الشيء بالشيء يُذكر !..

* بقلم مهدي قاسم

لستُ مِمَن يسعون إلى إفساد مشاعر و أمزجة أو احتفالات أم مراسيم معينة عند أناس معينين ناهيك عن نهجي الدائم في احترام حرمة الموتى ، ولكن ثمة أمور مترابطة بين هذا الحدث أو ذاك تجعلك أن لا تمر من جنبها مرور كرام وسلام مهما كان الأمر والحال ، وضمن هذا السياق ، و بينما كان ملايين من أشخاص مشغولين بحادثة وفاة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، طيلة الأيام العشرة الماضية ، كنتُ أنتظر أن يبادر أحد ما بتقديم قائمة عن عدد الإنجازات التي قدمتها الملكة المرحومة للبشرية ، لكي تستحق كل هذا التبجيل و التعظيم والمراسيم الأسطورية ، ولكي أسهم أنا أيضا فيها ،إذ بالنسبة لي فإن أهمية الإنسان ، أي كان موقعه وانتماؤه ، تكمن في أعماله الخيرة التي يقدمها للبشرية جمعاء ، أقول هذا ، لأنني ربما لم أكن متابعا لتلك الإنجازات العظيمة الافتراضية التي قد تكون الملكة الراحلة قد قدمتها من أجل البشرية جمعاء .. بينما كنتُ ـــ بصفتي صحفيا وكاتبا ــ متابعا للنزعة والجهود الإنسانية التي كانت تتمتع بها الأميرة الراحلة ديانا إزاء الفقراء و المحرومين في العالم .. و ولكن في مقابل هذا أتذكر جيدا أنها ــ أي الملكة الراحلة ــ قد قلدّت في العام الماضي مجرم الحرب ورئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير وسام الفرسان !!، الذي اشترك مع مجرم الحرب الآخر الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بغزو العراق وتدميره و إرجاعه إلى ما أشبه بالعصر الحجري وجعل العراق أسيرا يراوح في بودقة ما أسمها مسؤولو الإدارة الأمريكية آنذاك أي بعد عملية الغزو والاحتلال ، وبكل صفاقة ووقاحة ، ب” الفوضى الخلاقة ” بعدما سلموا مصير العراق وثرواته الهائلة لعصابات لصوص وعملاء ، تلك الفوضى الخلاقة و المنفلتة على مداها المطلق و التي لا زالت جارية في العراق حتى هذه اللحظة.. علما إن الملكة الراحلة إليزابيث الثانية قد اعترضت فيما بعد على غزو بوتين لأوكرانيا ، و ذلك من خلال رفضها إعارة سيوف بريطانية أثرية إلى متاحف كرملين ** ، كتعبير واضح عن اعتراضها على عملية الغزو الروسية .. وهذا يعني أنها كافأت مجرم حرب ، مثل توني بلير ، الذي قام باشتراك مع الرئيس الأمريكي السابق بوش الأبن بعملية غزو و احتلال للعراق مسببا قتلا جماعيا ودمارا هائلا ومعاناة شديدة في العراق ، في مقابل ذلك أدانت غزوا بوتينا مماثلا لأوكرانيا .. إذ كان ينبغي أن يُحاكم توني بلير كمجرم حرب مثل مجرمي حرب البلقان السابقين ، في محكمة لاهاي الدولية ، بدلا من منحه وسام الفرسان لمساهمته في قتل أطفال العراق !!.. أي وبكل وضوح أنها كالت بمكيالين مختلفين ومتناقضين تماما .. يبقى أن نقول أخيرا : أن قوما أو بعض الناس الذين تتقعر ذاكرتهم وتتسطح كأرض قفراء و قاحلة يبقون على هامش التاريخ بلا أية قيمة أو اعتبار !.. *هامش ذات صلة ( عبد الجبار أبوراس / الأناضول وقع أكثر من مليون بريطاني حتى السبت، عريضة إلكترونية لسحب وسام “فارس الرباط” من رئيس الوزراء الأسبق توني بلير. وتحث العريضة التي أطلقت على موقع The Change.org رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على مطالبة الملكة بإلغاء الوسام الذي منحته قبل يومين لبلير. ومنحت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، مؤخرا، وسام الفروسية وهو أرفع وأقدم وسام للفرسان بالمملكة المتحدة، الذي يُمنح معه لقب “سير” رسميا، لبلير، ما أثار غضبا شعبيا. منحت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، مؤخرا، وسام الفروسية وهو أرفع وأقدم وسام للفرسان بالمملكة المتحدة، الذي يُمنح معه لقب “سير” رسميا، لبلير، ما أثار غضبا شعبيا. وبحسب صحيفة إكسبرس المحلية، فإنه ليس من الضروري الموافقة على منح الوسام من قبل رئيس وزراء البلد أو البرلمان. وتدعو العريضة إلى “ضرورة محاسبة بلير على جرائم الحرب” التي ارتكبت إبان غزو العراق عام 2003، بدلا من منحه وسام الفروسية. ** ( سحبت الملكة إليزابيث الثانية الإذن بإعارة مجموعة من السيوف الأثرية إلى متاحف الكرملين في موسكو، وهو القرار الذي تزامن مع غزو روسيا لأوكرانيا. وكان من المقرر أن تقوم المجموعة الفنية للملكة البريطانية بإعارة ثلاثة أسلحة من القرن السابع عشر كجزء من معرض المبارزة الذي كان من المقرر افتتاحه في 4 مارس، وفقا لما ذكرت صحيفة “إندبندنت

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here