السويد يحكمها دستور وإن فاز اليمين،

 نعيم الهاشمي الخفاجي

دول أوروبا الغربية تحكمها الدساتير والمؤسسات وليس الأشخاص أو حزب معين، الاحتكام للصندوق الانتخابي والتداول السلمي على السلطة ثقافة مجتمعية وليست طارئة على دول أوروبا الغربية بشكل عام ودول اسكندنافيا بشكل خاص، شعوب قررت السير بالنهج الديمقراطي بعد ارتدادات الثورة الفرنسية، والملوك استجابوا لرغبة شعوبهم وتنازلوا عن جزء كبير من صلاحياتهم للشعب مقابل أن يبقى الملك صاحب سلطة رمزية تشريفية، والحكم يكون للشعب ينتخب احزاب الفائز منها يشكل الحكومة والخاسر يقف في مكان المعارضة في البرلمان دون الصراخ والضجيج لتشكيل حكومات محاصصاتية وسرقة أموال العباد.

سبق للأحزاب اليمينية ومعهم يسار اليمين فازوا بالدنمارك عدة جولات لكن لم يتغير أي شيء، شعب الدنمارك منحهم فرصة بالحكم وعاقبهم عندما اكتشف ان شعاراتهم الغاية منها كسب أصوات الناخبين، لذلك الانتخابات السويدية الأخيرة التي فاز بها تحالف اليمين لا تغير اي شيء من سياسة السويد الخارجية والداخلية، وتبقى السويد تستقبل لاجئين فارين من بطش الأنظمة الدكتاتورية وخاصة أنظمة الرجعية العربية البدوية الوهابي، شيء طبيعي  الحدث السويديّ الأخير تم تغطيته بشكل كبير من أجهزة الإعلام العالمية،  بسبب ان تجمع الأحزاب اليمينيّة المؤتلفة مع بعض تمكّنت من الفوز في الانتخابات النيابيّة، الفوز بفارق ضيّق (176 مقابل 173 مقعداً).

رغم فوز ائتلاف الأحزاب اليمينية في الانتخابات لكن بقي الحزب الاشتراكيّ الديمقراطيّ السويديّ، يمتلك مقاعد نيابية وبقي الحزب الأوّل في البرلمان، لكنّه لم يعد يملك الأكثريّة، رغم أن الفارق ضئيل لكن زعيمة الحزب  ماغدالينا أندرسن، رئيسة الحكومة، بعد إعلان نتائج الانتخابات قدمت استقالتها، بمعسكر الأحزاب اليمينية استطاع حزب الديمقراطيّين السويديّين، الذي يعد من الأحزاب اليمينية المتعصبة، بات الحزب الثاني في البرلمان، والأوّل بين أحزاب الائتلاف اليمينيّ، مُقصياً حزب المعتدلين التقليديّ عن هذا الموقع.

حصول حزب الديمقراطيّون السويديّون على مقاعد جيدة تمنحهم القوة في تسمية رئيس الحكومة، لأن تحالف الأحزاب اليمينية يضم عدة أحزاب مؤتلفة فيما بينها.

بعد أحداث سبتمبر سطع نجم الأحزاب اليمينية في أوروبا وباتت الأحزاب اليمينية تنافس للفوز بمنصب رؤساء جمهوريات ورؤساء وزراء، المرشحة اليمينية الفرنسية لوبان كادت تفوز في الانتخابات الفرنسية الأخيرة لولا تجمع كل أحزاب اليسار الفرنسي ضدها ودعموا ماكرون رغم خلافاتهم معه، فوز الأحزاب اليمينية في أوروبا بات ظاهرة طبيعية وعادية وبات لها ثقل كبير في فرنسا وألمانيا وفنلندا  والنمسا وإستونيا وهنغاريا …..الخ.

تحولت أحزاب  اليمين المتطّرف إلى  أحزاب تستطيع تشكيل حكومات أو بالقليل يملكون معارضة برلمانية تعيق الأحزاب اليسارية الفائزة وتجعلها ترضح إلى أحزاب اليمين في كسب رضاهم وودهم في تشريع قوانين في بلدانهم.

