فؤاد حسين : نسعى لجمع الأضداد وزير الخارجية العراقي تمنى «حواراً دبلوماسياً» بين السعودية وإيران

فؤاد حسين لـ«الشرق الأوسط»: نسعى لجمع الأضداد

وزير الخارجية العراقي تمنى «حواراً دبلوماسياً» بين السعودية وإيران
وزير الخارجية العراقي خلال المقابلة
نيويورك: زيد بن كمي وعلي بردى

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، إن الحكومة العراقية تلعب دوراً في «جمع الأضداد وإيجاد حال حوارية» بين دول الجوار، ولا سيما دول الخليج العربي، بالإضافة إلى كل من تركيا وإيران. وشدد على أن المملكة العربية السعودية «تلعب دوراً مهماً» خليجياً وإقليمياً وعربياً وإسلامياً ودولياً، معبراً عن اعتقاده أنه إذا تحسنت علاقتها مع إيران، فإن هذا الدور «سيكون أكبر وأقوى». وتمنى أن ينتقل الحوار بين الطرفين من المستوى الأمني إلى المستوى الدبلوماسي.

وكشف أن بغداد تلعب دور وساطة بين الولايات المتحدة وإيران، لأنه «من المصلحة العراقية أن نساعد» الطرفين اللذين «توصلا إلى اتفاق» على المواد الخاصة بالعودة إلى الاتفاق النووي، مستدركاً أن الخلاف بقي على مسائل تخص «الترابط بين الاتفاق، وحل بعض المشكلات خارج الاتفاق». لكنه لم يشأ الدخول في التفاصيل، وإن أشار إلى الآثار المرتبطة بحرب أوكرانيا والتجاذبات بين الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى. وشدد على أن «مجموعة 6+4» التي تضم السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وقطر وعمان، بالإضافة إلى الأردن والعراق ومصر واليمن، ليست ضد إيران، بل هي «مجموعة تعاون»، وبخاصة في المجال الاقتصادي والأمني، بالإضافة إلى أمن الطاقة، علماً بأن الربط الكهربائي بين العراق والخليج حتى مصر وصل الآن إلى مرحلة متقدمة.

وأجري الحديث مع وزير الخارجية العراقي على هامش الدورة السنوية السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وهنا نصه…

> سأبدأ من موضوع فلسطين والرئيس محمود عباس الذي طلب من الأمانة العامة للأمم المتحدة الشروع في عملية جدية لتحقيق حل الدولتين انطلاقاً من العضوية الكاملة لفلسطين في المنظمة الدولية. هل يوجد إجماع عربي على هذه الخطوة؟

– هناك إجماع عربي على موقف القيادة الفلسطينية الذي ينبع من الواقع الفلسطيني ومن خلفيات المسألة الفلسطينية. هناك إجماع عربي لدعم القضية الفلسطينية. بالنسبة إلى العراق، هذه قضية مجتمعية، فهي جزء من الثقافة الفردية والجماعية. هذا الموضوع حساس جداً. ولهذا جرى طرح مشروع وتبنيه في البرلمان العراقي.

> القضية الفلسطينية نشأت مع نشوء الأمم المتحدة ولكن حتى الآن لم تتمكن المنظمة الدولية من تحقيق شيء. هل الأمم المتحدة مؤسسة عاجزة أم أنها تنجح في مكان ولا تنجح في مكان آخر؟

– المسألة الفلسطينية لا تتعلق فقط بأروقة الأمم المتحدة وطرح المسألة فيها. القضية الفلسطينية تتعلق بالوضع السياسي في المنطقة ولها أبعاد عالمية، ولها علاقة أيضاً بتوازن القوى. مع البدايات في الواقع، تم طرح القضية الفلسطينية في أروقة الأمم المتحدة. إذا لم تخن الذاكرة، طرحت المسألة عام 1947 على أن تكون هناك دولتان. حل الدولتين ليس طرحاً جديداً. يعود إلى بدايات العمل في الأمم المتحدة. ولكن عندئذ، كانت الدول العربية تعارض هذه المسألة. ولكن مع هذا، فإن القضية الفلسطينية قضية حقة وقضية مهمة، ولكن حل المشكلة وتبني هذه المسألة من صلاحية القيادة الفلسطينية نفسها.

