رأس الفتنة وقمة البلاء ونزع الوفاء والبراءة من العراق ولصالح ايران وبقناع الولاية وسقطت اخر قطرة !!!

Attachment thumbnail
د. سلمان لطيف الياسري

-يعتبر التظلم الأكبر للصدر الانتخابات التي سرقت بعد عد الأصوات. وحصلت كتلته “سائرون” على المرتبة الأولى، بنسبة 22% من مقاعد البرلمان. ورغم حصوله على دعم الشيعة في العراق، إلا أنه استطاع تجميع تحالف من السنة والأكراد. وعندما بدا أنه على حافة تشكيل حكومة، قام الإطار التنسيقي بـ “انقلاب قضائي”،.

-و إن المحكمة الفدرالية قامت بتحريك قوائم المرمى في وقت كانت فيه الكرة على وشك عبور نقطة النهاية، وقررت أن الصدر بحاجة للحصور على أصوات ثلثي أعضاء البرلمان لانتخاب الرئيس وليس مجرد أغلبية عادية وتقوية نظرية الخراب (الكتلة الاكبر ) والعمى لكل ما ورد في القانون والدستور والذي لايخدم ايران والحرس الثوري ؟؟؟ .

 أجهزة الدولة العميقة استُنفِرت بكامل قواها كي تمنع تشكيل حكومة الغالبية السياسية، التي سعت إليها الكتل المتحالفة الثلاث (الصدر والحلبوصي والبرزاني ). فقد أفتت المحكمة الاتحادية، وهي أعلى سلطة قضائية في البلد، ومناط بها تفسير مواد الدستور، بأن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية تتطلب نصاب ثلثي أعضاء البرلمان، الأمر الذي جعل من الصعب على القوى الثلاث تحقيق النصاب، الذي يتطلب حضور 220 نائبا، وفي تلك اللحظة، وصلت الأمور إلى طريق مسدود. لقد هاجمت المليشيات المسلحة منزل رئيس الوزراء بطائرة مسيرة، باعتباره منحازا للتيار الصدري، ومتهما بتزوير الانتخابات لصالحه، وهاجمت بالصواريخ منزل رئيس البرلمان، الذي ينتمي إلى تحالف السيادة الحليف للتيار، وكذلك مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد، وهو الحليف الآخر للتيار. التيار الصدري، الذي فاز بـ73 مقعدا، وهو أكبر عدد من المقاعد تحرزها جماعة سياسية في الانتخابات الأخيرة، لم يتمكن من تشكيل الحكومة، حتى بالتحالف مع قوى أخرى فائزة، كالحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف السيادة، بسبب العقبات التي وضعها منافسوه، من الجماعات المنضوية تحت ما يسمى بـ”الإطار التنسيقي”، في طريقه، ابتداء من اعتصامات استمرت شهرين، قام بها منتسبو هذه الجماعات وميليشياتها، احتجاجا على نتائج الانتخابات التي لم يحصلوا فيها على الفوز الذي يرضيهم، إلى استخدام الدولة العميقة لعرقلة تشكيل الحكومة.

-وأكدت المحكمة على ضرورة تخلي حكومة إقليم كردستان عن تصدير النفط وتحويله إلى الحكومة الفدرالية، في تحرك كان يهدف لمعاقبة الأحزاب الكردية على دعمها تحالف الصدر… وأجابهم مسعود البرزاني ماكو هيج حجي ومحكمة كردستان لاترضى بذلك ؟؟؟ وقلب الاتحادية لاقليم والعكس بالعكسوطبعا يكون هذا الجواب لهرولة الاقزام لارضائه في كثير من المواقف واسفا للذيول والمتحرشفون

 وبالنسبة لإيران، يمثل العراق بوابة مهمة للمنطقة، ولن تتخلى عن حلفائها. ويريد الصدر تعزيزات من حلفائه العرب في الخليج، السعودية والإمارات . و إن الولايات المتحدة سئمت من لعب دور الحاضنة، والذي كلفها أكثر من 4.400 جندي ومئات الملايين من الدولارات , وتحولت المؤسسات الديمقراطية التي أنشأتها، البرلمان والمحكمة الفدرالية ورئيس الوزراء، ملعبا للمليشيات الشيعية.  .

