العراق للعراقيين

قلم ( كامل سلمان )

جاء الاول فقال العراق عراق العروبة والاسلام ، ثم جاء الاخر فقال العراق عراق صدام حسين ، ثم جاء الثالث فقال العراق عراق علي والحسين ، ثم جاء الرابع ليقول العراق عراق كسرى واخر عراق السلاطين العثمانيين واخر عراق نبوخذ نصر وعراق الصدرين وعراق هارون الرشيد وغيرهم ، كلهم والله كذبوا ، فما زال المحرومون هم ابناء العراق الحقيقيون يعيشون الحرمان ولم يشفع لهم هذا ولا ذاك ، لماذا تنسبون العراق لهذا وذاك وابناءه احق من غيرهم به للانتساب ، كل من اراد سابقا ويريد الان ان ينسب العراق لجهة او شخص او دين او فئة او قومية فهو ليس ابن العراق ويريد ان يتاجر بأسم العراق وهو لا يرتبط بحب العراق لا من بعيد ولا من قريب ، ليؤذي العراق ويؤذي العراقيين ، فهو كاذب ولا يهمه العراق ، دخلاء على العراق ويريدون ان ينسبوا العراق لهم بكل وقاحة. . . لم نسمع اية دولة في العالم تسمي بلدها بأسم شخص او فئة او جهة الا العراق وكأنما هذا البلد معروض في مزاد لمن هب ودب ، فالدول وشعوبها تضع اسم بلادها عاليا ، فقط الاسم تاج على رؤوسها ، اما عندنا فكل فئة تضع رمزها تاج على رأس العراق ، وكم تاج اذا جمعناهم على رأس العراق ، سينحني رأس العراق من ثقل التيجان و سينكسر ظهر العراق وهذا ما حصل فعلا ، ، ، عندما يصبح العراق عراق العروبة والاسلام يصبح الكورد و التركمان والعرب الشيعة واتباع الديانات الاخرى كلهم ضيوف على هذه الارض ممكن طردهم في اية لحظة ، وأكيد سيتهمون بأنهم جواسيس وخونة اذا دافعوا عن انفسهم، وعندما يصبح العراق عراق علي والحسين يصبح الكورد والسنة والديانات الاخرى والعلمانيين والتركمان ضيوف غير مرحب بهم ، يستعدون في اية لحظة للطرد ، وعندما يصبح العراق عراق الصدرين فأن اول الناس الشيعة من غير الصدرين والسنة والكورد والديانات الاخرى مستعدون للرحيل بلا رجعة او الذلة ، اذا الحياة عندنا فيها البقاء للأقوى ولا أمان لأي عراقي في العيش طالما الاقوى متغير حسب تغير الوضع الاقليمي ، وطالما من يرفع الشعارات لا ينظر الا لمن يتبع تلك الشعارات … لا أظن اي عراقي لا يرغب ان يسمع العراق للعراقيين بكل اصنافهم واطيافهم والوانهم ودياناتهم ، فإذا كانت هذه الرغبة هي رغبة الكل فما هي النوايا التي يحملها هؤلاء الذين يريدون العراق لفئة معينة ،،،، نقول لهم لقد حرمتم اليهود من ارضهم وبلدهم وتربتهم التي عاشوا في كنفها الاف السنين و طردتوهم في ليلة ظلماء وهم عراقيون اصلاء ، ومرة أخرى حرمتم الكورد الفيليبن و سفرتموهم من ارضهم وديارهم و سلبتم اموالهم وممتلكاتهم وحرمتم المسيحين من ارضهم وحرمتم العرب الشيعة وحرمتم العرب السنة وحرمتم العلمانين والشيوعيين والوطنيين والعلماء والمثقفين وحتى المؤمنين الحقيقين وتحرمون وتحرمون ، ثم ماذا بعد ؟ ، ، اسمعوها مني ياسادة يا كرام ، اي عراقي يحرم من دياره وارضه فلن يهنأ بعده احد ، ولن تصفى الغنيمة لأحد ان ظننتموا العراق غنيمة ، وهذه التجربة جربتموها منذ حرمان وتهجير اليهود وصولا الى تهجير الكورد الفيليبن الى تهجير السنة وقبلهم الشيعة ، فهل تذوقتم حلاوة الحياة وتذوقتم الراحة وهل تذوق باقي العراقيين نعمة الامان ونعمة الاستقرار ، فالمصائب تزداد يوما بعد يوم ، وقد حلت علينا تلك المصائب من النصف الاول من القرن الماضي ولم تفارق العراقيين ساعة واحدة ، مصيبة تلو المصيبة ، والفقر يزداد حتى اصبحت المزابل والقمامة مصدر رزق لكثير من العراقيين واصبحت بيوت التجاوز والعشوائيات ملاذا لمئات الالوف من العوائل ، والمقابر تزداد واكثر ساكنيها شباب بعمر الزهور ثكلت امهاتهم وتيتمت اطفالهم وترملت نساءهم ، والجهل والتخلف يزداد والفرقة والكراهية صارت هي البديل عن التقارب والألفة والمحبة ، الا ترون ذلك بأعينكم ام انكم لا تبصرون ، فهل تساءلتم يوما عن السر وراء كل هذه الآلام ام إنها صدفة او أن الله قد نصب العداء لأهل العراق ، فسروها بشكل واقعي ،،، هذا العراق اراضيه منوعه جبال ووديان وصحارى وسهول ، وزراعته منوعة صيفية وشتوية ومختلف المحاصيل ، و سكانه منوعين منهم الابيض والاسود والاسمر والطويل والقصير ، وخيراته منوعة من نفط ومعادن ومياه ، ودياناته ومذاهبه ومعتقداته منوعة وقومياته متنوعة ، وكل شيء فيه منوع ولا تستطيع اية قوة في الارض ان تتلاعب بهذا التنوع الا و يتبعه اختلال في الميزان و نقص في كل شيء ومصائب في كل شيء وندم على طول الخط ، وقد جربتم ذلك فأكتفوا من التجارب ولا تحاولون المزيد ، فالدماء لها حرمة ولها قدسية …واتركوا العراق للجميع وارفعوا اياديكم القومية واياديكم الطائفية واياديكم الفئوية فالعراق جميل لو تركتموه يعيش كما خلقه الله لا كما تريدون . . . عجيب انتم لماذا تريدون ان تعيشون في عراق خال من الجمال وتنتقصون من جماله ، فهذا السلوك لا يفسر الا بتفسير واحد هو الانحراف العقلي والتخلف الإنساني والحقد الذي صاحبكم من اعداء العراق و الذي لا يفارق تركيبتكم لأنكم اصلا لستم من اهل العراق بل جئتم اليه زاحفين فطابت لكم الليالي هنا ، فأذقتم اهل البلد المرارة تلو المرارة و مازلتم على نفس الشاكلة … نقولها ثانية ونقولها الف مرة العراق عراق العراقيين بدون استثناء وكل من عاش على هذه الارض من اهل الارض من عربه وكورده و مسيحه وايزديه وتركمانية فهو سيد هذه الارض وهو احق الناس بهذه الارض وهو وريثها الشرعي ولا يقبل غير ذلك ، فمهما ازدادت تجاربكم تزداد مصائبكم وتزداد معاناتكم وفي نهاية المطاف تسلمون للأمر الواقع بأن العراق للعراقيين .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here