> أدخل من هنا إلى ما ينشأ من طرق مختلفة بين الدول العربية في التعامل مع إسرائيل حالياً. هناك من يرى أن مقاربة العلاقة مع إسرائيل يمكن أن تساعد فعلاً في إيجاد تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين. وهناك دول عربية أخرى تقف تماماً مع وجهة النظر الأخرى التي تقول إنه لا حل قبل إعطاء الفلسطينيين حقوقهم. أين يقف العراق؟

– العراق يحترم إرادات الدول العربية لأن هذا القرار مسألة سيادية. لكن للعراق قراراً واضحاً شعبياً وبرلمانياً. نحن نساند القضية الفلسطينية ونساند الشعب الفلسطيني. طروحات الشعب الفلسطيني هي الأساسية في السياسة الخارجية العراقية. القيادة الفلسطينية هي المسؤولة عن الشعب الفلسطيني. ولكن استناداً إلى الموقف الشعبي العراقي وموقف البرلمان العراقي، فإن الحكومة ملتزمة القوانين العراقية في هذا المجال.

– «نجمع الأضداد عبر الحوار

> أنتقل إلى مسألة مختلفة، ولكن ذات صلة، لأن العراق يلعب دوراً رئيسياً في الوقت الراهن لتقريب وجهات النظر بين مختلف الدول العربية، أو بين دول عربية ودول أخرى. هل يمكن أن توضح أين تقفون تماماً، سواء أكان في هذه المسألة أم في مسائل أخرى؟

– إذا كنت تسأل في أي خانة نقف، فهذا واضح. الموقف العراقي تعبر عنه أحياناً السياسة الخارجية، وأحياناً القوانين العراقية. في هذه المسألة، نعتمد القوانين العراقية. نحن نلعب دوراً ريادياً بالمنطقة في جمع الأضداد وفي خلق حال حوارية في الواقع بدلاً من الذهاب إلى الصراعات. نحن مع الحوار.

ولكن حين نتحدث عن خلق حال حوارية، يجب أن تكون الظروف أيضاً مهيأة، ويجب أن يكون هناك اعتراف متبادل بين الأطراف. ركزنا على دول الجوار لأن السياسة الخارجية العراقية تعطي الأولوية للجوار…

> ولذلك ربما عدتم بعد سنوات العراق الصعبة إلى الحاضنة العربية، وأعدتم ترتيب أوضاعكم…

– نحن في الحاضنة العراقية. علاقاتنا لا تنبع من قرارات الآخرين مع احترامي لدول الجوار أيضاً. قراراتنا تنبع من الوضع العراقي. ولكن بنينا علاقات قوية مع دول الجوار، ومنها الدول الخليجية ومجلس التعاون الخليجي. ولكن أيضاً علاقاتنا قوية مع إيران ومع تركيا والدول الأخرى. ولذلك، المسألة ليست عودة العراق إلى الحاضنة. العراق موجود. جغرافياً موجود. وسياسياً موجود. ولكن ظروف التغييرات التي حصلت في العراق والمشكلات الداخلية، عزلت العراق عن بعض المسائل الأخرى، وبصورة عامة عن التفاعل أو أخذ المبادرة في السياسة الخارجية. في هذه الفترة أخذنا المبادرة في السياسة الخارجية العراقية، وبدأنا نعتمد على اتخاذ المبادرة بدل أن نكون في موقع رد الفعل… بدأنا في إدارة الأزمة، حتى إدارة الأزمات الإقليمية. ومن هذا المنطلق بدأنا التفاهمات، أولاً بين العراق وهذه الدول، وبعد ذلك بين هذه الدول ودول أخرى بوساطة عراقية وبعمل عراقي.

– السعودية عربياً وإسلامياً ودولياً

> لاحظت العلاقة الشخصية لك مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال الاجتماعات الرفيعة المستوى في الأمم المتحدة…

– جزء من دبلوماسيتنا يعتمد على اللقاءات الشخصية. بالنتيجة، السياسة صنع الإنسان. ولذلك لدينا علاقات شخصية جيدة مع جميع وزراء الدول الخليجية، وأيضاً مع وزراء خارجية دول محيطة كإيران وتركيا. علاقاتنا، والحمد لله، قوية ونستطيع أن نتواصل في أي وقت مع أي وزير. وهم يتواصلون معنا. وأكثر الوزراء يتواصلون معنا حين تكون هناك بعض المشكلات مع بعض هذه الدول. نحن نقوم بالواجب ولا نعلنه.

