ألأدارة الفاشلة سبب الجزء الأعظم للفساد:

الأدارة الفاشلة .. زائداً الأميّة الفكرية التي أنتجت مذاهب و ديانات و آيدلوجيات و أحزاب شتى ؛ شيئ مؤسف جداً و هي أمرّ و أتعس من الأحزاب الجاهلية التي ظهرت في صدر الأسلام, حيث ميزت الأحزاب الحاكمة في عراق اليوم بعد حزب الجهل البعثي .. و غيرها من البلاد و هي بآلتالي السبب الرّئيسي لدمار البلاد و العباد .. و قد وصّيت خلال زيارتي الأخيرة للعراق أكثر من قريب و صديق بوجوب القيام بتثقيف الناس عبر المنتديات الفكرية طبقا للفلسفة الكونية لما له من أثر كبير في تطوّر الحياة و تقدمها .. لكني نسيت بأنّ أؤلئك الأصدقاء و المقرّبيين الذين كنت أوصيهم .. هم أنفسهم لا يملكون الثقافة و الفكر الكونيّ ليدركوا أقوالي على الأقل ناهيك عن نشرها بين الناس .. و (فاقد الشيئ لا يعطيه إطلاقاً)!!

من مخلفات ذلك الجهل و الأمية الفكرية و التعنت و الأصرار للحصول على المناصب و الوزرات من قبل الأطراف المتحاصصة و التي تسببت في تعطيل الحياة و الأنتاج في الرئاسات و الوزارات و فقدان السعادة على جميع الأصعدة .. و منها ما حدث و يحدث في (منظومة الطيران العراقي – المدني) و حتى العسكري كما غيرها من مرافق الدولة العاطلة تماماً ..

بحيث يمكنك القول بأنّ الحكومة و مكوناتها و وزاراتها و الرئاسات الاخرى لها عمل واحد حدّدتها لنفسها و هو حساب إيرادات النفط ثم تقسيمها فيما بينهم بحسب قوانين المحاصصة و السلام ..

على كل حال إليكم بعض التفاصيل و الأضواء على محنة الطيران في العراق:

كما يعرف المطلعون فقد تمّ حظر الطيران العراقي كلياً و جزئياً من التحليق في سماء أوروبا و هكذا القارات الأخرى التي أساسا لا تستطيع الطائرات العراقية وصولها لمحدودية محرّكاتها و وقودها .. و هناك شروط للعودة و ممارسة العمل بشكل شبه طبيعي بشرطها و شروطها!

لقد مرّت نحو 7 سنوات على قرار حظر طيران العراقي، و تحديدًا (الخطوط الجوية العراقية) من التحليق في سماء أوروبا و هكذا دول القارات الأخرى، و لم يتمكن العراق إلى الآن من تحقيق الشروط التي تتيح إلغاء ذلك القرار الدولي الذي كان له تأثيرات اقتصاديّة سلبية و إعلامية و سياحية كبيرة على البلاد.

فقد تمّ حظر الطيران العراقي من التحليق في سماء أوروبا نهائيًا قبل 7 أعوام لسوء الأدارة و عدم مراعاة القوانين الدولية بشأن الطيران و الخدمات المقدمة للمسافرين و فقدان الاخلاص في مدراء و كوادر مطار بغداد, فرغم وجود آلاف العمال و الموظفين في المطار و ملاحقها و مكاتبها إلا أنهم نسوا حتى من وضع ختم الدخول على جوازي أثناء دخولي بغداد قبل ثلاثة أشهر, فكلفني بحدود مائتي دولار مع صرف نصف يوم للرجوع إلى المطار و أمضائه و قس على ذلك..

وفي العام 2015م، جرى حظر الطائر الأخضر من الطيران في سماء أوروبا بسبب عدم استيفائها معايير المنظمة الدولية للطيران المدني، ممّا سبب سخطًا كبيرًا في الشارع العراقي، الذي اتهم الجهات الرئاسية و الوزارية و البرلمانية المختصة و المعنية بالتقصير.

