لا أستطيع المغادرة من هنا
قصيدة الشاعر المجري فيرَش بيتر
ترجمة مهدي قاسم
لا يمكنني المغادرة من هنا أبدا
ولا إلى أي مكان كان ،
ليس لدي جواز سفر ، بلا أقارب أغنياء ، و دون أصدقاء أثرياء
جيراني هم مليون فلاح عالقون في الوحل ،
مصيرهم لي ، وسيبقى هكذا إلى الأبد .
العالم لم يُعد لي سوى خريطة فحسب
بالنسبة لي تظل الأرض الإسبانية الصخرية
ليست أكثر من بقعة بنية اللون
و تبقى السهوب السيبيرية بقعة خضراء .
قال أحدهم ذات مرة ،
، هكذا يقولون ، نقلا عن حكيم يوناني :
ــ “أمنحني نقطة صلبة و سأقلب العالم رأسًا على عقب “.
وجدتُ أنا هذه النقطة ، على الأقل ، بالنسبة لي .
هذه الأرض التي نعيش فيها :
سهل صخري ، غطاء نباتي لزج ، رمال متحركة ،
و أرض التلال الخضراء ــ تلك هي المجر
و عشرة ملايين مجري يعيشون فيها ،
هل بلدنا جميل ؟، هل أجمل من غيره ؟
لا أدري ، لا يهمني ،
فيما إذا كانت أرضها أفضل أم داخلها أغنى
لا أعلم ، أنا لا أبحث حتى …
فيما إذا قمنا بغزوها بالسلاح أم كسبناها بالعمل ،
هل انتقلنا إليها ، أم انبثقنا من رحم أرضها ؟ ،
ذلك سواء عندي ، فنحن متحدين معا ،
تشاركنا شمسنا مع الآخرين ولكنها توقظ شتلات بذورنا أيضا ،
الغيوم تطير فوقنا ، ولكن أمطارها تجعل عشبنا ينمو مزدهرا .
أنا لا أحسد أراضي الآخرين الجميلة و المكتنزة خيرا ،
أمشي بعمق كاحلي ، غاطسا في الوحل المجري .
رياح الأراضي الجرداء المقفرة قد دبغت جلدة وجهي خشونة ،
أشعة شمس الصحراء القاسية جعلت عينَّي ضيقتين ،
همومي تسحبني نحو الأرض
بينما رغباتي ترفعني نحو الغيوم .
ليس لديّ شيئا سوى تأمل عميق يستهلكني امتصاصا
ثمة دائما رغبات متأججة وإرادة صلبة :
من خلالها يجب علينا إحضار العالم إلى هنا ،
ينبغي أن نجلب هنا ما هو جيد و جميل ،
وكذلك ما هو جدير و نبيل ! .
……………………