> تلعب دور الدينامو في تحسين هذه العلاقة مع دول عدة، وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية. هل يمكن أن تشرح لنا كيف ترى مستقبل هذه العلاقة مع السعودية وبقية الدول العربية؟

– المملكة تلعب دوراً مهماً في المحيط الخليجي، والمحيط الإقليمي، والمحيط العربي، والمحيط الإسلامي والمحيط الدولي. المملكة العربية السعودية دولة مهمة. وإذا تحسنت العلاقة بين المملكة والجارة إيران، أعتقد أن هذا الدور سيكون أكبر وأقوى.

> ربما من هذا المنطلق تسعى إلى تقريب وجهات النظر بين المملكة العربية السعودية وإيران…

– نحن نسعى من هذا المنطلق، وأيضاً من منطلق عراقي، لأنه كلما كانت هناك حال توتر بين الدول المحيطة بالعراق، يؤثر ذلك سلباً على الوضع العراقي. وكلما كانت هناك حال جيدة وعلاقات طبيعية بين هذه الدول يؤثر ذلك إيجاباً على الوضع الداخلي العراقي. إذاً، المنطلقات وطنية، والمنطلقات إقليمية، ولهذه المنطلقات أبعاد دولية.

> إلى أين وصلتم في جهودكم لتقريب وجهات النظر؟

– الدول المعنية يجب أن تتحدث عن هذه المسألة، لأنها بالنتيجة تخص العلاقات الثنائية بين البلدين. هناك بعض الأمور – الحقائق، أولاً بدأت الحوارات، ثانياً وصلوا إلى 5 «جلسات» من الحوار، ثالثاً الحوارات تجري على مستوى أمني، ولكن العالم كله يعرف أن هناك حوارات. وصلنا إلى نقاش في الرياض وطهران وبغداد حول كيفية رفع مستوى الحوار من مستوى أمني إلى مستوى دبلوماسي. وأيضاً هناك حوار في إطار مضمون العلاقة. لو تم الاتفاق على هذه الأمور، فمعنى ذلك أنه سيخرج الحوار السعودي – الإيراني في بغداد إلى العلن، بدلاً من كونه حواراً سرياً. نتمنى أن نصل إلى هذه المرحلة. ونحن نعمل في هذا الاتجاه.

– الشكوى من إيران

> لكن من أهم الأمور أن هناك شكوى، حتى داخل العراق نفسه، من أن إيران تتدخل كثيراً في شؤون العراق والدول العربية الأخرى. كيف تنظرون إلى ذلك؟

– هذه مسألة ثنائية بين العراق وإيران. صحيح أن الوضع العراقي يخص المنطقة والمحيط الإقليمي والعالمي أيضاً. (لكن انظر) الظروف التي مرّ بها العراق بعد التغيير في عام 2003، كما التدخلات الدولية في العراق. هذه التدخلات كانت تحت المظلة الأممية وبقرار أممي. فمنذ عام 1991 صارت السيادة العراقية تحت مظلة القرار الأممي، السيادة العراقية أخذت عام 1991 حين جرى فرض العقوبات والحصار. الفريق الأممي كان يفتش غرفة نوم الرئيس العراقي السابق. لم تكن هناك سيادة عراقية في زمن صدام حسين.

> هل استعدتم الآن السيادة العراقية؟

– نحن نتعامل مع الواقع. كانت هناك جيوش من بلدان عدة، بينها الولايات المتحدة، في العراق. الولايات المتحدة حوّلت نفسها من دولة قامت بتدخل عسكري إلى دولة محتلة. إذاً، حين يكون هناك قرار أممي، وهذا القرار يتحدث عن الاحتلال، فهذا يعني أنه لم تكن هناك سيادة عراقية. هذا هو الواقع العراقي. وحين خرجنا من وضع الاحتلال، وحين خرجت الجيوش الغربية خاصة من العراق، بدأ العراق يستعيد سيادته خطوة خطوة. ولكن ذلك ترك آثاراً. أولاً التدخل من دول كثيرة في الإقليم كان واضحاً، سياسياً وعسكرياً وغير ذلك. هذه التدخلات أصبحت جزءاً من الواقع السياسي العراقي. إذاً العمل للوصول أولاً إلى استقلالية القرار، وثانياً حال السيادة الكاملة تتطلب عملاً كبيراً ومتواصلاً.