و في مطلع شهر حزيران/يونيو من العام 2022، جدّدت وكالة سلامة الطيران الأوربية التأكيد على حظر الخطوط الجوية العراقية في أجوائها، مؤكدة أنه سيستمر لحين تلبية متطلبات التشغيل الآمن من خلال الاستجابة لمتطلبات شهادة مشغل البلد الثالث TCO, حيث تمّ إثبات 230 مخالفة فنية و خدميّة مخالفة على العراق إلى جانب عطل منظومة التبريد في نفس مطار بغداد الدولي, و كذلك فقدان الخدمات الخاصة لذوي الأعاقة, فآلعمال المأجورين معظمهم من بلدان أخرى كآلبنغاليين و هؤلاء إضافة إلى حصولهم على رواتب معينة من الشركات العاملين على ملاكها, تراهم لا يقومون بأية خدمة للمسافرين ما لم تدفع لهم مقدراً من المال و هذه كارثة يعاقب عليها القوانين(آيكا) المتعلقة بآلطيران المدني داخل آلمطارات!

و يبدو أن ذلك الحضر الممتد من القرن الماضي بحسب عامر عبد الجبار وزير النقل الأسبق منذ تسعينيات القرن الماضي قد استمر لغاية العام 2009، فيما رُفع بعد إزالة كافة المخلفات التي أشرنا لها على (الطائر الأخضر). و يشير الوزير عبدالجبار، إلى أن [العراق عاود تسجيل الخروقات منذ العام 2012م فتسبّب بحظر الطيران العراقي من التحليق في سماء أوروبا و غيرها عام 2015م بشكل رسمي و نهائي)، مبيناً أن (المنظمة الدولية للطيران (آيكا) والمنظمات العالمية الأخرى الخاصة بالطيران مثل (إياتا) و(إياسا)؛ أكدت أن سلطة الطيران العراقية والخطوط الجوية لم يلتزما بإجراءات السلامة وغيرها من الضوابط لذا لا يمكن الثقة بها ثانية].

و قد فشل العراق في إعادة رفع الحظر منذ العام 2015م و إلى الآن، رغم مرور 7 سنوات على عودة الحظر الجوي). وتابع بالقول، إن [قرار الحكومة في العام 2018، الخاص بفصل سلطة الطيران المدني عن وزارة النقل بسبب اجتهادات شخصية كانت له آثار سلبية وقعت على قرار رفع الحظر عن العراق كون الوزارة هي الجهة القانونية المعنية بالمخاطبات الرسمية و عقد المعاهدات الدولية، و أصبحت غير قادرة على توجيه سلطة الطيران المدني بحكم قانونية الموضوع].

وكان مجلس الوزراء برئاسة حيدر العبادي في زمانه، قد قرّر في أيار/مايو 2018م، فصل سلطة الطيران عن وزارة النقل و إلحاقها بمجلس الوزراء بشكل مباشر, و هذا القرار زاد الطين بلة كما يقولون, لأن العبادي و مستشاريه و حزبه المنشق لا يملكون وعياً كافياً ولا فلسفة في الحياة ولا أية خبرة فنية أو إدارية أو نزاهة بهذا الشأن, لهذا فشلوا في تدويل الأمر و حلّ مشاكل المطار التي إزادت بمرور الزمن و إمتدت للآن ليخسر العراق الكثير من الأموال و الأرواح و الأزمان بسبب قرار (كلمة أو جملة واحدة) من فم مسؤول جاهل لأنه مسؤول و له منصب عام .. و لا يعرف الطريق ولا يسمح أن تدليه عليه .. و تلك هي مشكلة المتحاصصين(ألرّؤساء خصوصاً) في العراق و في بلادنا, لأن كوادرهم و مختصّيهم غير مؤهلين لمناصبهم و هذه من أهم الأسباب التي تقف حائلاً أمام القرار المنتظر من (هيئة الطيران الدولية – العالمية)!

