كيف ستكون نهاية الحرب الروسية الاوكرانية

بقلم ( كامل سلمان )

هنالك مئات السيناريوهات المحتملة تطرح يوميا من محللين ومعاهد دراسات حول طبيعة وسير الاحداث والمعارك بين روسيا واوكرانيا وكذلك نهايتها ، الحقيقة هي ليست حرب عادية وليست حرب على جبهة واحدة ، فهي اكثر من ان تكون حرب تقليدية لأن جوانب الحرب وجبهاتها تعددت و شملت جميع جوانب الحياة ، فهي بالنسبة لروسيا حرب وجود او لا وجود لأن هزيمة روسيا يعني انتهاء روسيا كدولة وهذه الحرب اخطأ بوتين في تقديرها وذلك بسبب الثقة الزائدة بما يمتلك من امكانيات عسكرية هائلة اثبتت علو كعب روسيا عالميا من الناحية التكنولوجية والاقتصادية والسياسية وقد اثبتت تلك القدرات العسكرية نفسها في سوريا واثبتت نفسها اقتصاديا في اوربا وسياسيا مع الصين والهند وايران فكانت هذه العوامل محفز ودافع قوي لتمتلك روسيا كل هذه الثقة ، ولكن الخطأ الروسي يكمن بعدم تقدير تفوق السلاح الغربي على السلاح الروسي بفارق زمني كبير وعدم تقدير الدهاء الغربي في قلب الامور متى ما شاءوا اقتصاديا وسياسيا ، وهذا ما تبين فعلا في الحرب عندما اصبح معظم السلاح الروسي في المعركة عديم القيمة ، والتفت العقوبات الغربية بسرعة على رقبة الاقتصاد الروسي ، فماذا ينتظر الروس بعد ان اكتشفوا انهم مقبلين على الهزيمة ، هل سيستمرون في المعارك التقليدية ويتذوقون كل يوم مرارة الهزائم ام انهم سيحولون المعركة الى استخدام اسلحة الدمار الشامل من اسلحة نووية و بايولوجية وكيمياوية لإجبار الدول الغربية على التنازل او المساومة في اقل تقدير ، العقيدة العسكرية الروسية ترفض الاستسلام وستستمر بالتصعيد حتى الوصول الى الهدف المرسوم او استخدام كل الاسلحة المتاحة ، ولكن ليست العقيدة العسكرية الروسية وحدها من ترسم السيناريوهات وتقرر ماذا تفعل فهناك في الطرف الاخر العقيدة السياسية الغربية التي تقف خلف اوكرانيا وهذه العقيدة مصممة على كسر ظهر روسيا كما كسرت ظهر الاتحاد السوفياتي ، كيف ؟ العقيدة السياسية الغربية كما هو واضح منذ اليوم الاول هو الحفاظ على التعادل في ساحات القتال اما الشغل والقتال الحقيقي سيكون في جبهات اخرى بعيدا عن جبهات القتال والتي ستكون كفيلة بنخر كيان روسيا ، واولى هذه الجبهات خنق روسيا بشكل تدريجي اقتصاديا واعلاميا وسياسيًا وتكنولوجيا و عزل روسيا عن العالم ، وهذا الهدف يحتاج الى سنين عدة لتحقيقه لذلك من الافضل ان تبقى الحرب والمعارك على الارض متعادلة الكفة لئلا يستعجل الروس بأستخدام الاسلحة المحرمة دوليا ومن ثم تفشل المخططات ، الروس من جانبهم يؤمنون بعدم العجلة وعدم الاسراع في حسم الامور وذلك كان واضحا في تصريح الرئيس الروسي بوتين عندما يكرر القول لسنا مستعجلين ، وهذا يعني ان روسيا مستعدة ان تبقى عشرات السنين تخوض الحرب على ان لا تتعرض لهزيمة حاسمة ، وهذا يعني انها لن تستخدم اي سلاح نووي أو بايولوجي او كيمياوي طالما انها لم تهزم تماما على الارض ، وهذا بالضبط ما يوافق العقيدة السياسية الغربية على ان تبقى روسيا منعزلة عالميا ولكن اين الربح ؟ الربح يكمن ان الروس كلما مر عليهم يوم وهم معزولون عالميا فهذا يعني ان روسيا بعد عدة سنوات ستجد نفسها دولة متخلفة على كافة الاصعدة ولكن تمتلك السلاح النووي يعني دورها الحيوي على مستوى العالم يكون قد انتهى ، حالها حال كوبا وكوريا الشمالية اللتان تعيشان في القرون الوسطى حاليا وليس لهاتين الدولتين اي اثر على الاقتصاد والسياسة والتكنلوجيا العالمية ،،، الحقيقة التي يجهلها الجميع هو ان اي حصار اقتصادي من العيار الثقيل الشامل بتأثيراته والذي تفرضه الولايات المتحدة الامريكية على اي بلد في العالم سوف لن يرفع الا بزوال النظام السياسي في ذلك البلد ، ولنا في مراجعة العقود الاخيرة من بعد الحرب العالمية الثانية تجارب ملموسة على الارض .
التعبئة الروسية الاخيرة في استدعاء قوات الاحتياط ليس كما يصوره الاعلام العالمي بأنه لحسم الحرب او انهيار روسي او تحليلات اخرى غير واقعية ، التعبئة ببساطة تدخل ضمن هذه المعادلة معادلة الحفاظ على التوازن بعد ان فقدت روسيا جزء كبير من قواتها ، فأعلنت التعبئة مخافة ان تزيد هذه الخسائر فيمكن تغطيتها ، فهي للحفاظ على كفة متساوية في الارض ،، وربما ستكون المعارك اقل حدة على الجبهات في المستقبل القريب لكي تفسح المجال لباقي الجبهات ان تعمل بشكل فعال .
هذا هو السيناريو المعمول به خلال الفترة الماضية من الحرب وهو السيناريو الذي سيستمر لفترة طويلة ولا تمتلك روسيا اي حل بديل ، فالقرار خرج من الكرملين نهائيا وليست روسيا من تقرر الخطوات اللاحقة ، فهي قد استسلمت تماما للمخطط الغربي ، ولكن تبقى مفاجآت الحرب كثيرة واقوى المفاجات هي احتمالات وفاة بوتين في اية لحظة سيكون منعطف كبير لأنه من المستحيل ان يقود روسيا شخص اخر بعده يكون على استعداد لتحمل تبعات خطأ بوتين ، وهذا يعني سيكون هناك انهيار واندحار روسي كبير وسريع بنفس الوقت مهما كان الوريث لبوتين قوي ومؤمن بسياسات بوتين ،،، روسيا مهزومة لا محالة وقد ادركت كل من الصين والهند وحلفاء روسيا هذه الحقيقة فبدأوا بتوجيه انتقادات لروسيا وامتعاضهم من هذه الحماقة الروسية بأشعال نار الحرب دون ان تحسب لها حسابات دقيقة ، ولنا تجارب في الحياة هو ان كل معتدي سيدفع الثمن بقوة . وهذا ما ينتظره بوتين والشعب الروسي وليس مستبعدا ان يتم تقسيم روسيا الى روسيا الشرقية وروسيا الغربية كما حدث لألمانيا في الحرب العالمية الثانية وهذا ما سوف يحصل بالضبط بعد الانهيار الروسي المذل ، ذلك بما كسبت ايديهم .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here