الصفحة الثانية لاشتباكات «الخضراء» تنتقل إلى الجنوب و«الإطار» يستعجل جلسة اختيار رئيس الجمهورية

بغداد/ تميم الحسن

مؤشرات الصراع المسلح التي بدأت تظهر في الجنوب، يتوقع ان تنتقل قريبا الى بغداد، فيما يحاول الإطار التنسيقي الاسراع في تشكيل الحكومة قبل فوات الاوان.

واختارت القوى المتصارعة، بحسب بعض المعلومات، ان تنقل ساحة المعارك من العاصمة الى مدن البصرة وذي قار.

وتتم هناك التغطية على اسباب ما يجري (وهو خليط من التنافس السياسي- الاقتصادي)، عبر تغليفه بالنزاعات العشائرية.

وبدأ التوتر يتصاعد في الجنوب منذ مطلع الشهر الحالي – عقب اشتباكات الخضراء، وتطور الأمر من الاستعراضات المسلحة في الشوارع الى استخدام صواريخ «الكاتيوشا».

في غضون، ذلك وصف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ما جرى في نهاية آب الماضي، في المنطقة الخضراء، بانه «حرب اهلية» تم تطويقها بعد ذلك.

وسبق ان حذر الكاظمي يوم الاثنين الماضي في ذكرى وفاة الرئيس العراقي جلال طالباني، من ان «النار ستحرق الجميع» إذا لم تذهب كل الاطراف الى الحوار.

وفي مقابلة مع صحيفة اجنبية امس الثلاثاء قال الكاظمي تعليقا على احداث الخضراء: «نعم كنا على حافة حرب أهلية، ولكن الحكومة عملت بكل حكمة وتدبير كي لا ننجر لذلك».

واعتبر الكاظمي أن تصريحات عدد من القادة السياسيين تسببت في إشعال الصراع بين «الإطار» والصدر، فيما نفى نية الاخير تنفيذ «انقلاب» في العراق.

واوضح رئيس الوزراء ان «القوى السياسية لا تؤمن بالقيم الديمقراطية الحقيقية، بل بالقوة والسلطة فقط».

كما أعاد الكاظمي التشديد على أهمية الحوار، قائلاً «على الصدر أن يلتحق بالحوار، لأنه الحل الأوحد في نهاية المطاف».

وبدأت تحذيرات الكاظمي تجد صداها بعد تصاعد اعمال العنف في محافظتي ذي قار والبصرة، استدعت على إثرها زيارة مستعجلة من مسؤولين رفيعين الى المحافظتين اضافة الى ارسال تعزيزات عسكرية.

وعن ما يجري هناك يقول مسؤول امني في الجنوب تحدث لـ(المدى) بان «المرحلة الثانية لاشتباكات الخضراء نقلت الان الى البصرة. البصرة مدينة مهمة بعد بغداد».

وكان الهدوء قد عاد الى البصرة صباح أمس، بعد ليلة من الاشتباكات قرب القصور الرئاسية المطلة على شط العرب.

المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه اعتبر ان «الصراع في الجنوب قد يتصاعد كلما اقترب الإطار التنسيقي من تشكيل الحكومة، وقد يعود مرة اخرى الى بغداد».

كذلك اشار المسؤول الى ان ارتفاع وتيرة العنف في الجنوب «له علاقة بذكرى انتفاضة تشرين، ومحاولة التشويش على الحراك الشعبي، ومن أجل التغطية على فشل القوى السياسية».

واعتبر المسؤول الأمني: «كل الصراع الذي يدور منذ 20 عاما في البصرة هو بسبب التنافس على المفاصل الاقتصادية والمناصب السياسية والإدارية، ويتم تغليفه بغلاف النزاعات العشائرية».

واكد المسؤول البصري ان «هناك صراعا قويا على تهريب النفط والسيطرة على المنافذ الحدودية، والموانئ والمطارات، والمناصب الادارية».

ووصل امس الى البصرة بعد ليلة سقطت فيها 3 صواريخ على القصور الرئاسية التي تضم مقرا رئيسا للحشد الشعبي، وفد امني رفيع المستوى عقب زيارة مماثلة الى ذي قار.