فكيف يستطيع مثلاً شخصية عسكرية كالسيد العامري أو صولاغ أو ناصر الشبلي أو أبو مريم الأنصاري الذي توفى فيحادث سير قبل أشهر أو السيد الأعرجي – و الأخيران كانا من الأسرى العراقيين في إيران – كيف يمكن لهؤلاء من إدارة دولة أو وزارة و هم لا يعرفون أبسط القواعد الأداريّة و الفنية و التكنولوجية ناهيك عن الأمانة بجانب الكفاءة بهذا الشأن أو ما يتعلق بتنفيذ قوانين المنظمة الدولية للطيران (آيكا) و برنامج التدقيق (اليوسوب) و غيرها, بل و فوق ذلك تراهم قضوا عشرين عاماً بآلقيل و القال و المؤآمرآت بعضهم ضد بعض و للآن منشغلين بذلك بشغف و قوة .. و ما زادتهم تلك المعارك الخاسرة إلا بُعداً عن الهدف .. و ألهدف نفسه مجهول عندهم أيضا .. لكونهم لا يعرفون سوى كلمة واحدة حين تسألهم :
لماذا تريد السلطة و الرئاسة و المنصب؟
أو لماذا تريد أن تحكم و قد فشلت سابقاً!؟

يجيبك على الفور و كآلببغاء لخدمة الناس!؟

لكن و بسبب جهل السائل الذي يقابل و يسأل ذاك المسؤول أيضا و هو إعلامي عادة ما؛ لا يسأل ذلك الرئيس أو المسؤول ذلك السؤول المحوري المطلوب و هو :

[ و كيف تخدم الناس يا سيادة الرئيس أو الوزير أو النائب أو المدير و أنت جاهل .. و بكلّ قرار بل بكل ضربة و راتب و مخصصات و حمايات تقصم ظهر الناس و تسرق أموالهم و جهودهم و أعمارهم و فرص هامة تخدم مستقبل أجيالهم]!؟

خصوا و أنتَ ابها المسؤول لا تساير ولا تتبع أيّ برنامج حكوميّ و اضح لها دلالات و أرقام!؟

و فوق هذا و الأسوء؛ أنك تتبع قرارات حزبك و تنفذ ميوله بحسب مقاسات جيوبكم كحصة لكم لا يحق لأي رئيس آخر التدخل أو المساءلة حولها .. أو تناسبها مع خطط و قرارات و نهج الحكومة و مقررات رئاسة الوزراء أو توصيات البرلمان الذي أعضائه أيضا يفتقدون المؤهلات لفقدانهم الفكر و البرامج و الخطط السنوية .. ناهيك عن الخمسية كما المئوية ؟!!

كل هذا الخراب و الفساد يحدث و بكل بساطة لكون معظمهم لا يدركون : بأنهم ملعونيين بحسب النّص الوارد عن المعصوم نقلاً عن الرسول(ص): [(ما وَلّتْ أمّة أمرها رجلاً قط و فيهم من هو أعلم منه إلّا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتى يرجعوا إلى ما تركوا)], و قد رويت عن مصادر الفريقين و منها بحار الأنوار و كتب الصحاح, و فوق ذلك يوافق العقل و المنطق و العلم الحديث.

المطلوب الفوري الآن بهذا الشأن والبؤرة الحيوية .. هو: تمديد عضوية العراق في مجلس المنظمة العربية للطيران المدني وأطلق برنامج (الإيكا) و المنظمة العالميّة لتدقيق مراقبة السلامة ما يعرف باسم (USOAP) , و هو إعلان و إثبات قدرة الدولة في توفير الرقابة على السلامة من خلال تقييم العناصر الحرجة (CEs) لنظام مراقبة السلامة، والتي تمكن الدولة المعنية من ضمان تنفيذ معايير السلامة ICAO والممارسات الموصى بها (SARPs) والإجراءات المرتبطة بها والمواد التوجيهية الخاصة بسلامة المسارفين داخل المطار بشكل خاص, مع ضمانات لم تعد المنظمة الدولية تثق بها حيال العراق و وضعه الخاص.

وأظهرت وثائق صادرة عن منظمة سلامة الطيران الأوروبية (إياسا)، مطلع العام الجاري، استمرار حظر طيران أكثر من 10 شركات عالمية في الأجواء الأوروبية بينها طائرات الخطوط الجوية العراقية، برفقة طائرات لشركات من فنزويلا وإيران ونيجيريا وأنغولا وأفغانستان وزمبابوي.