– قد يخفي الصدر أهدافه لأسباب تكتيكية، لكن عندما يتعلق الأمر بالعقيدة الفكرية فهو يعني ما يقول. فهو يمقت الغرب، كما أنه صادق في خطبه المعادية لإسرائيل، وكذلك كراهيته للمثليين. إنه صورة مطابقة للخميني، لكن دون مؤهلات دينية. ومثله مثل الخميني وخامنئي، يسعى إلى فرض ما لا يستطيع كسبه بتوافق الآراء.

– طالما تشدقت المليشيات في العراق بأنها تحارب (المحتل) الأمريكي باعتبار أن (المقاومة) حق كفلته المواثيق الدولية، لكن الحقيقة هي أنها لا تسعى إلا لإضعاف الدولة وإفقارها وجعلها ساحة حرب ومنطقة غير مستقرة، خدمة لأهداف داعميها الأجانب.

وتستغل هذه المليشيات ضعف الحكومة غير المدعومة سياسيا، والتي (يطمح) أفرادها في البقاء بمناصبهم الهزيلة، دون اكتراث لتماسك الدولة ومصلحة الشعب، لتنفيذ مآربها في استهداف السفارات والمطارات والقواعد العسكرية التي تضم قوات صديقة ومستشارين أجانب وأرتالا عسكرية عراقية وصديقة.

هذه المليشيات، التي يتقاضى أفرادها رواتب من الدولة العراقية باعتبارهم منتسبين لـ(الحشد الشعبي) الذي يعتبر مؤسسة أمنية عراقية تتبع القوانين العراقية بموجب القانون رقم 40 لسنة 2016، تلعب دورين متناقضين. الأول هو أنها قوة أمنية عراقية وجزء من القوات المسلحة العراقية، وواجبها في هذه الحال أن تأتمر بأمر القادة الرسميين وتلتزم القوانين العراقية، ولا تمارس السياسة كما ينص على ذلك الدستور (المادة 9-أولا- الفقرتان -أ و-ج).

والدور الثاني هو أنها (مقاومة إسلامية) تستهدف قوات الاحتلال الأمريكي، علما أن الجميع يعلم أنه لا يوجد أي احتلال، فالقوات الأمريكية غادرت العراق عام 2011 بطلب من الحكومة العراقية، لكن قوة أمريكية صغيرة، جاءت لتقديم الاستشارات والمعلومات الاستخبارية والتدريب للجيش العراقي، بطلب من الحكومة العراقية عام 2014 بعد سقوط الموصل والأنبار وصلاح الدين ومدن عراقية أخرى في أيدي تنظيم داعش، وقد كان لها دور فاعل، إلى جانب القوات العراقية، في إلحاق الهزيمة بداعش وإسقاط حكمها الذي دام ثلاث سنوات.

فإن كانت هذه الجماعات المسلحة جزءا من مؤسسات الدولة العراقية، فلماذا تتصرف دون أمر من القيادات العسكرية العراقية؟ ولماذا تهاجم مطاري بغداد وأربيل والقواعد العسكرية العراقية بصواريخ الكاتيوشا وطائرات إيرانية مسيرة، ما يضطر القوات العراقية لصدها وإسقاطها؟ والسؤال الذي لم تجب عليه الحكومة العراقية حتى الآن، هو لماذا يبقى قادة هذه الجماعات، الذين يصرحون بولائهم للنظام الإيراني وتبعيتهم له، في مواقعهم القيادية دائما ويتصرفون باستقلالية تامة، ويزورون إيران متى ما شاءوا ويتباحثون مع قادة الحرس الثوري الإيراني، ويطلقون التهديدات والتصريحات السياسية المناهضة للسياسة الرسمية العراقية، ويكيلون الاتهامات والإهانات للمسؤولين الحكوميين، ابتداءً من الرئاسات، التي لم نعد نعرف عددها بسبب كثرتها، وانتهاء بضباط الشرطة الذين يؤدون واجباتهم بملاحقة القتلة والمجرمين؟

بل يقوم أفراد هذه الجماعات، وحسب اعترافات بعضهم الذين أُلقي القبض عليهم بالجرم المشهود، باستهداف وقتل ضباط الشرطة الذين يحققون في جرائم يشتبه بأنهم تورطوا فيها، كما حصل في البصرة مؤخرا عندما استُهدف ضابط تحقيق بعبوة ناسفة أثناء مرور سيارته قرب مقر عمله، ونجا منها بقدرة قادر. لكن زميلا له لم يسعفه الحظ، إذ تمكنوا من اصطياده وقتله قبله بأسابيع.

ولماذا يترأس رئيس هيئة الحد الشعبي قائمة انتخابية ويتفاوض مع السياسيين الآخرين بهدف تشكيل الحكومة المقبلة، إن كان الحشد الشعبي مؤسسة عسكرية بحتا؟ ولماذا أقاله رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، من منصبه قائلا إنه يخالف مهامه الأمنية بممارسته نشاطا سياسيا، لكنه عاد الآن وتحالف معه سياسيا، مع علمه أنه يخالف القانون والضوابط السياسية والعسكرية معا؟

من الواضح أن هناك خلطا مقصودا بين المهام السياسية والعسكرية، وأن هذه الجهات التي تدعي أنها أمنية هي في الحقيقة جهات سياسية تستخدم السلاح والقوة العسكرية لتمرير مشاريعها السياسية. ولو كانت مشاريعها السياسية وطنية بحتا، لهان الامر قليلا، لكنها مرتبطة بدولة أخرى تسعى منذ عقود لزعزعة استقرار العراق، وجعله ألعوبة بيدها وتابعا لها، تسخره حيث تشاء، وتضرب به خصومها ومنافسيها الإقليميين والدوليين.

الجماعات المسلحة تستغل ضعف الحكومة وسعي قادتها الحثيث إلى البقاء في المناصب التي حصلوا عليها في غفلة من الزمن وفي ظل أزمة سياسية واقتصادية وصحية، غير مكترثين بأن وجودهم ضرر كلي على العراق، بل أصبح عبئا ثقيلا على الدولة والمجتمع. لذلك أصبح من الضروري أن تتشكل الحكومة المقبلة من القوى الفائزة في الانتخابات كي تكون مسنودة سياسيا، وألا تتكرر تجربتا عامي 2018 و2020، عندما تشكلت من أفراد لا يتمتعون بالتأييد السياسي ولا الحنكة السياسية أو الخبرة الإدارية المطلوبة.

وفي ضوء هذا الضعف، ليس من المتوقع أن ترد الحكومة الحالية على الاستهدافات الأخيرة للجماعات المسلحة لمطار بغداد والقواعد العراقية التي تستضيف مستشارين أو قوات أجنبية، أو تحقق في مصدر وموقع انطلاق الطائرات المسيَّرة التي أصبحت سلاحا ماضيا في تدمير المؤسسات العسكرية والمدنية العراقية، ومن المؤكد أن هذه الطائرات ليست من صنع العراق، رغم أنها جُمعت ورُكِّبت في قواعد عسكرية عراقية لا تستطيع الدولة أن تتحكم بها، أو تصل إليها، لأنها تقع تحت سيطرة هذه المليشيات التي تخشاها الحكومة (الديمقراطية) التي يفترض أنها تمثل الدولة وتخدم مصلحة الشعب.

المطلوب من الحكومة المقبلة أن تتصرف كحكومة حقيقية مكتملة الأهلية، كما تفعل باقي الحكومات في الدول الأخرى، وتنتزع السلطة والقوة والنفوذ بقوة القانون من الجهات الخارجة على القانون، وألا تبقى تتفرج من أجل البقاء في السلطة، مهما كانت هذه السلطة هزيلة، كما تفعل الحكومة الحالية. القوى الفائزة في الانتخابات الأخيرة تقع عليها مسؤولية كبرى، وهي تشكيل حكومة قوية من السياسيين والخبراء المتمرسين كي تستعيد سلطة الدولة من جماعات تخدم مصالح دول أخرى، على حساب استقرار العراق ومستقبل شعبه.