أعتقد أن هذه المسيرة بدأت للوصول إلى الحالة النهائية. السيادة المطلقة لا توجد في العالم. هناك حالات تفاعلية بين كل مسألة، سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية مع الدول المحيطة ومع الدول الأخرى. لكن صنع القرار واتخاذ القرار يجب أن يكون بيد أهل الدار. يجب أن يكون صنع القرار العراقي واتخاذ القرار العراقي في بغداد وليس في عاصمة أخرى. المسيرة بدأت، ولكن تأثيرات الدول الأخرى، ومنها الدول المحيطة والدول الإقليمية، لا تزال باقية، وبعض الدول يتدخل في الشؤون العراقية على أسس أخرى. هذا هو الواقع العراقي. نحن لا نقفز على الواقع ونقول إن السيادة العراقية كاملة. هذا غير صحيح.

– وساطة بين أميركا وإيران

> جزء من المخاوف في المنطقة يتعلق أيضاً بالبرنامج النووي الإيراني الذي بات نقطة سجال ساخنة للغاية، ليس فقط في منطقتنا، بل في كل أنحاء العالم. ما هو موقف العراق؟

– موقف العراق واضح. نحن مع الوصول إلى اتفاق حول المشروع النووي. وندعم محادثات فيينا. وفي الواقع، في كثير من المرات خلال السنتين الأخيرتين، كنا في تواصل مستمر بين واشنطن وطهران، حتى أثناء الانتخابات وفوز الديمقراطيين، وقبل الانتخابات وبعد الانتخابات، وأحياناً نساعد الطرفين. غاية السياسة العراقية في هذا المجال هي الوصول إلى اتفاق بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة. لماذا؟ أولاً لأن لهذه المسألة بعداً عربياً. وخلق أزمة أخرى فيما لدينا كثير من الأزمات يؤثر مباشرة على المنطقة. ثانياً، نتيجة العلاقات القوية بين بغداد وواشنطن، والعلاقات القوية مع الجارة إيران، يؤثر أي توتر بين الطرفين على الواقع السياسي العراقي. فمن المصلحة العراقية أن نساعد الطرفين للوصول إلى نتيجة.

> كان الاتفاق قاب قوسين أو أدنى أخيراً، ولكن حصل أمر ما حال دون التوصل إليه. هل قمتم في الآونة الأخيرة بأي جهد للتغلب على ما بقي من خلافات أو صعوبات أمام العودة إلى الاتفاق النووي؟

– قمنا، ولا نزال نقوم بذلك. كان لديّ اجتماع (الأسبوع الماضي) مع وزير الخارجية الإيراني (حسين أمير) عبد اللهيان وقبله مع بعض المسؤولين الأميركيين حول هذه المسألة. لا نزال نحاول تقريب وجهات النظر بين الطرفين. ولكن هناك مشكلات في الواقع. المشكلة لا تتعلق بالاتفاق النووي، والمشكلة لا تتعلق بالمفاوضات بين إيران و«مجموعة 5+1» (للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن؛ الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والصين، بالإضافة إلى ألمانيا). هناك بعض المشكلات الأساسية بين طهران وواشنطن خارج الاتفاق النووي، ولكنها أصبحت جزءاً من الاتفاق. عندما أتحدث عن خارج الاتفاق النووي، أعني مواد الاتفاق. مواد الاتفاق جرى التوصل إليها. المسألة أن هناك ترابطاً بين الاتفاق وحل بعض المشكلات خارج الاتفاق. هذه المشكلات بدأت تنبع حديثاً، ولكن لا نزال في حوار مع الطرفين وسنرى. الحمد لله الطرفان يثقان بنا.

– أثر حرب أوكرانيا

> هل حمّلك الجانب الأميركي أي رسالة غير ما سبق؟

– نحن لا نحمل الرسائل. ولكن نتباحث مع الجانب الأميركي ونتباحث مع الجانب الإيراني. نناقش الموقف الإيراني مع الجانب الأميركي، ونناقش الموقف الأميركي مع الجانب الإيراني، ونحاول أن نجد طرقاً للوصول إلى تفاهمات. ولكن هذه القضية ليست أميركية – إيرانية فقط. إنها قضية لها تأثيرات في المحيط، وكذلك الحرب الروسية – الأوكرانية لها تأثيرات. المواقف من هذه الحرب لها تأثيرات، فروسيا جزء من «مجموعة 5+1» والصين كذلك. إذاً هناك صراعات أخرى تتداخل في مسألة الاتفاق النووي الإيراني – الأميركي.

> بتقديرك هل سيحصل هذا الاتفاق؟

– لا أستطيع أن أقول. أنا أتمنى أن يحصل.

> يعني لديك شكوك.

– ليست لديّ شكوك. ولكن أنا أقرأ أيضاً الوضع السياسي الداخلي الأميركي والانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة. أقرأ الوضع السياسي والداخلي الإيراني والمشكلات الموجودة الآن في إيران. أقرأ خريطة الصراعات بين روسيا وأوكرانيا، وبين روسيا والولايات المتحدة، وبين الصين والولايات المتحدة. أقرأ خريطة التحالفات بين روسيا وإيران والصين وإيران. كل هذه الأمور تلعب دوراً.

– حال فوضى

> هل نحن عائدون إلى ما يشبه زمن حلف بغداد في المنطقة والعالم؟

– لا، حلف بغداد كان في مرحلة معينة. العالم كان في مرحلة أخرى. نحن إذا صح التعبير في حالة فوضى في كل مكان. تحالفات جديدة وتناقضات جديدة. رجعنا إلى هذه المرحلة.

> ما أخشى ما تخشاه على العراق والمنطقة؟

– أخشى على العالم، في الواقع. هناك تهديدات خطرة الآن. العالم دخل في تحديات خطرة. لو تم تحويل هذه التهديدات إلى فعل، فإن عالمنا في خطر. عالمنا في خطر من الكوارث الطبيعية ذات الصلة بالتغيرات المناخية. والأخطر على العالم هو الكوارث التي يصنعها الإنسان…

> مثل.

– الحرب الأوكرانية – الروسية. فهذه الحرب لها أبعاد دولية. هذه الحرب ليست بين طرفين، بل التأثيرات الاقتصادية لأمن الطاقة، والأمن الغذائي، والأمن الدوائي، على شعوب العالم. هذا واقع. وإذا تطورت أساليب الحرب – لا سمح الله – فهذا تهديد للعالم. والآن العالم بدأ ينقسم إلى طرفين، أو أطراف مختلفة. لهذا أقول؛ أصبحت فوضى مسلحة على مستوى العالم، والفوضى المسلحة على المستوى العالمي تؤدي إلى تناقضات جديدة وصراعات جديدة وتحالفات جديدة. لكن هذه التحالفات أو التناقضات أو الصراعات ليست من مصلحة البشرية. نحن في خطر تعدي الإنسان على الطبيعة، وبالنتيجة زادت التغييرات المناخية التي هي أيضاً من صنع الإنسان. الأخطر أننا بدأنا في إنتاج صراعات لا يمكن أن نقارنها مع الحرب العالمية الثانية ولا الحرب العالمية الأولى. الأسلحة الموجودة الآن تختلف عن أسلحة الحرب العالمية الأولى. يجب التفكير في هذا المجال، والعراق جزء من هذا الكوكب، والعراق جزء من المناطق الإقليمية. إقليمياً، إذا لم نصل إلى اتفاقات فسيكون الأمن الإقليمي أيضاً في خطر. نحتاج إلى تفاهمات، ويجب أن نبتعد عن الصراعات المسلحة. من هذا المنطلق، وخاصة أن المجتمع العراقي عانى الحروب والقتال الداخلي 50 عاماً، نحتاج إلى حالة هدوء، وأنا لا أتحدث عن حالة سلم، لأن هذه بعيدة المنال. نحتاج إلى وقف للنار على الأقل حتى ندير الأمور بشكل آخر. هناك تحديات خطرة في عالمنا. وهنا خوفي في الواقع.