من جانبها، ناقشت سلطة الطيران المدني العراقي، في (4 أيار/مايو 2022)، مع المفوضية الأوربية و وكالة سلامة الطيران الأوربية EASA ملف رفع الحظر عن الخطوط الجوية العراقية، فيما دعت الحكومة العراقية على لسان الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي، الشهر الماضي، الاتحاد الأوروبي لأخذ دور إيجابي بشأن رفع الحظر عن الخطوط الجوية العراقية.

و بحسب حديث العديد من المراقبين، لـ”ألترا عراق”، و لسوء الأدارة وفوضى الوزارة ؛ فأن الخطوط الجوية العراقية تكبدت خسائر مالية فادحة عقب قرار حظر الطيران العراقي من التحليق في سماء أوروبا نتيجة لعدم التزامها بمحددات السلامة الدولية ولسنوات عديدة.!

ويكشف المراقبون، عن امتلاك الخطوط الجوية العراقية 31 طائرة مختلفة السعات والطرازات جميعها اشتريت بعد العام 2003م، فيما ينتظر العراق وصول طائرات جديدة من كندا و أمريكا لتقوية الأسطول العراقي المعطل.

وضمن إجراءات العراق لرفع الحظر الجوي هي ؛ زيادة المراقبين الجويين، حيث أكدت وزارة النقل أن (الأجواء العراقية أصبحت تدار بأيادٍ عراقية من قبل 300 مراقب جوي، ما شجع على مرور الطائرات الدولية العابرة، ليبلغ عددها حوالي 800 طائرة يوميًا) فيها إيرادات جيدة ..

وتشير الوزارة إلى أن هذه الطائرات العابرة تسجل وفق نظام لتحقيق دعم إيرادات الدولة، بالإضافة إلى الترانزيت الذي سيكون إضافيًا للخزينة، لافتة إلى أن (العام 2021 شهد عبور 150 طائرة يوميًا).

خلاصة القول في مجال الإدارة الناجحة, هي : يستحيل إدارة مؤسسة صغيرة أو حتى محل صغير أو عائلة ناهيك عن دولة يتحاصص إدارتها عشرات الكتل و الاحزاب التي هي الأخرى تتشعب إلى عدة خطوط و مسارات كل يجرّ النار لقرصه, و لا بد من مدير واحد ناجح و متمكن و كفوء يتعاون معه الجميع لأنجاح إدارة البلد, و بغيرها سيكون الفشل متواصلاً و مكلفاً و مزلزلاً و كما كان للآن و للأسف الشديد؟

و إن أساس حلّ تلك المشاكل الكبيرة في الخطوط الجوية أو أية مؤسسة أو شركة أو وزارة؛ تبدء من خلال التنسيق بين قسم توكيد الجودة في شركة الخطوط الجويّة وقسم السلامة في سلطة الطيران المدني لتطبيق معايير السلامة المطلوبة في تعليمات إصدار شهادة المشغل الجوي AOC الممنوحة للشركة (بجدية وشفافية بعيدًا عن أي تدخل)، وذلك بتطبيق حقيقي للوائح و قوانين ICAO خصوصًا في الملاحق التي تتضمن الآتي:

أولًا: الملحق 1 – ترخيص العاملين.
ثانيًا: الملحق 2 – قواعد الجو.
ثالثًا: الملحق 6 – تشغيل الطائرات.
رابعًا: الملحق 8 – صلاحية الطائرات للطيران.

هذه الملاحق تعتبر مطابقة لإجراءات فحص الأهلية للائحة المعايير (TCO.GEN.115) المطلوبة للحصول على شهادة مشغل البلد الثالث Third Country Operator،
ومن المعروف أن الخطوط الجوية العراقية تأسست بواسطة جمعية الطيران العراقية، حين قرّرت هيئتها الإدارية في (18 أيار/مايو 1938)، استثمار فائض حملة التبرعات الوطنية الشاملة التي أثمرت عن تمكين القوة الجوية العراقية آنذاك من شراء 15 طائرة قاصفة و مقاتلة إيطالية (بريدا وسافوي) و كان الفائض مقداره 23000 دينار عراقي مكّنها من شراء ثلاث طائرات بريطانية (دي هافيلاند دراغون رابيد).
ألعـارف الحــكيـم : عزيز حميد مجيد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here