يتوهم ذوو الخبرات السياسية المحدودة، والعواطف الجياشة الكامنة في غير موضعها الصحيح، أن دولة ما يمكن أن تخدم دولة أخرى لأسباب طائفية أو دينية. وهذا المبدأ أو التوجه ليس قائما في أي عصر من العصور، وبالتأكيد ليس قائما في هذا العصر، فالحكومات تخدم الدول التي تحكمها فقط، وإن تعاونت مع الدول الاخرى فإن شرط التعاون الأول والأخير هو أن يكون لمصحة الدولتين معا، وليس لمصلحة دولة على حساب أخرى. لذلك، من غير المحتمل أن تسعى دولة لخدمة دولة أخرى دون مقابل، فهذا الأمر لا يحصل مطلقا، وعلى أولئك البسطاء الذي أصبحوا مسؤولين في العراق أن يعوا هذه الحقيقة ويعملوا وفقها. الدول تتنافس فيما بينها من أجل خدمة مصالحها، ولا تقدم العون للآخرين مجانا ودون مقابل.

الجماعات العراقية الموالية لإيران تسببت في تمزيق العراق وتدمير اقتصاده وزعزعة استقراره وإرهاب شعبه وتهجير الكثير من سكانه، خصوصا ذوي المهارات والاختصاصات المطلوبة، وإن لم يواجهها الشعب العراقي بقوة، مستعينا بالمجتمع الدولي، فإنها سوف تتغول وتتحول إلى خطر يهدد المنطقة برمتها. الشباب العراقيون واقفون في وجهها بقوة وشجاعة منقطعة النظير، وقدموا تضحيات جساما في هذا السبيل، ولا شك أنهم سيتمكنون من ردعها، لكن الخسائر ستكون كبيرة إن لم يقف المجتمع الدولي معهم.  .

ولماذا تزُج الجماعات المتصارعة بمنتسبيها وأتباعها الفقراء في صراعاتها السياسية، ومحاولاتها الاستحواذ على السلطة والثروة؟ بدلا من أن تتبع الطرق الدستورية والقانونية والأعراف السياسية وتحل خلافاتها عبر الحوار والتفاوض؟

 

–        فإن الإفلات من العقاب في العراق لا يعود بالضرورة إلى نقص الإرادة لدى السلطات القضائية لمحاسبة القتلة، أو إلى نقص المعلومات حول من يقف وراء هذه الاعتداءات والجرائم. بل يعود غالباً إلى معرفة السلطات بقدرة تلك العصابات والميليشيات على إفشال أي محاولة من الحكومة لمحاسبتها.

 

–       https://youtu.be/VDr6m7vu3Xo

 https://youtu.be/8qlf4CyY11c

 

ورغم أن الكثيرين وجهوا أصابع الاتهام بشكل مباشر حينها إلى ميليشيات “الحشد الشعبي” المسلحة والمدعومة من إيران، فإنه لم يُكشف فعلياً وبشكل رسمي عن أي هويات للأشخاص الذين يشتبه بتورطهم في الحادثة، ولم تُنفذ في الأثناء أي نوع من المحاكمات أو الملاحقات. واعتبر ناشطون، بناء على ذلك، أنه في الواقع، لا أحد يجرؤ على الإقدام على ذلك، في ظل علاقة هذه الميليشيات الوثيقة بإيران، حتى تكاد تكون صاحبة الأمر والنهي في العراق، بشكل تضاهي فيه الحكومة.

وإن كانت الأجهزة الحكومية والسلطات في العراق عاجزة عن تأمين نفسها أو مجابهة خطر الميليشيات، فإن ما تتعرض له بقية فئات الشعب من مختلف الطوائف والتيارات لم يعد مفاجئاً.

 

***  فاز عبد اللطيف رشيد بمنصب الرئيس في العراق، بعد تسوية صادمة بين زعيم الحزب «الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي يبدو أنه لا يزال يحتفظ بقدرة صلبة على المناورة.

