لماذا يصبح شخص ما فجأة عزيزا و مقدرا حينما يموت ؟
بقلم مهدي قاسم
قرأتُ منشورا يقول ما معناه أن الأقارب يقطعون مئات الكيلومترات ليساهموا في دفن أقاربهم الذين ماتوا حديثا و يشاركوا في مجلس عزائه بمثابرة و جهد وتعب لا يلين ، ولكنهم لا يقطعون بضعة كيلومترات ليزورونه وهو لا زال حيا يرزق ، وربما يمرون مرارا من جانبي المنطقة أو الحي الذي يسكن فيه دون أن يخطر على بالهم كقريب ينبغي زيارته و الاستفسار عن أحواله ، وربما بعضهم لا يرى هذا القريب اوذاك لعشرات سنوات ، حتى دون أن يخطر على باله على أنه لا زال على قيد الحياة ، كنت قد لحظتُ هذه الظاهرة منذ فترة طويلة ، و قد راقت لي في البداية كثيرا هذه المحبة التي يبدونها نحو القريب اثناء وفاته !، ولكن عندما فكرت مليا و عميقا بالأمر ، كتشفت أن المسألة هنا تتت في أغلب الأحوال ــ ليست مسألة محبة قطعا إنما واجب أو عرف اجتماعي فحسب ، نعم أنه واجب ينبغي القيام به في كل الأحوال حتى لو كان هناك ثمة زعل أو مقاطعة بين الميت وبين هذا القريب أو ذاك ..
و طالما سمعتُ في مثل هذه الحالات مَن يقول :
ــ يلا لنقوم بالواجب !..
بينما يوجد هناك فارق كبير بين محبة وبين واجب اجتماعي ، فعندما نفعل شيئا بدافع حب ومحبة نشعر بنشوة مانقوم به وعرفان التعب المتجلي رضا في القلب وامتلاء الشعور افتخارا ذاتيا و امتنانا نحو أنفسنا يغمرنا بدفقة مبتهجة ، لكون المحبة ، سواء محبة قريب أو محبة صديق حميم ، هي التي تدفعنا أو تقودنا نحو ذلك ، أما الواجب فأنه سيظل واجبا رغم قيمته و أهميته ، ولكنه ربما يكون أحيانا ثقيل ظل في القلب عند البعض مع مشاعر حزن مفتعلة ، حتى لو كان طوعيا و صادقا ومخلصا في الجهد والكد و غير ذلك ، بل ربما أنه يرضي العقل ولكنه لا يمتّع القلب أو يبهجه كما المحبة ..
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط