الوطن المُتخيَّل!!

أن يُتخيل الوطن يعني أنه ضمير مستتر تقديره هو , ووفقا لذلك تتخذ إجراءات وتحدد إحتفاليات , وما يجري في الواقع اليومي أن الوطن مُغيَّب , وتدوسه سنابك الطائفية والفئوية والتبعية والتقليد , وتسحقه أدوات القهر والحرمان والعدوان على مفرداته , وعناصر هويته وما يشير إلى ملامحه.
فلكي نكون علينا أن نعرف الوطن , وتعيش صورته واضحة وفاعلة في الوجدان الجمعي والضمير.
الوطن ليس حالة متخيلة , بل حاضرة في الوعي الإنساني الوطني , ويدفع المواطنين إلى الجد والإجتهاد , والعمل في ربوعه لصناعة الحياة الأفضل للجميع.
أما أن يُغيَّب الوطن فيعني القضاء على ما فيه , ومهما توهمت الموجودات , فأنها بدون الوطن تصبح هباءً منثوراً , وعصفا مأكولا , فالوطن هو الوعاء الحاضن لكل موجودٍ يسعى على ترابه.
إن خلو الخطابات بأنواعها من روح الوطن , ومفرداته من الفواجع المروعة التي تحل بالمجتمعات , التي تخلت عن أوطانها وكأنها خلعت جلدها , وتنصلت عن ذاتها وموضوعها.
وتعيش بعض مجتمعات الأمة في فراغات , وتطارد سرابات , وتنكر أوطانها , وتحسبها أضغاث أحلام , وتتوهم بأنها ستكون بتمترسها في كينونات متصاغرة , وخنادق ظلماء , تعادي فيها الوطن وتنكره , وتحسب أن الأوعية المغلقة , التي تحولت إلى كرات بليارد متناطحة , هي الممثل الشرعي لإنتمائها والمؤسس لوطنها.
وبهذه الآلية التخندقية , تتمزق أوطان الأمة , وتتناثر المجتمعات , وتمارس التعبير عن حريتها الفتاكة , وديمقراطيتها الخلاقة اللازمة لتقديمها شهية على موائد الإفتراس اللذيذ.
والعجيب في بعض المجتمعات تنامي الأوهام الدينية في ربوعها , وتوجهها بواسطتها لتقديم الوطن قربانا للطامعين به , وتدمير ما فيه بإسم الدين الذي صار له تجارا مهرة , يجيدون إستعباد الشعوب وسحقهم ببعضهم , وهم الغانمون والآثمون.
فهل من وطن عزيز سعيد؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here