ونقلا عن الوكالة الرسمية، فان رئيس اركان الجيش عبد الامير يارالله ونائب قائد العمليات المشتركة عبد الأمير الشمري وصلا الى البصرة للاطلاع على الأوضاع، ومتابعة الجانب الامني فيها.

وكانت الصواريخ التي سقطت ليلة الاثنين في البصرة قد لحقتها اشتباكات مسلحة بين أطراف لم يتم الكشف عن هوياتها.

وسبق ان كشف محافظ البصرة اسعد العيداني الاسبوع الماضي، عن ما وصفها بـ»الاستعراضات المسلحة» التي جرت في المحافظة، فيما نفت القيادة العسكرية تلك الانباء.

وقال اسعد العيداني في مؤتمر صحفي مشترك مع القيادات الامنية في البصرة يوم الجمعة الماضي، ان «فصائل من الحشد الشعبي استعرضت بالسلاح اول أمس في البصرة وامس استعرضت سرايا السلام».

واشار إلى أن محافظة البصرة تستعد لاستضافة بطولة (خليجي 25)، وان «القوات الامنية قادرة على ردع كل من يقوم بالاستعراضات المسلحة والحفاظ على أمن المدينة».

وتابع، «لا نريد زج القوات الأمنية في الصراع السياسي»، مؤكداً، «من اليوم.. القوات الامنية ستنتشر في الشارع وستمنع اية مظاهر مسلحة في مدينة البصرة بدون الموافقات الأمنية».

وأظهرت مقاطع مصورة، تداولها ناشطون في مواقع التواصل، المئات من عناصر سرايا السلام (الجناح العسكري التابع للصدر) يستعرضون بأسلحة خفيفة ومتوسطة، ويتجولون في شوارع البصرة بعجلات «بيك اب».

وشل الاستعراض بحسب المقاطع التي انتشرت الاسبوع الماضي، حركة المرور الطبيعية في الشوارع، حتى وقت متأخر من ليل الخميس الماضي، قبل أن تنسحب السرايا من الشوارع.

وقبل ذلك كانت فصائل اخرى يتوقع بحسب ناشطين في البصرة، انها من عصائب اهل الحق التابعة للقيادي في الإطار التنسيقي قيس الخزعلي، قد قامت باستعراض عسكري مماثل في البصرة.

وفي تطور لاحق لأحداث الجنوب اعلنت محافظة ذي قار عن وصول تعزيزات أمنية جديدة الى مدينة الناصرية.

وجاء ذلك بعد ليلة شهدت احداثا ساخنة في مركز المحافظة، حيث قام مجهولون باضرام النيران في مبنى المحافظ، قبل ان تعلن السلطات هناك فرض حظر للتجوال.

وتشير بعض التسريبات الى ان ما يجري في الناصرية متعلق بأحداث البصرة، وتؤكد تلك المعلومات ان «أطرافا سياسية تريد الانتقام مما جرى في ليلة صواريخ البصرة بتخريب الاوضاع في ذي قار التي يديرها محافظ مقرب من التيار الصدري».

في تلك الاثناء، قال محافظ ذي قار محمد الغزي في بيان عقب انتهاء زيارة الوفد الامني نفسه الذي ذهب الى البصرة بعد ذلك بانه تم تعزير ذي قار «بقوات امنية اضافية لترسيخ الامن وملاحقة المخربين».

وكشف الغزي امس عن «اعتقال 30 مخربا ضبطوا بالجرم المشهود في احداث الشغب ليلة امس وتم تحويلهم الى الجهات القضائية لينالوا الجزاء العادل»، لافتاً الى «صدور 20 مذكرة قبض جديدة ستنفذ اليوم بحق متورطين آخرين».

بالمقابل دفعت احداث الجنوب والخوف من تحول التوتر الامني مرة اخرى الى بغداد، الى ان يقرب الإطار التنسيقي موعد جلسة اختيار رئيس الجمهورية.

وتحدثت مصادر مقربة من «الإطار» لـ(المدى) بان «هناك مساعي لعقد الجلسة المنتظرة قبل يوم 25 من الشهر الحالي»، موعد عودة الاحتجاجات الى الشارع، حسبما اعلن ناشطون محتجون.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here