اشارات الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر عن القرآن الكريم من سورة الانعام (ح 64)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب فقه الاخلاق للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: التفكر في الخلق: هو من الأمور التي حثَّ عليها القرآن الكريم كثيراً، وهو فقهياً من المستحبات المؤكدة، التي لها آثارٌ وضعيةٌ جليلةٌ ومحمودة. الحثُّ على السير في الأرض والتجول فيها لأجل حصول العبرة منها، كقوله تعالى في سورة الانعام 11 “قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ”.

جاء في كتاب أضواء على ثورة الحسين لسماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: إن في القرآن الكريم موارد استعملت فيه الأداة (ليت) فيما هو ممكن وليس بمستحيل . وظاهر القرآن حجة على كل من يناقش في ذلك، بل حتى ما يبدو مستحيلاً من الاستعمالات كقوله تعالى “يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا” (الانعام 27) . ونحوها انما تكون مستحيلة باعتبار النظام الالهي للخلق، لا باعتبار قدرة الله على انجاز ما يتمنونه إلا أنه لا ينجزه لانهم لا يستحقون ذلك. ومحل الشاهد من كل ذلك : أن التمني للمكن أمر ممكن . فإذا عرفنا ان المعّية المعنوية مع اصحاب الحسين عليه السلام أمر ممكن في اي مكان وزمان، لأنها تعبر عن المعية القلبية والفكرية، وهي المعّية الاهم والالزم. فإذا كانت ممكنة كان تمنيها ممكناً. ويمكن ان يقصدها الفرد حين يقول: يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً. والحق أن المعية المعنوية توجب الفوز العظيم بلا اشكال. ولكننا يحس ان نلتفت إلى أن هذا التعبير وارد في القرآن عن قول فرد فاسق أو متدني الايمان وقليل اليقين.

في خطبة الجمعة للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: إن الله تعالى لا يمكن أن يلاقيه احد لأنه لا تحده الازمنة ولا الامكنة ولا الجهات وليس من قبيل الاجسام لكي تصح معه المقابلة والاجتماع اذن فما المقصود بلقاء الله سبحانه وتعالى ؟ ومن الملاحظ ان لقاء الله تعالى منصوص في عدد من ايات القرآن الكريم ومنهي بشدة عن تكذيبه كقوله تعالى : “قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ” (الانعام 31) الى غير ذلك من الايات الكريمات. ومن الواضح عقلا ومتشرعيا أن الله تعالى يستحيل لقائه باللقاء المادي كما هو معلوم من معلوم العقائد الاسلامية ولكن يمكن حمل هذه النصوص وأمثالها على معان اخرى محتملة وممكنة بل متعينة لاستحالة اللقاء المادي بطبيعة الحال: اولا : ان المراد بلقاء الله يوم القيامة كما هو التفسير المشهور بقرينة أنه حصل التعبير في اية اخرى بلقاء الاخرة فيراد من لقاء الله لقاء الاخرة الذي هو يوم القيامة. ثانيا : أن المراد تقدير مضاف يعني لقاء رحمته لقاء الله يعني لقاء رحمة الله او لقاء حسابه او لقاء عقابه ونحو ذلك. ثالثا : أن المراد تقدير مضاف بنحو آخر، يعني لقاء اولياءه، لقاء الله يعني لقاء اولياء الله او من يمثله باللغة الحديثة اذا تكلمنا في اللغة الحديثة كالملائكة والمعصومين عليهم السلام. رابعا : ان المراد الإشارة الى حالة نفسية اعتبارية ناشئة من الاعتقاد والتأكيد على أن الله تعالى يرى عبده في كل مكان وزمان فهو بين يدي الله فالعبد بين يدي الله وامامه في حسناته وفي سيئاته وفي صلاته وفي كل حال فان لم تكن تراه فهو يراك) ومن جملة ذلك أنه في الصلاة بين يدي الله وهذا وارد في الروايات وفي يوم القيامة أيضا بين يدي الله وفي حال الحساب والعقاب. خامسا : اننا وان لم نكن نشعر بلقائه فهو جل جلاله يشعر بلقائنا. سادسا : ان اللقاء المادي وإن كان متعذرا ومستحيلا فإن اللقاء المعنوي أو الروحي ببعض مراتبه ممكن كما قال أمير المؤمنين سلام الله عليه في بعض خطبه ما مضمونه: (فإنه لا تراه الأبصار ولكن تراه القلوب بحقائق الإيمان فيكون اللقاء مع الله تعالى بهذا المستوى الرفيع).

جاء في كتاب منة المنان للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: أننا لو تأملنا مخلوقات الله تعالى في هذا الكون وجدناه مشحونا بالذوق الجمالي سواء من الناحية البصرية والسمعية أو اللمس أو الناحية العقلية أو النفسية أو غيرها كشكل الورد وأجنحة الفراش وأصوات العصافير والجمال البشري أو تناسق أوراق النبات وغير ذلك كثير ومن موارد وجود الذوق التكويني هو الذوق الفني والأدبي في القرآن الكريم ولا ينبغي أن نقترح على الله أي شيء في هذا الصدد لأن أي تغير فيه سيخل بهذا الذوق وسيخرج السياق القرآني عن هذا الجمال والهيبة والرصانة والتناسق بين نهايات الآيات له حصة من الذوق ولو كان الكلام منثورا تماما لما اتخذ سياقا من هذا القبيل فنهايات التي لها معنى خاص بها لا يمكن أن نسميه سجعا وأما نسميه نسقا لان السجع فيه نقطتان للضعف لا تنطبقان على القرآن الكريم. أولهما: أن سمعته غير جيدة بين الناس مثل قوله سجع كسجع الكهان، ولا ينبغي أن ننسب إلى القرآن ما نكره. ثانيهما: أن هناك فرق بين السجع والنسق القرآني . فإن نهايات الآيات في كثير من الاحيان لا تنتهي بحرف واحد , بل بأكثر من حرف , كما قد يكون المتناسق فيها هو الروي وهو الحرف الأسبق على الأخير . في حين أن السجع مشروط فيه تماثل الحروف الأخيرة ذاتا وصفة أي سكون كما في القوافي الشعرية تماماً. نعم , لا نعدم من بعض السور , ما يكون من قبيل السجع , أو أنه متصف بصفاته , مصداق لقوله تعالى : “مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ” (الأنعام 38) كسورة الناس وعامة اللآيات في سورة محمد وسورة قاف.الا أننا مع ذلك يمكننا أن نسميه تناسقا أو نسقا لا أن نسميه سجعا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here