السؤال الذي يطرحه القلقون من هذا الاتفاق، بوصفه ضامناً أكبر للنفوذ الإيراني، هو: لماذا لم يتمكن التيار الصدري بمقاعده السبعين من إقناع الكرد، قبل شهور، بالتوافق على مرشح ما؟ ولماذا لم يكن مقتدى الصدر، وليس المالكي، هو الطرف الثاني على الطاولة أمام بارزاني؟

أحد من الذين طرحوا هذه الأسئلة، هو مايكل نايتس، الباحث في معهد واشنطن، الذي كتب على «تويتر»، بعد ساعات قليلة من جلسة الخميس: «ماذا لو تمكن الصدر من إنجاز هذه الوساطة، بين الحزبين الكرديين؟».

في الحقيقة، لا تبدو المقارنة واقعية لأسباب كثيرة. فالتيار الصدري حوصر بالممانعة الإيرانية ومخاوف حلفائها على نفوذهم، فيما ارتكب هو نفسه تكتيكات متقلبة وخطوات ارتجالية، دفعته أخيراً إلى الانسحاب من العملية السياسية.

ونتيجة لهذه الظروف، ثمة شعور عام بالإنهاك. فالقوى السياسية العراقية، القريبة والبعيدة عن الصدر، كانت طوال شهور لا تعرف شكل التسوية المطلوبة لإنهاء الشلل وتشكيل الحكومة، وهي عالقة في فضاء سياسي محكوم بالعداوة الشخصية بين الفاعلين.

وما إن تحققت هذه التسوية، متمثلة بجلسة سهلة الانعقاد، يسيرة النصاب، كان الجميع يترقب موقفاً ما من زعيم التيارالصدري. لكن شيئاً لم يحدث على الإطلاق. فلماذا مضت التسوية بهذه البساطة؟ بساطة أن يعود الإطار التنسيقي «منتصراً» في معركة طويلة وشاقة.

عدا الإنهاك، فإن الفاعل الإقليمي ضغط كثيراً لحسم أمر الحكومة. فالإيرانيون دفعوا باتجاه تشكيلها بصلاحيات كاملة ولدورة كاملة، بإغفال شرط الصدر في إجراء انتخابات مبكرة. كذلك الأميركيون الذين سئموا من «عراق عالق»، كما يصفه دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»، بينما كان النواب العراقيون ينتخبون الرئيس الجديد، عبد اللطيف رشيد.

والحال، أن كل شروط الصدر اختفت من معادلة تشكيل الحكومة، وبات طريق المكلف محمد شياع السوداني معبداً، باستثناء عوائق التفاوض التقليدية، أي حصص المشاركين في الحكومة وتوازن النفوذ بينهم.

ولا يزال «اختفاء» الصدر من المشهد يثير التكهنات. ويقول قيادي صدري، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن «هذه الصيغة التي تحققت الخميس، هي أفضل ما بيد الجميع (…) ومشروع التيار لم يصادف ظروفاً وعوامل لنجاحه».

وتتحفظ مكاتب الأحزاب الشيعية على تفسير ما حدث مع الصدر، وهذا التحفظ شجع مراقبين على التدقيق في مسار الأحداث، بحثاً عن تسوية بين الصدر من جهة، والإطار وإيران من جهة أخرى.

ومن الصعب التحقق من تسوية كهذه، على غرار الصفقة التي حسمت الأزمة بين المالكي وبارزاني، لكن مهمة المكلف محمد شياع السوداني، وخريطة الوزارات والأحزاب التي ستوزع عليها الحقائب، ستكشف ما إذا كانت هناك بالفعل صفقة مع الصدر، أم لا.

لكن، أين تدخل الإيرانيون في صفقة انتخاب الرئيس؟

تقول المصادر إن المالكي قرر الانقلاب على زعيم «الاتحاد الوطني الكردستاني» بالتخلي عن مرشحه برهم صالح. وكان محيط المالكي يردد خلال الأيام التي سبقت الجلسة، أنه «من غير المعقول أن يبقى الإطار رهينة لمعارك كسر الإرادة بين الحزبين الكرديين».

في المقابل، سربت مصادر كردية معلومات عن تدخل إيراني مكثف طيلة يوم الأربعاء، للضغط على «الاتحاد الوطني الكردستاني» بالمرشح عبد اللطيف رشيد، وفي حينه، كان الاتحاد منقسماً بشأن «جدوى الاستمرار في دعم صالح».

 

^^^لكل من الـ ٣٢٠ حزب و إئتلاف سياسي في العراق ميليشيات مسلحة، ربما بإستثناء الحزب الشيوعي. وهذه الميليشيات ليست متغلغلة في أروقة الدولة فحسب، بل لها كيانات مستقلة خارج الدولة و(مظاهر ممارسة) القانون. وهي تُمارِس العنف متى يحلو لها ومتى ما شعرت أن مصالحها تتعرض لأقل مساس. ما يربط جميع هذه الأحزاب هو المصالح المالية المشتركة، إذ استفاد كل حزب أو جهة سياسية و كل مَن إستوزرَ أو شغلَ منصباً مهماً في أروقة الدولة. و استفادت أيضاً، و بجشع قلَّ نضيره، عوائل ومُقربّي المسؤولين. وفي خضم المفاوضات واللقاءات في فنادق بغداد وعمّان بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، بلَغَت عملية شراء الذمم أوجّها لعقد الصفقات بخصوص “الكتلة الأكبر” لتشكيل الحكومة. وأعلن أحد “الشخصيات السنيّة” على إحدى القنوات الفضائية العراقية أنه أُعطيَ ستين مليون دولارا أمريكياً لكي يدخل في تحالف “دولة القانون” للمالكي! و كان هذا الشخص مستاءً لإنه توقعَ ضعف المبلغ… أولاد قُراد الخيل! لا يوجد أي وازع أخلاقي أمام أي “سياسي” عراقي،  الكل ينظر للعراق كأنه مِلكٌ له ولأقربائه. وقد يتباكون على الحسين أو يذمّوه، و لكن كلهم، ليبراليين وإسلاميين، سرّاق ومنافقون بدون إستثناء.

لم يكترث سياسيو المحاصصة الطائفية في بغداد يوماً لمذهبٍ أو مبدأ،

لخصَّ رجل عراقي بطريقة ساخرة، أُجريت معه مقابلة بالصدفة من قبل إحدى القنوات الفضائية العراقية في سوق السنك التجاري ببغداد، الوضع العراقي و رأي كثير من الشعب. “منذ خمسة عشر عاماً لم تُوفر الحكومة شيئاً غير اللطم وضرب الزنجيل والرز و مَرَق القيمة أيام المواكب الحسينية. لا خدمات ولا فرص عمل، وخريجو الجامعات عاطلون يجوبون الشوارع. مَن يُخالف هؤلاء الفاسدين سيُقتَل. لَن يتغير شيء في العراق طالما هذه النخبة الفاسدة في الحكم. وهم مأجورون من قبل السيّد الأمريكي، يًُجدِّد عَقْد هذا ويُنهي عقد ذاك، والأمريكي هو الحاكم الناهي.”

و تأكد كلام هذا المواطن، إن كان هناك مجالاً للشك، إذ “وافقَ” البرلمان العراقي على إنتخاب محمد الحلبوسي (حزب الحل السنيّ المنضوي في تحالف “الوطنية” لأياد علاوي) رئيساً، وبرهم صالح (الإتحاد الوطني الكردستاني، وهو رئيس وزراء إقليم كردستان السابق ووزير التخطيط في حكومة إبراهيم الجعفري للفترة ٢٠٠٥-٢٠٠٦) رئيساً لجمهورية العراق، وعادل عبد المهدي (“مستقل” حالياً، وسابقاً قيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، وشغل منصب وزير المالية في حكومة أياد علاوي عام ٢٠٠٤ ثم نائب رئيس الجمهورية عام ٢٠٠٥ ثم وزير النفط للفترة ٢٠١٤-٢٠١٦). وعادل عبد المهدي، نجل واحدٍ من أكبر إقطاعيي الناصرية في العهد الملكي، كان بعثياً وشارك في إنقلاب ٨ شباط ١٩٦٣ الدموي، ثم إنتقلَ إلى الماويّة (نسبةً الى الزعيم الصيني ماو) في سبعينيات القرن الماضي، ثم الى الليبرالية وأخيراً، ربما، إلى الإسلام السياسي الشيعي إذ تبوأ منصباً قيادياً مع المجلس الأعلى للثورة الإسلامية. كل ذلك في حياةٍ واحدة! والشخصيات الثلاث المذكورة (الحلبوسي وصالح وعبد المهدي) معروفة بقربها من الجناح اليميني الأمريكي.

