تقرير أوروبي يؤشر تشويها ايرانياً للحراك الشعبي عبر اتهامه بـ”الانفصالية”

اعتبرت شبكة “يورونيوز” الاوروبية في تقرير لها،  الثلاثاء، أن قادة إيران يحاولون تصوير الاحتجاجات الجارية منذ اسابيع بعد مقتل الكوردية الايرانية مهسا أميني، على أنها انتفاضة هدفها الانفصال من جانب الكورد وهي تشكل تهديدا لوحدة إيران، وليست موجهة ضد نظام حكمها الديني، لافتا إلى خطأ النظام بجر البلاد الى احتمال وقوع “اقتتال اهلي”.

وبعدما لفت التقرير الذي نشرته “يورونيوز”، باللغة الانجليزية وترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن الاحتجاجات انتشرت بسرعة في جميع أنحاء البلاد منذ جنازة أميني، الى العاصمة طهران ومدن في وسط إيران والجنوب الغربي والجنوب الشرقي حيث تتركز الأقليات العربية والبلوشية، اشار الى ان صرخات “المراة الحياة الحرية” كانت تسمع في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك في الجامعات والمدارس، والى جانبها دعوات تدعو الى اسقاط المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

إلا أن تقرير “يورونيوز”،  تابع قائلا ان الكثير من حملة القمع من جانب قوات الأمن كانت تتركز على مناطق شمال غرب البلاد حيث تعيش غالبية كوردية في إيران والمقدر عددهم بعشرة ملايين نسمة.

واضاف ان السلطات استعانت بشرطة مكافحة الشغب وقوات الباسيج من محافظات اخرى لارسالها الى مناطق شمال غرب ايران، بحسب ما يؤكد شهو عيان، كما جرى ارسال دبابات الى المناطق الكوردية حيث يتصاعد التوتر بشكل خاص.

وبالاضافة الى ذلك، ذكر التقرير أن إيران شنت هجمات بالصواريخ على مواقع جماعات كوردية معارضة تتهمها طهران بانها بانها متورطة في الاضطرابات.

ونقل التقرير عن مسؤول امني إيراني وصفته بأنه متشدد قوله إن “جماعات المعارضة الكوردية تستغل قضية أميني كذريعة من أجل تحقيق هدفها المستمر منذ عقود بانفصال كوردستان عن إيران، لكنها لن تنجح”.

كما أشار إلى تصريح مسؤول إيراني سابق تحدث الى وكالة “رويترز” قال فيه ان كبار مسؤولي الأمن قلقون من ان “الدعم الذي يحصل عليه الكورد من كافة انحاء ايران، ستستخدمه جماعات المعارضة الكوردية للضغط من أجل الاستقلال”.

والى جانب ذلك، فان وسائل الاعلام الحكومية الإيرانية تصف الاحتجاجات بأنها “مؤامرة سياسية” اوقدتها جماعات كوردية انفصالية، وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران (KDPI).

“التهديد الانفصالي”

ونقل التقرير عن أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت علي فتح الله نجاد قوله أنه مع بداية الانتفاضة، فإن النظام الإيراني سعى الى “تصويرها على انها قضية عرقية كوردية وليست وطنية، متذرعا بالتهديد الانفصالي الظاهر في المنطقة الكوردية”، لكنه أشار الى الجهود الايرانية في هذا السياق تعثرت بسبب حملة التضامن الواسعة بين المكونات العرقية المختلفة داخل إيران خلال تظاهرات الاحتجاج.

وبرغم ذلك، لفت التقرير الى ان السلطات الايرانية في حال نظرت باتجاه حدودها مع العراق وغربا باتجاه سوريا، فان بإمكانها الاشارة الى الطموحات الكوردية بالحكم الذاتي الذي يتوسع في حال واجهت الحكومة المركزية التحديات.

