إشكالية التشرينيين المعرقلِة لأهدافها لا زالت قائمة

بقلم مهدي قاسم

الظاهرة الملفتة التي رافقت انتفاضة التشرينيين منذ البداية قد تجسدت في عدم وحدانية برامجهم السياسية كبرنامج محدد ومتفق عليه من قبل جميع المشتركين في الانتفاضة ، فضلا عن الفضفضة التنظيمية المترهلة التي رافقتهم ، فبدأ الأمر وكأن كل واحد منهم يغني على ليلاه : فهذا تظاهر من أجل التغيير و الإصلاح ، وذاك من أجل التعيين والوظيفة ، والثالث تحقيقا لمصلحة معينة أو ثأرا لتظلم أصابه و هكذا ..والخ .. هذا دون الحديث عن أفكار وميول مختلفة وأحيانا متضاربة ، متصادمة بشدة مع بعضها بعضا ، وسهولة شراء ذمم بعض ” القادة ” بإغراءات وظيفية أو مواقع سياسية في أحزاب الفساد المهيمنة ..

بالطبع إضافة إلى عدم الاستجابة الجماهير المليونية مع الانتفاضة من أجل حسم نهائي للمسألة ..

الأمر الذي جعلها سهلة النيل والتنكيل بها قتلا واغتيالا و خطفا وتعذيبا و تغييّبا ..

لهذا فكان من المفترض بعد مرور سنتين على انطلاقة الانتفاضة أن تجري عملية مراجعة عامة للأخطاء أو الهفوات التي حدثت لعدم تكرارها ، ثم السعي في الوقت نفسه نحو توحيد صفوف الأطراف والأشخاص والتيارات مع وضوح الأهداف في إطار تنظيمي موحد و عام ولكن مرن ضمن حركة جماهيرية كبيرة وواسعة ملتزمة بأهدافها ولو بحدها الأدنى وباصرار لا يلين نحو التغيير الجذري والإصلاح الحقيقي ، طبعا ، حركة أو تيار جماهيري واسع دون صرامة حزبية تقليدية أو بيروقراطية توجيهية متشددة ..

ـ أي مرنة في نشاطها السياسي انفتاحا حتى على القوى الإسلامية المعتدلة والمسالمة ، و مبتعدة عن ارتكاب أعمال عنف و أشكال فوضى ، و لكن في الوقت نفسه صارمة في تحقيق أهدافها في التغيير الجذري في كل الأحوال ..

يبقى أن نقول أن مسألة القيام بتظاهرات واعتصامات دائمة ومتواصلة ، و بصمود وشجاعة وبأس عظيم ، وما يرافق ذلك من تقديم تضحيات غالية وجمة ثمينة ، أمر حسن ورائع محمود حقا ، ولكنها بحد ذاتها لا تكفي لتحقيق الأهداف المرجوة والمنشودة ..

و بقاء أحزاب الفساد والعمالة وعصابات اللصوصية المنظمة والساسة المجرمين في السلطة حتى الآن لهو أكبر دليل على ما نقول ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here