محمد حسين المياحي
لئن کان نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ومنذ تنصيب ابراهيم رئيسي بشکل خاص، قد واجه عاصفة قوية من الاحتجاجات العنيفة فإنه کان يتصور بأن الامر لن يتعدى ذلك بل وکان يٶکد بأن الاوضاع ستتغير لخالح النظام لکن الانتفاضة العارمة التي أعقبت مقتل الشابة مهسا أميني أذهلت النظام وأفقدته صوابه وجعلته يعيش حالة من التخبط والتناقض في التصريحات والمواقف.
في بداية هذه الانتفاضة التي فاجأت النظام وأربکته کثيرا، شرع بإطلاق التهديدات المصحوبة بتصعيد في الممارسات القمعية للأجهزة الامنية التابعة له حيث تجلى ذلك بوضوح في إستخدام القوات الامنية للذخيرة الحية وتزايد عدد القتلى والاصابات وکذلك إرتفاع أعداد المعتقلين وإستخدام شاحنات خاصة من دون أرقام وقد لفت الانظار بشکل خاص التهديدات شديدة اللهجة التي أطلقها کل من خامنئي ورئيسي واللتين قاما من خلالها بتخوين المنتفضين وإصدار الاوامر بالضرب بيد من حديد، ولکن الذي أصاب النظام بدهشة فائقة هو إن تلك التهديدات وماأعقبتها من الممارسات القمعية غير العادية، هو إنها أدت الى توسيع دائرة الانتفاضة وشمولها سائر المحافظات الايرانية بدلا من إخمادها أو تهدئتها على الاقل کما کان النظام يتمنى.
فشل التهديد والوعيد والقمع دفع النظام الايراني کعادته للبحث عن وسائل وسبل وطرق أخرى من أجل إنهاء هذه الانتفاضة، ولذلك فإنه شرع في تقديم التبريرات المختلفة لإندلاع الانتفاضة والسعي من خلال ذلك لإمتصاص حالة الغضب وتهدئة الشارع، لکن لايبدو إن اسلوب التبريرات قد نفع هو الآخر، ولذلك فقد طفق النظام هذه المرة في إستخدام لغة أشبه ماتکون بالتوسل عندما يمارس الانتقاد لبعضا من أجهزته ويشير الى حالات من القصور وعزمه على مواجهتها وحسم أمرها وبين کل ذلك لجأ لاسلوب يمکن وصفه بالخبيث عندما بدأ بالتأکيد على إن منتسبين لمجاهدي خلق هم من يقومون بالاعمال والنشاطات المضادة للنظام وذلك من أجل دق أسفين بين الشعب والمنظمة، غير إن هذا الاسلوب أيضا لم يحقق الهدف المرجو من ورائه، والدليل هو إن الانتفاضة بقيت مستمرة ودخلت أسبوعها الخامس ولفتت أنظار العالم أکثر من أي وقت آخر إليها وهذا بحد ذاته ماأصاب النظام بخوف غير إعتيادي ولاسيما بعد التصريحات الصادرة من بايدن شخصيا وکذلك مواقف أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الامريکيين المٶيدين للإنتفاضة.
النظام الايراني يبدو حاليا أشبه مايکون بالضائع والمشتت بيب أساليب التهديدات والتبريرات والتوسلات وحتى اساليب الخداع والکذب والتمويه، وهو يشبه في هذه الوضعية نظام الشاه في الفترات الاخيرة التي سبقت سقوطه!