– مجموعة 6+4

> تتحدث عن عالمنا الذي يعيش مرحلة خطر تهدد المنطقة وتهدد المجتمع الدولي، لكن هل يمكن لـ«مجموعة 6+4» لدول الخليج مع الأردن والعراق ومصر واليمن أن تعتبر نواة…؟

– نتيجة لهذه الصراعات، نرى الدول التي تفكر بنفس الاتجاهات تتقارب، لحماية النفس والمنطقة. الآن، هناك محاور سياسية، وأمنية، واقتصادية، وثقافية مختلفة. لكن اجتماع «6+4» (وكان قبل ذلك «6+3») يجب أن يكون لمصلحة المنطقة. أولاً لمصلحة المنطقة أمنياً، ثانياً لمصلحة المنطقة اقتصادياً ومجتمعياً، وأيضاً لحماية الطاقة. نحن رأينا أن أسعار الطاقة ارتفعت نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية. لكن جزءاً كبيراً من مصادر الطاقة ينبع من هذه الدول. فإذا كانت هناك مشكلات بين هذه الدول، فإنها ستؤثر مباشرة على الوضع الاقتصادي العالمي. ولهذا، فإن التعاون في هذا المجال مهم. لكن هذه المجموعة مجموعة صداقة، وليست للعداء للآخر، ويجب أن نكون صريحين؛ هذه المجموعة ليست مجموعة عداء للجارة إيران. هناك مباحثات مكثفة بين السعودية وإيران لإعادة بناء العلاقات. هناك علاقات الآن جيدة بين الإمارات وإيران، وعلاقات جيدة بين الكويت وإيران، وعلاقات جيدة بين كل من قطر وسلطنة عمان مع إيران، وطبعاً العلاقات جيدة بين العراق وإيران. إذاً، هذه المجموعة ليست ضد إيران. يجب ألا تؤخذ من الجانب الإيراني باعتبارها ضد إيران. بل هذه مجموعة تعاون، وبخاصة في المجال الاقتصادي والأمني، ولكن أيضاً تلعب دوراً، لأن كل دولة عندها سياستها.

> هل لمستم من الجانب الإيراني أنه يراها ضد إيران، على رغم أنه لم يصرح؟

– عُقدت الجلسة الثانية في نيويورك، علماً بأن الجلسة الأولى عُقدت في السعودية أثناء زيارة الرئيس بايدن. كان هناك هاجس إيراني. ولكن بعد الجلسة شكرنا الإيرانيون على مواقفنا الواضحة. والآن أيضاً، عندما اجتمعنا لم نطرح المسألة. صحيح أننا ناقشنا الجانب الإيراني، لكننا ناقشنا المسألة الإيرانية، وبخاصة المشروع النووي ومفاوضات فيينا. هذه مسألة عالمية، والجميع يناقشونها.

> أين وصلتم في مشروع الربط الكهربائي بين العراق والخليج حتى مصر؟

– تقدمنا كثيراً في هذا المجال. وصلنا إلى المسائل الفنية والعملية. أيضاً الربط الكهربائي مع الأردن، وبالتالي مع مصر، حصل. والربط الكهربائي مع دول الخليج عبر الكويت تم بالفعل. مسألة الكهرباء بالنسبة إلى العراق مسألة حياتية، ولدينا مشكلات كبيرة في الصراع مع الكهرباء، ونتمنى أنه من خلال ربط الشبكات العراقية مع الأردنية، وبالتالي المصرية، والشبكة الكويتية، وبالتالي الخليجية، نحل بعض مشكلاتنا. لكن في المستقبل نريد أن ننتج الكهرباء ونصدرها. لدينا الآن معاناة، والبنية التحتية للصناعة الكهربائية قديمة ومدمرة نتيجة الحروب الصراعات الداخلية والقتال الداخلي. تأخرنا في هذا المجال، ولكن بنتيجة الفساد المالي في الواقع. إذاً نتطلع إلى ربط الشبكة العراقية بشبكات أخرى، ما سيساعدنا في الوقت الراهن، بانتظار أن نعود إلى الإنتاج الكهربائي في العراق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here