منح الشعوب حرية الاختيار والانتخاب ويكون الدستور هو الحاكم وليس الأشخاص، انتج نجاح افضل تجربة ديمقراطية في السويد والدنمارك والنروج، بلدان نفوسهم ليست كبيرة اختاروا النموذج  بالحكم الاشتراكي الديمقراطي واصبحوا دولة متطورة وتنعم شعوبها بالرفاهية، دول رأسمالية جربوا حكم الاشتراكية في دول الرأسمالية، أخذوا افضل مافي الرأسمالية والاشتراكية ولم يكونوا ضمن محور الراسمالية ضد محور الاشتراكية الشيوعية ولا مع الاشتراكية الشيوعية ضد الرأسمالية الغربية، في الدنمارك وجدنا تجربة الحكم نفس افكار كارل ماركس ونظام الاقتصاد وفق الرأسمالية النتيجة شعوب تعيش في رفاهية واستقرار دائم، الأحزاب الفائزة بالسويد أو الدنمارك أو النروج اهدافهم دعم الاقتصاد من خلال فتح المزيد من المصانع والمعامل للقطاع الخاص ودعم قوانين نظام الرفاهية ومحاربة الطبقية وتنظيم سوق العمل، ونلاحظ تسابق بين المجالس البلدية في دعم المشاريع الاقتصادية، وينعكس الرخاء والرفاهية على المجالس البلدية المحلية التي بمناطقها وجود حركة اقتصادية، رفاهية السويد وفي عام  2015 عام هروب عشرات آلاف اللاجئين من الشرق الأوسط إلى أوروبا الغربية السويد وحدها قبلت  163 ألف لاجئ معظمهم من سوريّا والعراق وأفغانستان، العرب باتوا يعدّون الآن أكثر من 5 في المائة من مجموع السكّان، وصول الأحزاب اليمينية للسلطة لايمنع السويد من قبول لاجئين أو عمالة أجنبية الى السويد، معظم دول اسكندنافيا واوروبا وبسبب التطور في الطب وأصبح البشر يعيشون حياة طويلة فقد كثرت نسبة كبار السن، وهناك نسبة ليست بالقليلة الاوربيون لاينجبون أطفال كثيرون بل رأيت بعضهم يرفض انجاب أطفال مطلقا، كنت ادرس في مركز عمل وكانت المعلمة التي تعلمنا قوانين العمل ونظام النقابات في النقاشات يتم السؤال عندك أطفال متزوج…..الخ، انا سألت المعلمة هل عندكم أطفال اجابتني بلا، قلت لها السبب، ضحكت وقالت لي نعيم يعني اعمل طفل اكون حامل واتحمل تعب واخدم الطفل واخسر عليه اموالي واقضي معه ١٨ سنة اهتم به والنتيجة يتركني ويذهب، بالأخير اذهب إلى دار العجزة، قالت لي اختصرها اهتم بحياتي ادفع ضريبة للمجتمع بالاخير اتمتع بحياتي وأسكن في دار العجزة وعندما اموت البلدية تاخذني للكنيسة ويتم دفني، لذلك تبقى دول أوروبا الغربية تستقبل اللاجئين والاجانب، بل احداث أوكرانيا أعطت دفعة للمجتمعات الأوروبية الغربية وجددت لهم روح الشباب استقبلوا أكثر من ستة ملايين شباب وشابة اوكرانية وهذا الرقم الكبير جعلهم يستغنون في قبول ملايين من العرب والمسلمين الذين يمتلكون ثقافة مغايرة للثقافة الأوروبية المسيحية، وجود مسلمين كثيرين وبظل الفكر الوهابي يشكل خطر في إقامة إمارات إسلامية بالغرب ينشرون القتل والذبح، في الختام أتعجب بقلق المستكتبين العربان من دول البداوة الخليجية عندما يكتبون مقالات يعربون عن قلقهم على الديمقراطية في السويد بسبب فوز الأحزاب اليمنية، شر البلية مايضحك.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

19/9/2022

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here