحال أنا لستُ هنا بصدد الدفاع عن المطرب كاظم الساهر ، فهو أصلا ليس بحاجة إلى ذلك قطعا ، لكونه يتمتع بحب و إعجاب ملايين من محبيه في البلدان العربية و غيرها ..
ولكن مشكلة بعض كثير منا ـــ وهي مشكلة مزمنة وعويصة حقا وذات طابع نفساني سقيم ــ أصبح مدمنا على النقد ، ولكن الأسوأ من ذلك أنه لا يريد خيرا لغيره من العراقيين الذين يبدعون و يبتكرون ويشتهرون سواء في بلدهم أو في بلدان العالم الأخرى ، فهناك مئات حالات من هذا القبيل يمكن ذكرها بدون أية مبالغة ..
إلا أن المُحير والمُثير في هذا الأمر أن يكون في بلد فاشل كالعراق ومجتمع اتكالي و عاجز و شبه مشلول كالمجتمع العراقي كل هذه الأعداد الكبيرة والهائلة جدا من “نقاد ” ومنتقدين مِمِن لا يعجبهم أي شيء إطلاقا ، بل بعضهم يستنكف في أن يقوم بأي عمل لكي يكون عضوا نافعا ومفيدا للمجتمع الذي يعيش بين صفوفه ..
يبقى أن أشير أخيرا إلى إنني :
ــ أتحدث هنا عن ظاهرة ملفتة وليس عن شخص محدد بعينه .
فمن هنا الزعل مرفوض والعتب مرفوع ــمثلما يُقال !..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here