قد يتسائل المرء عن دور المرجعية الشيعية في النجف، والسيستاني تحديداً. كان للمرجعية الشيعية ميزة مهمة هي عدم تدخلها في الأمور السياسية إطلاقاً، وكان هذا موقفها لقرون عدة. و لم يتناقض ذلك مع أن يكون لها دور إيجابي في التغييرات المجتمعية. فعلى سبيل المثال، سانَدتْ المرجعية، و بصورة فعّالة، ثورة العشرين ضد البريطانيين و أصدرتْ فتوى بوجوب مجابهة المُحتل. ومن نفس المنطلق، أصدرَ آية الله المرجع علي السيستاني، تحت تأثير الحكومة العراقية حينها، حسب رأي البعض، أو دون أي تأثير حسب رأي البعض الآخر، فتوى في ٤ أيلول ٢٠٠٢ تنص على وجوب محاربة الغزاة الأمريكان وأن التعاون معهم يُعتبَر من كبائر الذنوب (وقد نقلها حينها مراسل قناة الجزيرة ماجد عبد الهادي). وتعرّي هذه الفتوى، من ناحية، موقف السلفيين من كون الشيعة والمرجعية عملاء لأمريكا، ومن ناحية أخرى، تقف ضد خنوع الإسلام السياسي الشيعي للمُحتل. وفي ممناسبة أخرى، أصدرتْ المرجعية فتواها المعروفة بحمل السلاح ضد داعش التي احتلت ثُلث العراق في ظل حكم الإسلام الشيعي، وحزب الدعوة الإسلامية بالتحديد

و لكن الأمر تغيَّرَ مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام ١٩٧٩ واختراع آية الله الخميني مبدأ ولاية الفقيه، الذي لم يُقرَّهُ مُجمل مراجع النجف. واستمرت النجف في حيادها عن التدخل في السياسة، وانتُقِدَت من بعض المراجع، تأثراً بنهج الخميني، وعلى هذا الأساس أطلق محمد صادق الصدر مصطلح، وتبعه منشور، “الحوزة الناطقة” في تسعينيات القرن العشرين. ولم تكن “الحوزة الناطقة” تابعة لإيران أو مؤمنة بمنهج ولاية الفقيه، بل كان جلّ تركيزها على ربط الدين بالسياسة خلافاً لنهج المرجعية الأساسي في فصلهما عن بعض. لسنا هنا بصدد نقاش في أحكام الفقه الشيعي ونقاط ضعفه أو قوته، ولكن من النافل إدراك جَدلية العلاقة في موقف المرجعية من الأمور السياسية عموماً. و هذا يختلف جذرياً عن الدور الوضيع لأزلام الإسلام السياسي الشيعي في إقحام الدين، و المرجعية أيضاً، في كل صغيرة وكبيرة تخدم مصلحتهم. و ما يحتاجه المجتمع في العراق، هو إقصاء الفكر الديني من المعترك السياسي، أياً كان، ومن الإقتصاد والقضاء وقوانين الدولة والمجتمع. و نأمل أن تكون الخمسة عشر عاماً الأخيرة درساً مهماً في إعادة تقييم الفقه والممارسة من منطلقات عملية لها تأثيرها الملموس على حياة البشر، وإحياء مقولة، الدين لله والوطن للجميع، التي كانت ترددها الجماهير في مظاهرات عام ١٩٥٩ والثورة الفتيّة تجابه مخططات الخارج والإقطاع و آية الله محسن الحكيم (جدّ عمار الحكيم صاحب إئتلاف الحكمة و زعيم المجلس الإسلامي الأعلى) الذي أصدرَ فتوى تحريم الشيوعية.

