الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب أضواء على ثورة الحسين لسماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: من أسباب ترك الإمام الحسين عليه السلام للعمل بالتقية: ما ورد عنه عليه السلام من قوله (ألا وإن الدّعي بن الدّعي قد خيرني بين السلّة والذلة. وهيهات منا الذلة يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنين) والدّعى بن الدعي هو الحاكم الأموي.والسلّة هو سل السيف للقتل، والمراد به التهديد بالقتل. والذلة هو المبايعة والدخول تحت السيطرة الأموية. وقوله : وهيهات منا الذلة، يعني هيهات منا المبايعة كما يريد الحاكم الأموي. كما قال في الخطبة نفسها: (ان نؤثر بيعة اللئام على مصارع الكرام) كما يدل على ذلك ما ورد من ان الحكم القائم يومئذ دسّ في مكة أربعين من العتاة وبثهم ما بين الناس، وأوصاهم ان يقتلوا الحسين عليه السلام ذلك ومن هنا خرج من مكة قاصداً المدينة المنورة لكي كون مقتولاً خارج الحرم المكي الذي جعله الله آمنا وحرّم فيه كل أشكال اهراق الدم حتى الصيد كما جاء في سورة الاعراف 94-96 “وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ” (الاعراف 94-96). فكره عليه السلام أن يكون سبباً لهتك هذا الحرم المقدس. إذن ، فلم يكين مستطيعاً أن يتجنب كلا الأمرين: البيعة والتضحية، معاً بل كان مكرها أن يقبل بأحدهما. وقد اختار لنفسه أعلاهما وأشرفهما وهو التضحية.
جاء في الموسوعة الجزائرية للدراسات السياسية والاستراتيجية حول انهيار الوحدة الوطنية في ظل حكم صدام حسين: عمل النظام على ملاحقة التيارات الدينية، والمراجع الدينية في الجنوب الشيعي وتدخل في التعليم الديني، وتم تصفية وإعدام قسماً من المعارضين، أو أجبروا على ترك البلاد، ومنعوا من المشاركة الفعلية في الحياة العامة، وهذا ما حذا بأحد المراجع وهو عبد المجيد الخوئي، ابن المرجع الأكبر أبو القاسم الخوئي، الذي توفى عام 1992، إلى مغادرة البلاد إلى الخارج، وتشكيل مؤسسة الخوئي في لندن عام 1998،وكان معه الكثير من المعارضين للنظام الذين أكدوا أن معاناة الشعب العراقي يجب أن تستمر حتى يسقط النظام العراقي، وعلى هذا الأساس خلص مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن سياسة الحكومة العراقية تقوم على انتهاك منهجي لحقوق الحرية الدينية التي تضمنتها المادة (18) من الحقوق المدنية والسياسية الدولية، والتمييز ضد رجال الدين الشيعة والتراث الديني للشيعة، لكن تظهر ازدواجية المعايير في الأمم المتحدة أن الحزبين الكرديين الرئيسيين عملا على تصفية الجماعات الإسلامية والتركمانية دون أن تندد بعثات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بهذه الأعمال، ولم تندد بالانتهاكات اليومية على الحدود العراقية من قبل قوات التحالف في جنوب العراق حيث كانت الطائرات الغربية تغير على الأراضي العراقية، كما أنها قامت بضرب العراق فيما عرف بعملية ثعلب الصحراء. في هذا الإطار اعتمدت سياسة الحكومة العراقية في ظل ضعفها، سياسة جديدة تقوم على الاستعانة بشيوخ القبائل العراقية، حيث تشتريهم السلطة وتسلحهم وتتلاعب على حساسيتهم العربية ضد المؤسسة الدينية الشيعية، وبين إصلاح المراكز وأماكن العبادة التي تضررت من جراء حرب الخليج الثانية وانتفاضة الجنوب 1991 وتم فتحها للحجاج الإيرانيين وغير الإيرانيين، لكن تم تقييدهم بيروقراطية كبيرة عند دخولهم إلى هذه المناطق، كما عمل العراق على استقطاب الشيعة من خلال تكليف عضو القيادة القطرية سعدون حمادي وهو شيعي لتشكيل حكومة عراقية في الثالث والعشرين من مارس 1991 ، لكن بالرغم من ذلك تم التضييق على بعض المراجع الشيعية واغتيال البعض منهم تحت ظروف غامضة مثل المرجع محمد صادق الصدر مع ولديه في فبراير 1999، وهو والد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي سطع نجمه بعد احتلال العراق 2003. وكان صدام يمثل فرعون العراق قال الله تعالى “وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ” (الاعراف 127).
جاء في كتاب رفع الشبهات عن الانبياء عليهم السلام للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: موسى وهارون عليهما السلام: قال تعالى على لسان موسى عليه السلام : “قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ” (لأعراف 143). إن مثل هذا السؤال المنكر لا يحصل إلا من الجاهلين فكيف تفسرون صدوره من موسى عليه السلام . الجواب :بسمه تعالى : هذا يراد به النظر المعنوي او القلبي وليس النظر المادي. وما يصدر من الجاهلين هو طلب النظر المادي لا المعنوي. كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: أنه لا تراه الأبصار ولكن تراه القلوب بحقائق الأيمان. أو كما قال ابن الفارض: فامنن ولا تجعل جوابك: لن ترى.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط