باسل عباس خضير
ضحايا الوركاء ، هم مجموعة من المواطنين العراقيين الذين وثقوا بالقطاع المصرفي الأهلي فأودعوا أموالهم في مصرف الوركاء وهو مصرف معروف ولع العديد من الفروع في بغداد والمحافظات وخارج العراق ومجاز رسميا من البنك المركزي العراقي ، وإيداعاتهم متنوعة بالدينار العراقي او الدولار وبالحسابات الجارية والتوفير وهم لم يرتكبوا خطئا ما لأنهم لم يبحثون عن المقامرة او المخاطرة بأموالهم فكل ما فعلوه إنهم تعاملوا مع هذا المصرف باعتباره مصدرا للثقة ويمارس أعماله ضمن الأطر الرسمية وبشكل مشروع ، والحفاظ على ملكيتهم حق كفله دستور العراق لعام 2005 واستنادا للمادة 23 \ أولاً ( الملكية الخاصة مصونة ويحق للمالك الانتفاع بها واستغلالها والتصرف بها في حدود القانون ) ، ورغم إن تعاملاتهم السابقة مع المصرف أنجزت بشكل طبيعي واستمرت لسنين إلا إنهم تفاجئوا بقرار من المصرف بإيقاف سحب ما أودعوه كلا او جزءا ، واعتقدوا إن ذلك حدثا عابرا ويستمر لأيام لأغراض الجرد او التدقيق او غيرها من الأمور التنظيمية ، الاان الأمر تجاوز حدوده المعقولة لأنه امتد بشكل متواصل منذ عام 2010 ولحد اليوم ، وخلال أل 12 عام لم يترك المودعون بابا إلا وطرقوه فتظلموا لدى إدارة المصرف ولم يجدوا غير الوعود والمواعيد التي لم تعالج مشكلتهم قط كما راجعوا البنك المركزي العراقي باعتباره الجهة القطاعية المسؤولة عن هكذا مواضيع وأعلموهم بان الحل قريب ومضمون لان الوصاية فرضت على البنك ولم يجد المودعين سوى إجراءات لم تعيد لهم شيء ، كما طرق البعض أبواب القضاء الذي اصدر قرارات ملزمة تقضي بإلزام المصرف بتأدية ما عليه ولكن المصرف يتنصل عن الاستجابة لتلك القرارات تحت ذريعة انه بحالة عسر والعسر غير مقبول لان أموالهم أودعت نقدا في الفروع ، ومن باب الاضطرار وللتعبير عن الحقوق فقد نظم المودعون وقفات احتجاج عفوية أمام إدارة الوركاء وأمام بناية البنك المركزي وطرقوا أبواب المسؤولين والنواب والإعلام ولم يجدوا إلا إجابات باهتة عقيمة الجدوى ، خلاصتها بان الحقوق ستعاد لأهلها بعد إعادة تأهيل المصرف ومعاودة أعماله من جديد وهي قضية اقرب للتخدير والخداع بدليل إن القضية بدأت منذ 12 عام ولم تعالج لحد اليوم .
