لا للمكاء ولا للتصدية

حسن كاظم الفتال

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ـ الأنفال / 35

هذه الآية الكريمة توقف عندها كل المفسرين والمحققين وبينوها في مصادرهم المعتبرة بأنها تشير إلى نبذ حالة من الحالات وهي ( التصفيق ) وبينوا بتفاسيرهم أن المكاء التصفير أي الصفير والتصدية صفق اليدين أي التصفيق .

جاء في مجمع البيان : روي ان النبي صلى الله عليه واله كان اذا صلى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران ورجلان عن يساره يصفقان بأيديهما فيخلطان عليه صلاته فقتلهم الله جميعا ببدر .

وفي الرواية ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه واله واخبره ان قريشا قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك وانزل الله في ذلك : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) ـ الأنفال/30 واجتمعت قريش ان يدخلوا عليه ليلا فيقتلوه وخرجوا إلى المسجد يصفرون ويصفقون ويطوفون بالبيت فانزل الله :(وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ـ الأنفال / 35 فالمكاء التصفير ، والتصدية صفق اليدين . أي التصفيق .

إنتهت الرواية . وهذه الرواية تبين أن آثار ( التصفيق ) سلبية إذ ربما يؤدي إلى ارباك الفرد ويحجب عنه الإستيعاب بشكل سليم ويؤدي إلى إضطراب الفكر حيث يشغل المتلقي ويلهيه ويمنعه من اكتساب أي منفعة .

ولذلك اتخذت قريش من التصفيق اسلوبا من اساليب التشويش والسعي لحجب الناس عن سماع الآيات البينات الكريمات التي تهدي الناس للتي هي أقوم . ومصداق ذلك قوله تعالى : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) ـ فصلت / 26)

والتصفيق إن لم يكن يسبب ضررا ما أو عيبا فمن المؤكد أن ثمة مواطن ليس من اللائق ان يمارس فيها التصفيق وليس بمعنى الحرمة أو عدم الجواز إنما لعله يبعث على الاستخفاف والسخرية .

ولعل البعض حين يجتمع حوله بعض الناس يحاول أن يتخذ من التصفيق وسيلة من وسائل كسب المنافع أو لتمرير مآرب شخصية معينة .وبعض يعتقد أن الدعوة والإلحاح إلى ممارسته والأخذ به ما هو إلا وسيلة من وسائل جذب الناس إليه ويحقق بذلك ما يطمح إليه حين يستجيبون إليه ويشاركونه وما ذلك إلا نتيجة الغفلة والتوهم .

فإن اليد التي تمد للقنوت في الصلاة خمس مرات يوميا وكذلك ترفع بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى كبيرٌ عليها أن تُمَد إلى التصدية .

حسن كاظم الفتال

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here