البرلمان يستأنف جلساته وسط أجواء مشحونة بتنفيذ اتفاق تجديد الثقة للحلبوسي

رغم الأجواء المتوترة في بغداد، عقد مجلس النواب جلسته الأولى منذ أكثر من ثلاثة أشهر، والتي شهدت تجديد الثقة برئيسه محمد الحلبوسي بناء على اتفاق بين تحالف السيادة والإطار التنسيقي، ومنح منصب النائب الأول إلى محسن المندلاوي، الذي يوصف بأنه مستقل.

وبدأت القوات الأمنية تحضيراتها للجلسة مبكراً، ومنذ ساعات الليل عندما قطعت عدداً من الجسور أبرزها جسري الجمهورية والسنك المؤديين إلى المنطقة الخضراء.

ومع ساعات الصباح الأولى، شهدت بغداد زحاماً مرورياً كبيراً بسبب الإجراءات الأمنية، أرغم الموظفين والطلبة على المشي لمسافات طويلة وسط سخط شعبي.

ونقلت صور من داخل البرلمان وصول النواب، ومن بينهم المكلف من قبل الإطار التنسيقي بتشكيل الحكومة محمد شياع السوداني.

وأكد مجلس النواب في بيان رسمي، أن الجلسة لن تتضمن التصويت على مرشح رئيس الجمهورية، في محاولة لامتصاص غضب الرافضين للمضي بتشكيل الحكومة.

وبالتزامن مع بدء الاجراءات الأمنية، تجمع عدد من المواطنين في ساحة التحرير منذ الليلة التي سبقت عقد الجلسة، وازدادوا مع النهار وحاولوا العبور إلى المنطقة الخضراء صباحاً لكنهم بعد أن تجاوزوا الحاجز الأول عند جسر الجمهورية تراجعوا قليلاً تحت تأثير الاجراءات التي اتخذتها القوات الأمنية.

وعلى الجانب الآخر من الجسر، وعند منطقة كرادة مريم القريبة من مبنى البرلمان، أظهرت صور تواجدا مكثفا للجيش والآليات العسكرية لمنع المتظاهرين من الوصول.

ومرت ساعات الصباح الأولى ثقيلة على البغداديين بسبب الزحامات المرورية وكثرة القطوعات وكأن العاصمة عاشت في شلل تام. هذه الإجراءات لم تؤثر على المواطن فحسب، فقد أجبرت البرلمان على تأجيل جلسته لبعض الوقت لأن العديد من النواب لم يتمكنوا من الوصول إلا متأخرين.

ومع حلول الساعة الثانية ظهراً، قرع جرس البرلمان معلناً بدء الجلسة بحضور ابتدائي كان بـ 203 نواب، لكن هذا العدد تزايد بعد ذلك وليصل إلى 235 نائباً.

وكان الحضور من جميع الكتل وأبرزها الإطار التنسيقي وكتلة السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني وكتل صغيرة أخرى، فيما قاطع مستقلون الجلسة رافضين المضي نحو التوافقية مرة أخرى.

وترأس الجلسة في البداية النائب الثاني للرئيس شاخوان عبد الله، الذي عرض طلب الحلبوسي باستقالته على النواب، وكان الغرض من ذلك هو تنفيذ اتفاق بين تحالف السيادة والإطار التنسيقي على تجديد الثقة له والتخلص من الحرج في مواجهة التيار الصدري.

وصوت المجلس بالأغلبية الساحقة على رفض استقالة الحلبوسي وسط تصفيق وزغاريد المؤيدين له في كتلته.

وفي هذه الأثناء، نشر صالح محمد العراقي، المقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تغريدة علق فيها على عقد جلسة البرلمان بالقول “الوطن أهم من مناصبكم وكراسيكم وسلطتكم وسلاحكم ومشاريعكم وتجارتكم وأموالكم وأهليكم وقصوركم”.

وتابع العراقي، “لن نشارككم ولن نهادنكم ولن نحاوركم على اتمام صفقة الفساد وإرجاع العراق إلى المربع الأول والمعادلة الفاشلة التي نهى الله عنها لانها أضرت بالوطن ونهت عنها المرجعية حين قالت: (المجرب لا يجرب)، لا بنفس الأشخاص ولا بنفس النظام ولا بنفس الدستور ولا بنفس الآليات ولا بنفس الميليشيات ولا بنفس التبعية ولا بنفس الأسلوب”.

وهدد العراقي الإطار التنسيقي بالقول “فوالله إن عدتم كما كنتم فإنها نهاية العراق بل نهايتكم ايضاً… فأتقوا الله إن كنتم قادرين على ذلك بعد أن أغرتكم الدنيا ولفت حولكم حبائل الشيطان وطابت لكم زخارفه والاعيبه.. ولات حين مندم”. وبعد أن حصل الحلبوسي على الثقة من جديد رأس الجلسة وفتح باب الترشيح إلى منصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب، وكان المتنافسون هم النواب محسن المندلاوي وياسر هاشم الحسيني وباسم خشان.

واثناء تصويت البرلمان على منصب النائب الاول، سقط عدد من صواريخ الهاون داخل المنطقة الخضراء، وسمعت صفارات الإنذار تدوي في المكان.

واعلنت خلية الإعلام الأمني في بيان رسمي تلقته (المدى)، ان “الهجوم على المنطقة الخضراء تسبب في إصابة عدد من العناصر الأمنية بينهم ضابط”.

وأضاف البيان، ان “القذيفة الأولى سقطت أمام مبنى مجلس النواب العراقي والثانية قرب دار الضيافة والثالثة قرب سيطرة القدس”.

وأصدر العراقي تغريدة أخرى أكد رفضه استعمال العنف والسلاح، متهماً المحتل وأذنابه من الإرهاب وفلول البعث الصدامي أو جهات تريد النيل من سمعة الإصلاح والمصلحين أو إتهام الثوار بذلك.

وبعد ذلك، أعلن مجلس النواب عن فوز محسن المندلاوي بمنصب النائب الاول لرئيس مجلس النواب خلفاً للمستقيل حاكم الزاملي، ومن ثم رفع البرلمان جلسته.

وأكد بيان نيابي تلقته (المدى)، ان “الحلبوسي وجه اللجان النيابية باستئناف عملها والعمل على استضافة الوزراء في حكومة تصريف الأعمال والمعنيين فيها ومتابعة مراحل تطبيق قانون الأمن الغذائي والقوانين الاخرى”.

ودعا الحلبوسي بحسب البيان، “القوى السياسية للجلوس على طاولة واحدة لإيجاد مخرج سياسي للبلد”، مشدداً على “أن يكون هناك حل سياسي شامل يتحمّل الجميع فيه مسؤولياته وما يلقى على عاتقه أمام الشعب”.

يأتي ذلك، في وقت واصل المتظاهرون نشاطاتهم الاحتجاجية في ساحة التحرير مع انباء تفيد بسقوط عدد من الجرحى عند محاولتهم العبور إلى المنطقة الخضراء.

وعلى صعيد متصل، ذكر بيان حكومي، ان “رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي وجه القوى الأمنية بمتابعة مرتكبي جريمة القصف الصاروخي للمنطقة الخضراء وإلقاء القبض عليهم”.

وأكد الكاظمي بحسب البيان “ضرورة التزام القوى الأمنية بواجباتها في حماية مؤسسات الدولة، والأملاك العامة والخاصة، والمتظاهرين السلميين”، داعيا “المتظاهرين إلى الالتزام بالسلمية، وبتوجيهات القوى الأمنية حول أماكن التظاهر”.

وتابع أن “الوضع الأمني الحالي يمثّل انعكاساً للوضع السياسي”، مجدداً الدعوة “للحوار بين كل القوى المتصدية للشأن السياسي؛ للخروج من الأزمة الحالية، ودعم الدولة ومؤسساتها للقيام بمهامها، وتجنيب المواطنين تبعات الصراعات السياسية، والحفاظ على الأمن، ورفض أي مساس بالسلم الاجتماعي”.

وشدد “على ضرورة استمرار التعاون والتنسيق بين السلطات”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here