عملاء و ذيول

بقلم ( كامل سلمان )

الناس اعتادت تداول هذه المفردات( العملاء والذيول) لمن يتعامل مع العدو الاجنبي ويخدمه على حساب الوطن والشعب وتنعته بالعميل والذيل والخائن ، حتى وان كان عمله فيه منفعة احيانا او ان عدوه ليس عدو حقيقي مجرد اتهام ! . ولكي نتعرف بوضوح على من هو العميل ومن هو الذيل علينا ان نضع بعض الضوابط والشواهد ، لكي لا تصبح هذه الاتهامات جزافا لقلقة لسان تنم عن تخلف وضيق في الرؤيا ، ولكي نستطيع رؤية الامور من بعد أخر او من زاوية اخرى ، من السهل جدا ان نتهم احدا بالعمالة او الذيلية ومن الصعب جدا اثبات ذلك ولكن في كل الاحوال ما يهم المواطن ليس ذيلية المسؤول وعمالته بل ما يقدمه لشعبه ، ما قيمة المسؤول اذا كان هو وطنيا مخلصا لكنه فاشلا مدمرا لشعبه ، و ما أعظم المسؤول الذي يتصرف كعميل وذيل لكنه يقدم عطاءا كبيرا لشعبه ويجلب الخير والسعادة لهم . فلننظر الى الواقع ونترك عنتريات الكلام والشعارات الفارغة ، فلو قلنا مثلا اسرائيل ذيل ودولة عميلة لأمريكا فأننا بهذا الكلام اثبتنا سذاجة نظرتنا وعدم رؤيتنا الصحيحة لأن اسرائيل بالحقيقة دولة حليفة ستراتيجية لأمريكا وتحالفها هذا يدر عليها وعلى شعبها الخير والقوة والدعم ، اما العمالة و الذيلية يجب ان تكون لها نتيجة واحدة هي الانعكاس السلبي على الوطن والتأثير السيء على الشعب ، والفائدة تذهب فقط للطرف الاخر ، ، ، دول الخليج تتعامل بوضوح كما نتصورها كذيول وعملاء لأمريكا ، ولكن هل هذه الذيلية خلفت تراجع وتخلف في مجتمعات هذه الدول ؟ اذا كان الجواب لا . فأذا هي سياسة ومصالح لخدمة بلدانهم تقف وراءها عقول كبيرة هي التي تقود البلدان ، ويجب علينا ان ننظر اليها بتقدير واحترام وليس بذيلية وعمالة …. القيادات الكوردية تعمل في الخفاء والعلن بتعاون كبير مع الد عدوين لها هما ايران وتركيا ، والكل يعرف ذلك والشعب الكوردي والمجتمع الدولي يعلم بأن تلك الدولتين هم اعداء للشعب الكوردي. فهل تتعمد القيادات الكوردية هذه العلاقة كنوع من انواع الذيلية او العمالة ؟ طبعا هذه معادلة صعبة جدا استيعابها ، لأن هاتان الدولتان لهما نفوذ قوي في كوردستان ولابد ان يكون هناك مستوى من التعامل يبعد شرورهما ، فهما قادرتان على إيذاء كوردستان بأشكال مختلفة ، ولكن التعامل الذي يكون محصلته النهائية تصب لصالح الشعب الكوردي رغم ظاهره الذيلي و يصب لصالح مسيرة كوردستان نحو المستقبل فهي ليست عمالة او ذيلية كما يحلو للبعض تسميتها ، فقد اجبرت هذه العلاقات هؤلاء الاعداء على المساهمة في بناء كوردستان على مضض بدلا من تخريب كوردستان العزيزة عن عمد ، حتى صارت كوردستان اليوم عروسة الشرق ، إذا هو دهاء سياسي ومصالح قومية وتعامل مع الواقع بحرفية … يا أخواني الذيلية والعمالة هو عداء واضح للوطن وخضوع واضح للعدو وتدمير وتخريب ممنهج للبنى التحتية للبلد خدمة