حوادث مجهولة المسؤوليات

تعرضت العاصمة بغداد يوم السبت الماضي لفاجعة تثير الاستغراب فقد تعرض مبنى المركز الوطني للتحليلات في ( ساحة الواثق ) المكون من عدة طوابق للانهيار الكلي والمفاجئ وتحول إلى كتل كونكريتية وأتربة سقطت على الأرض وغطت جثث الأبرياء ، وهذا المركز من المشاريع الاستثمارية لهيئة استثمار بغداد حيث اعتمدته بالإجازة 402 لسنة 2018 دعما للقطاع الصحي ، وحسب المعلومات الأولية من مديرية الدفاع المدني فان أسباب الانهيار تعود لوجود إضافات غير نظامية على تصميمها الأساسي في حين تتكلم تغريدات عن وجود أخطاء جسيمة في التنفيذ ، وقد نجم عن الحادثة خسائر أبرزها سقوط عددا من الضحايا بين وانتشال الأشخاص من تحت الأنقاض وتعرضت محتويات المركز للتلف ، وتمثل هذه الحادثة خسارة كبيرة للأرواح والأموال وهي كارثة إنسانية بالفعل عندما يتحول المواطن من مراجع يبحث عن العلاج والشفاء على نفقته إلى أشلاء تحت الركام ، وحادثة بهذا الحجم و النوع تدل بشكل مؤكد على وجود مخالفات في مراقبة تنفيذ المشروع والحفاظ على جودته استنادا للمعايير والمواصفات ، وهو ما يشير إلى الهزالة والمهزلة في إدارة بعض قطاعات الدولة وما يتخللها من إهمال وفساد وهي عوامل تحول البنايات القائمة لتكون قنابل موقوتة عندما تكون بعيدة عن الرقابة الدورية لشروط السلامة والأمان .
وتتحمل مسؤولية ذلك جهات متعددة ومنها هيئة الاستثمار التي عليها متابعة الاستثمارات مع الجهات المعنية وليس منح الإجازات فحسب وكذلك أمانة بغداد كونها الجهة المعنية بمنح إجازات البناء والإضافة والتحوير ورصد التجاوزات والمخالفات من خلال دوائر البلدية التي غالبا ما تكون بموقف المتفرج ولحين المراجعة لانجاز معاملة حيث تقوم بفرض الغرامات واتخاذ إجراءات لا ترقى إلى مسؤوليتها في المحافظة على متانة البناء واستخدام المواد الملائمة وقياس درجة التحمل وغيرها من التفاصيل ، كما تشترك مديرية الدفاع المدني بالمسؤولية فمن واجباتها إجراء الكشف ألموقعي الدوري لكل المشاريع بما يضمن توافر شروط السلامة والأمان واتخاذ ما يلزم بموجب قانونها 44 لسنة 2013 ، كما تتحمل وزارة الصحة الجانب المهم كونها الجهة القطاعية للخدمات الطبية ولم تجيب كيف تحول المبنى لمستشفى وعيادات وسكن وهو مركز للتحليلات ، ومن المؤسف والمخزي أن تتنصل تلك الجهات عن أدوارها بعد حصول الحوادث وسقوط الضحايا وتبديد الأموال والثروات وان يتم اللجوء للتحقيق ثم نسيان الأمر وظهوره لاحقا هنا وهناك ، والأجهزة المعنية بهذه المواضيع غير مصابة بالعقم فلها ملاكات وأجهزة ومعدات يفترض أن تعمل بموجب معايير وقياسات لتتم معاينتها باستمرار لتلافي الوقوع بهذه الكوارث ، وقد أصبح من المعتاد أن تسلط الأضواء على هكذا مواضيع وتأخذ اهتماما رسميا يخفت بعد حين لتبدأ حادثة جديدة وكأن بلدنا محرقة للبشر والثروات وليست دولة عريقة عمرها الحديث أكثر من 100 عام .

باسل عباس خضير

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here