لن يزول الخراب من العراق قريباً ولن تَدب العافية في كيانه الذي أنهكته الحروب والحصار  الفساد، و لكن شابات و شباب العراق ضربوا عرضَ الحائط مساوامات آبائهم، وبهم نتفاءل. لقد أثبتت البصرة أن هذا الشباب لا يكترث للأعراف التي سببَّت له المجاعة والعوز، و يعي دور الأجنبي القادم لنهب ثروات البلد والسياسي العراقي الفاسد الذي فتحَ البلد للسرقة والقتل. وإن قتلت المليشيات الإسلامية تارة فارس وحمودي المطيري، فلن يتمكنوا من قتل الآلاف الأخرى.

 

 إن العراق بعد الغزو الأمريكي تم تسليمه لعناصر طائفية موالية لطهران عن عمد من أمريكا من أجل إشعال المنطقة بالخلافات والحروب ولتجد واشنطن لنفسها قدمًا دائمةً في المنطقة تنفذ من خلالها مخططاتها وتتحكم في ثرواتها.

شن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر انتقاداً لاذعاً عليها، معتبراً أن السوداني بدأ يشكل “حكومة ائتلافية تبعية مليـشيـاوية”.

 

^^^^وحذر محمد صالح العراقي، المعروف بوزير الصدر، في بيان اليوم السبت من مشاركة أي من التابعين للتيار في التشكيلة الحكومية التي يترأسها السوداني المدعوم من الإطار التنسيقي، خصم الصدر اللدود.

كما أشار إلى أن الزعيم الشيعي نبّه من تحول البلاد إلى “ألعوبة بيد الأجندات الخارجية”، وتحول السلاح إلى الأيادي المنفلتة، وأموال الشعب إلى جيوب وبنوك الفاسدين”.

إلى ذلك، أكد أن مساعي تشكيل حكومة وطنية واسعة في البلاد فشلت، فبدأ “تشكيل حكومة ميليشياوية مجربة لن تلبي طموحات الشعب”.

واستنكر قمع صوت الشعب الرافض لإعادة البلاد إلى المربع الأول.

أتى تعليق الصدر هذا بعد صمت استمر يومين، ووصف بالمريب من قبل العديد من المراقبين والمحللين السياسيين، الذين توقعوا أن يطفو الخلاف السياسي والأزمة التي شلت البلاد سنة كاملة منذ الانتخابات النيابية السابقة، إلى السطح ثانية.

يشار إلى أن البرلمان العراقي كان انتخب قبل يومين (13 أكتوبر) عبد اللطيف رشيد رئيساً للبلاد، بعد أشهر من المماطلة والصراعات، واستقالة نواب الصدر، فكلف الأول بدوره السوداني تشكيل الحكومة الجديدة.

وشهد العراق منذ العام الماضي أزمة سياسية محتدمة بين التيار الصدري و”الإطار التنسيقي” (الذي يضم ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتحالف الفتح، وفصائل أخرى موالية لإيران)، حالت حتى الخميس الماضي دون انتخاب رئيس للجمهورية أو تشكيل حكومة.

وتأزم الخلاف أكثر منذ يوليو 2022 مع نزول طرفي الخلاف الأبرز إلى الشارع واعتصامهم وسط بغداد. ليبلغ أوجه لاحقا مع بدء مطالبة التيار الصدري بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة من أجل السير بالبلاد على طريق الإصلاحات في ظل رفض خصومه هذا التوجه، وإصرارهم على تشكيل حكومة بمرشحهم وانتخاب رئيس قبل أي انتخابات جديدة.

فيما تطور الصراع في 29 أغسطس 2022 إلى اشتباكات عنيفة بين الطرفين في وسط بغداد، أدت إلى مقتل 30 شخصاً، وفتحت الأبواب على احتمال عودة التصعيد بشكل خطير.

 

عجزت الحكومة العراقية عن منع الميليشيات من مهاجمة قوات التحالف التي تعمل بدعوة من الحكومة العراقية“.***

“كما لم تظهر بغداد القدرة على محاسبة قادة الميليشيات والسياسيين المرتبطين بها الذين يحرضرون مراراً وتكراراً على العنف ضد التحالف وضد المتظاهرين المناهضين للفساد“.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here