“قال” برهان جمودنا!!

“قال” وباء يفتك بالأجيال ويعطل العقول , وينفي التجديد والإنطلاق في مسارات العصر.
فلكي تروّج لفكرة ما , أو نص خبيث , عليك أن تلصقه بإسم يرتدي عباءة القدسية , فتنشره على أنه قول فلان أو فلان , وهو لعبة سمجة لنشر أفكار هدامة ومخلة بشرف فلان , وبالقيم والمعايير الصالحة للعزة والكرامة.
وفي زمن التواصل الخاطف , صارت المنشورات المدسوسة المتوَّجة بكلمة “قال” تتوارد من كل حدب وصوب , ويتحقق تمريرها على المغفلين أيا كانت درجاتهم , فالمنشور فيه آليات إنبهار وتشويق على القراءة , وأكثرها موضوعة بأساليب نفسية سلوكية إيقاعية.
وردني قبل أيام منشور من زميل يعنوان “قال فلان” , الذي تحقق تقديسه على مرّ العصور , وهو بعيد عما جاء به , وتقوُّل صارخ عليه , ونيل من قيمته وأخلاقه , لأن سيرته التي وصلتنا لا تتوافق مع ما جاء بالمنشور المروَّج بعناية وبرمجة نفسية مؤثرة.
هذه الحالة تعكس ما يدور في أرجاء الأمة , التي يُراد لها أن تقبع في ظلمات الغابرات , وتتكرر يوميا وتطغى على وسائل التواصل بأنواعها , فتستحضر السيئ وبتكراره تتوهم الأجيال أنها موجودات لا قيمة لها , ولا دور في صناعة الحياة وبناء أسس الخير والمحبة والأمل.
إن الترويج لأعاصير “قال” , تشير إلى أن حياتنا جامدة , وخالية من إرادة الكينونة الإنسانية المتوثبة , وفيها ما يؤكد أميتنا الحضارية , وعدم فهمنا لأعلام المسيرة المشرقة , التي ألهمت البشرية معاني ومعالم أكون.
فهل لنا أن نتورع ونُعْمِل عقولنا فيما يردنا من مدمرات للذوق السليم؟!!
” يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن لا تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين”
ترى هل تنطبق الآية على ما تقدم؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here