وفي هذا السياق، اعتبر التقرير ان الكورد، وبعدما قاتلوا صدام حسين لسنوات، حصلوا على ما يكفي من الحماية العسكرية من الغرب بعد حرب الخليج العام 1991 من اجل انشاء مستوى معين من الحكم الذاتي، وهو ما تعزز بعد الاطاحة بصدام حسين بعدها ب 12 عاما في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة.

وبالاضافة الى ذلك، لفت التقرير الى القوى الكوردية استغلت اضطرابات انتفاضة العام 2011 ضد الرئيس بشار الأسد، وتحالفها مع الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، واقتطعت جزءا من شمال شرق سوريا ووضعته تحت سيطرتها.

أما في تركيا، فقد اشار التقرير الى ان الكورد يشكلون خمس السكان البالغ عددهم 85 مليون نسمة، وقد خاض حزب العمال الكردستاني تمردا مسلحا ضد الدولة التركية منذ العام 1984 سقط فيه عشرات الالاف من الاشخاص.

وتابع التقرير أن الكورد في العراق وسوريا تظاهروا تضامنا مع المحتجين داخل إيران، ونقل عن قيادي في حزب الشعوب الديمقراطي التركي الموالي للكورد قوله ان الحزب “يحيي النساء في إيران” ويطالب بأن ينلن حقوقهن، مؤكدا ان الكورد في ايران يسعون الى الديمقراطية ككورد تركيا والعراق وسوريا.

وتابع التقرير ان الحكومة الايرانية تنفي دائما اتهامات لها بأنها تمارس التمييز ضد اي مكون عرقي من سكانها وتقول إن جميع مواطنيها يعاملون بمساواة.

وأضاف التقرير ان الدستور الإيراني يمنح حقوقا متساوية لجميع الأقليات ويسمح باستخدام لغات الأقليات في وسائل الإعلام والمدارس.

الا ان جماعات حقوقية ونشطاء يعتبرون ان الكورد يواجهون التمييز مع الأقليات الدينية والعرقية غيرهم في ظل سلطة المؤسسة الدينية في البلاد.

واستعان التقرير بإعلان لمنظمة العفو الدولية يشير إلى أن “العشرات إن لم يكن المئات” من السجناء السياسيين المنتمين الى الحزب الديمقراطي الكوردستاني الايراني وغيره من الأحزاب السياسية المحظورة مسجونون بعد إدانتهم في محاكمات غير عادلة.

ونقل التقرير عن الصحفي الكوردي الايراني هيوا مولانيا، وهو مقيم في تركيا، قوله إن النظام الإيراني “لم يعترف أبدا بحقوق سكانه الكورد”.

وذكر التقرير انه برغم القيود المفروضة في الداخل ونماذج الحكم الذاتي للكورد في العراق وسوريا، فان العديد من الكورد في ايران يؤكدون انهم لا يسعون وراء الانفصال.

ونقل التقرير عن الصحفي والباحث الكوردي الايراني كافح قريشي قوله انهم “يريدون ان يتم احترام حقوقهم الدستورية.. الناس في محافظة كوردستان، يسعون الى تغيير في النظام، وليس الى الاستقلال”.

كما نقل التقرير عن كبير المحللين الإيرانيين في مجموعة الازمات الدولية علي فايز قوله ، ان الهدف من الاتهامات بوجود طموحات كوردية انفصالية، هدفها خلق “الالتفاف” حول العلمى الايراني بما يساهم في تشجيع الايرانيين على دعم القيادة الايرانية بدلا من المتظاهرين.

وتابع التقرير ان الخطر الحقيقي لم يكن في وجود اي طموحات انفصالية للاقليات، وإنما المعاملة التي يخضعون لها من جانب القيادة الايرانية.

وقال فايز: “ان النظام من خلال تجاهله للمظالم المشروعة للاقليات العرقية والطائفية، جعل البلد معرضا اكثر لحرب اهلية كالتي دفعت دولا في المنطقة مثل سوريا واليمن الى دوامة قاتلة من التدهور”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here