للعدو ، وهذا مالا تفعله القيادات الاسرائيلية ببلدها وشعبها ومالا تفعله القيادات الخليجية ببلدانها وشعوبها ومالا تفعله القيادات الكوردية ببلدها وشعبها وما لم تفعله القيادة اليابانية والكورية والالمانية والبريطانية بشعوبها وبلدانها عندما اقامت قواعد عسكرية في بلدانها وحتى تركيا عندما اقامت قواعد عسكرية امريكية في بلدها بل العكس من ذلك كسبت الخير والقوة لبلدانها. ولكن فعلتها احزاب سياسية وتنظيمات مسلحة في اماكن اخرى بوضح النهار وبكل جرأة ، ، وكذلك لا يصح ان نسمي الاحزاب الدينية والتنظيمات المسلحة في داخل العراق وسوريا واليمن ولبنان والتي تتعامل مع ايران بشكل مباشر بأن هذه التنظيمات والاحزاب ذيول وعملاء طالما لم نلمس منها تخريب متعمد للبلد وطالما هي تدعي وطنيتها ولها مبرراتها بأسلوب عملها ولكن عندما يصبح اسلوب عملها من فشل الى فشل فلا يمكن تبريره بعد ذلك حتى وان كان سبب الفشل هو مخططات الاعداء وقدراتهم الكبيرة على افشال التجربة الفتية لهذه الاحزاب والتآمر من الخارج ، لأن قانون الحياة هو ان الفاشل يجب ان يترك الساحة لغيره ولا يتشبث بها مهما كانت اسباب الفشل لها مبررات واقعية ومقنعة . وهذا ما حصل بالضبط في العراق بعد الانتخابات الاخيرة خلال العام الماضي فالاحزاب الدينية السياسية الفائزة في الانتخابات والتي طالما اتهموها بالذيلية ، لم تكن سوى احزاب فاشلة عجزت عن ايصال البلد الى بر الامان ودخلت في معتركات سياسية فاشلة وفشلها يضع الف علامة استفهام على ولاءها الوطني وعلى آدائها الحكومي ، لأن الفاشل عليه ترك الساحة لغيره ، وانا شخصيا ارفض نعتها ( هذه الاحزاب ) بالعمالة والذيول لأن هذا كلام فيه تطرف وفيه عدوانية وكلام فيه قسوة مفرطة ، فهي احزاب ذات تأريخ وذات قاعدة جماهيرية ، فليس من الانصاف ان تقودنا احقادنا الى هذا المستوى من التنابز ، نعم الفشل صاحبهم منذ اليوم الاول ومازال وقد حان الوقت ليتركوا الساحة لمن هو اكفأ منهم …. للأسف الشديد تعودت ألسنتنا الطعن بسمعة وشرف الاخرين بسرعة دون توفر ادلة قطعية وهذا ما جعل الترابط السياسي المجتمعي عندنا فيه رخاوة وضعف ، فهذه الاتهامات باطلة ولا يجوز تداولها حتى وان كان ظاهر الامر يوحي بذلك …. نحن اكثر المجتمعات تنابزا بالالقاب وبدون ادلة وافضل دليل عندنا هو الظن ولا ننظر الى الاعمال ونتائج الاعمال بل نقيس الامور من خلال الاقوال وما نسمعه من هنا وهناك ، وننسى ان هذا الظن يخلق العداء المجتمعي ويخلق الكراهية غير المبررة ، في الوقت الذي نحن احوج ما نكون فيه الى الوحدة والمحبة .. وحتى العمالة و الذيلية العلنية اذا كانت هدفها الابعد هو تقديم الخير للوطن والشعب فلا يجوز ان نحكم عليها سلبا الى ان نتلمس النتائج ودائما الزمن كفيل بكشف الخفايا ولا يصح الا الصحيح .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here