لقد واجه المودعون طيلة ال12 عام العديد من المواقف الاقتصادية والإنسانية الحرجة ففي قناعتهم إن البنوك وجدت لحفظ أمانات الناس التي تعبوا بها في حياتهم ولم يتخيلوا بان تتعرض الأمانة للخيانة من قبل مصرف معتبر و معروف ، وبسبب ذلك فقدوا كثيرا من القدرات الشرائية لأموالهم نتيجة التضخم الذي تشهده البلاد والمعزز بإحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء ، كما إن بعضهم انتقل إلى رحمة الله او إن المصرف تسبب لهم بمآسي فهناك من كان ينوي الزواج وتبخرت أحلامه لأنه فقد المال اللازم للزواج والبعض الآخر كانت لديه خطط بشراء دار سكن بالأموال المودعة واليوم تضاعفت أسعار العقارات إلى خمسة أضعاف على الأقل ، والبعض الاخر فقد الزوجة او الابن او البنت لأنه لم يجد المال للعلاج فأمواله محبوسة في الوركاء لذنب لم يرتكبه قط ، كما إن المودعين من الصناعيين والتجار ورجال الأعمال تعرضت أعمالهم للتوقف او الإفلاس لان رؤوس أموالهم أودعت في هذا المصرف الناكل في الإيفاء بواجبه في إعادة الأموال ، والمودعين الذين يبلغ عددهم بالمئات او أكثر أصبحت لديهم قصص مؤلمة وغاية في الحرج فمنهم تعرض للتوقيف او مقاضاتهم لعجزهم عن الإيفاء بالتزاماتهم جراء ممانعة المصرف عن سحب الأموال الذي لم تعالجه جهة من الجهات ، والعجيب إن هذا الموضوع تعلم به الحكومات الأربعة التي أدارة البلاد منذ 12 عام ، كما انه بعلم محافظي البنك المركزي ورابطة المصارف الأهلية وكل الجهات ولكنه لم يعالج ، مما يطرح العديد من علامات السؤال والتعجب والاستفهام عن سر القوة والحصانة التي تتمتع بها إدارة الوركاء فليس من المعقول استعصاء الحلول عن كل الجهات ، والقضية ليست وليدة اليوم ولم يتم السكوت عنها في يوم ما فالمودعون لم ينفكوا عن المطالبة بحقوقهم ولكنهم لم يجدوا غير الوعود والأكاذيب وجهودهم تواجه بصمت مطبق ، والسؤال المشروع هنا ، لو كانت الحالة معكوسة أي لو كان هؤلاء المودعين مدينين للمصرف او الحكومة او البك المركزي ولم يوفوا بالتزامهم طيلة 12 عام فهل سيواجهون بنفس البرود ورد الفعل العقيم ؟.
وما يثير مزيدا من الاستغراب إن قضية الوركاء تتعلق بالمصرف وبإدارته وبالظروف التي تعرفها دوائر البنك المركزي ، أي إنها ليست قضية عجز أصاب البلد كتعرضه لازمات مالية ( لاسمح الله ) كما حصل في بعض دول الجوار التي تعرضت عملاتها للانهيار ، كما إن قضية المصرف تتعلق بالقطاع الخاص أي إنها تتعلق بسبب ومسبب وتقصير وإهمال ولكنا لم نسمع عن تعرض أي من العاملين في المصرف او مجلس الإدارة للتوقيف او التشهير من قبل البرلمان او الرقابة المالية او النزاهة او القضاء ، والقضية لا تتعلق بين دائن او مدين وإنما بين مودعين أبرياء ومصرف شغال لايزال يمارس جانبا من أعمال ولكنه لم يضع معالجات وحلول ، والمودعون ليس لهم شان بتفاصيل وحيثيات الأمور فكل ما يطالبون به هو إرجاع أموالهم التي أودعوها ورفع قيود سحبها منذ أكثر من عقد ، وليس الهدف التلويح او التحريض ولكن ما يخشاه البعض هو أن ينفذ صبر بعض المودعين فيقدمون على أعمال لا إرادية تمس الأمن العام ، بعد أن آخذت بعض وكالات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي تواصل نشرها لمقاطع فيدوية تتضمن ردود أفعال متباينة اتجاه بعض المصارف في لبنان من قبل مودعين يطالبون بإعادة أموالهم المودعة ، ودون الإسهاب في تفاصيل ما يجري هناك فان أزمتهم تختلف عن مودعي الوركاء من حيث الزمن لان عمرها لم يتجاوز عام واحد وأزمة الوركاء تمتد ل12 عام ، وفي الوقت الذي ندعوا فيه للابتعاد عن مثل هذه الأعمال فان مودعي الوركاء يناشدون بأصواتهم العراقية ومن مصدر حقوقهم الشرعية وذات المشروعية القانونية لكي تتدخل الجهات المعنية عاجلا وليس آجلا لإعادة الأموال ، واتخاذ ما تراه مناسبا لما أحدثه التأخير من ضرر ل( ضحايا الوركاء ) التي تعقدت معاناتهم طيلة هذه السنوات ، وما نتمناه هي إجراءات فعلية لإعادة الأموال وليس( السين ) و (السوف) التي صدعت الرؤوس وهجمت البيوت وأزهقت الأرواح .