دعوة مستشار خامنئي.. غموض بشأن التوقيت وانقسام حول “استجابة السعودية”

وائل الغول – دبي 20 أكتوبر 2022

أثارت دعوة كبير مستشاري المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، للسعودية بـ” إعادة فتح سفارتي البلدين”، حالة من الجدل في الأوساط السياسية، وطرحت التساؤلات حول “سر التوقيت” ومدى إمكانية قبول الرياض دعوة طهران، في ظل التطورات المتسارعة على الساحة الدولية.

دعوة إيرانية

في تصريحات الأربعاء، قال علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري المرشد الأعلى لإيران، إنه “يجب على إيران والسعودية إعادة فتح سفارتيهما لتسهيل التقارب بين البلدين”.

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية عنه قوله “نحن جيران للسعودية ويجب أن نتعايش”، مضيفا” يجب معاودة فتح سفارتي البلدين من أجل حل مشاكلنا بطريقة أفضل”.

وفي عام 2016، قطعت السعودية علاقاتها مع إيران ردا على اقتحام محتجين لمقر بعثتين دبلوماسيتين سعوديتين في إيران احتجاجا على إعدام المملكة لرجل الدين السعودي الشيعي نمر النمر.

وشهدت السنوات الماضية خلافات بين البلدين، مع دعم كل جانب لأطراف متناحرة في حروب بالوكالة في أنحاء المنطقة، من اليمن إلى سوريا وأماكن أخرى.

ومنذ أكثر من عام، سعت إيران والسعودية بتسهيل من العراق، لتحسين العلاقات بين “الخصمين الإقليميين”، وفي العام الماضي، بدأ البلدين محادثات مباشرة في محاولة لتحسين العلاقات.

واستضافت العاصمة العراقية بغداد خمس جولات من المحادثات حتى الآن، كان آخرها في أبريل 2021.

وفي يوليو، أعلن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أن بلاده “تعد لعقد لقاء بين وزيري الخارجية السعودي والإيراني”، وجاءت تلك الدعوة الإيرانية وسط تحركات من الطرفين لإحياء العلاقات الثنائية.

ويرى أستاذ الدراسات السياسية والاستراتيجية السعودي، محمد بن صالح الحربي، أن الدعوة الإيرانية “مكررة ومستمرة وليست جديدة وجاءت في ظل التداعيات والتغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم خلال الفترة الأخيرة”.

ويشير في حديثه لموقع “الحرة”، إلى أن “الدعوة الإيرانية جاءت بالتزامن مع مشكلات سياسية واقتصادية يمر بها العالم بأسره في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة المناخ العالمية وانخفاض سلاسل التوريد وزيادة نسب التضخم”.

ويعلق على الدعوة الإيرانية قائلا: “نريد الأفعال ولا نريد الأقوال”، معتبرا أن “الحلول الوقتية والظرفية لن تجدي نفعا”.

وتحدث الحربي عن خمس جولات حوارية “متآنية ومتدرجة” سابقة بين السعودية وإيران بهدف “وجود حلول وضمانات في كافة الملفات”، ولوضع “مفهوم وإطار استراتيجي شامل للعلاقات بين البلدين”.

ويتحدث المعارض الإيراني المقيم في لندن، وجدان عبدالرحمن، عن “اختلاف كبير بين تصريحات قادة النظام الإيراني وبين أفعالهم على أرض الواقع”.

وفي تصريحات لموقع “الحرة”، يشير إلى “أعمال عدائية إيرانية تجاه السعودية”، مضيفا “بينما يتحدث مستشار خامنئي عن رأب الصدع فأن النظام الإيراني يقوم بعمليات استفزازية ويحرض مليشيات الحوثي على استهداف المملكة”.

وإذا كان النظام الإيراني جاد في حديثه عن إزالة الخلافات فعليه بـ”رفع الإشكاليات التي تضر بالسعودية  والدول المجاورة”، وفقا لحديث عبدالرحمن.

من جانبه يصف المحلل السياسي، غسان يوسف، دعوة طهران بـ”الجادة والصادقة بعدما جاءت من أحد كبار رجال الدولة في إيران”.

وفي تصريحات لموقع “الحرة”، يشير إلى أن “إيران تريد علاقات مبنية على أساس حسن الجوار مع دول الخليج في ظل العقوبات المفروضة على طهران والخلافات حول الملف النووي”.

سر التوقيت؟

يرى يوسف أن السعودية استطاعت خلال الفترة الماضية الخروج قليلا من “العباءة الأميركية”، بعدما وقفت على الحياد في الأزمة الأوكرانية و أقرت مع دول “أوبك+” خفض إنتاج النفط هذا الشهر.

وحسب يوسف فقد “فكرت إيران مليا قبل المبادرة ووجدت أن تحسين علاقاتها مع دول الجوار سيكون نهاية أي خلاف، في ظل تغيرات بالسياسة الخارجية السعودية خلال الفترة الماضية”.

ويتحدث يوسف عن “تصريحات سعودية إيجابية كثيرة تجاه إيران خلال الفترة الماضية”.

“ربما دفعت تلك التطورات إيران لاتخاذ ذلك المسعي خاصة أنها مدركة تماما عدم إمكانية حل المشكلات في المنطقة دون تفاهم إيراني سعودي”، وفقا لحديث يوسف.

من جانبه يرفض الحربي، هذا الطرح، مؤكدا أن “لا علاقة بين الخلافات الأميركية السعودية وبين الدعوة الإيرانية”.

ويشير إلى أن الخلاف السعودي الأميركي “اقتصادي فني تكتيكي”، مضيفا “السعودية عضو بأوبك+ التحالف الذي يضم 23 دولة، والمملكة لا تستخدم سلعة النفط في أي توترات سياسية”.

ويلفت الحربي إلى أن التصريحات الإيرانية على كافة المستويات”متكررة وتأتي وفقا لتطورات الأوضاع وربما تهدف لاستغلال الموقف”.

ويقول إن الدول لا يعنيها أي إطار “فني تكتيتي مرحلي وقتي وتأخد البعد الاستراتيجي في تقييم المواقف”، على حد تعبيره.

ويؤكد أن “العلاقات السعودية الأميركية استراتيجية ممتدة منذ ثمانية عقود، وقد تحدث اختلافات فنية مرحلية وقتية لكن يعود الطرفان إلى مفهوم الإطار الاستراتيجي في نهاية الأمر”.

ومن جانبه يتحدث عبدالرحمن عن “تصريحات متضاربة لقادة إيران تجاه السعودية”، مستشهدا بتهديدات قائد الحرس الثوري الإيراني المتكررة للمملكة.

وفي تصريحات الخميس، وجه قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، ما أسماه “تحذير” للأسرة الحاكمة في السعودية، وطالبهم بإنهاء ما وصفه بـ”اعتمادهم على إسرائيل”، وفقا لـ”رويترز”.

ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عنه قوله “لقد اعتمدتم على إسرائيل التي تنهار وهذه عاقبة ما قمتم به”.

وفي تصريحات الاثنين، حذر قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، السعودية من “التدخل” بشؤون إيران الداخلية من خلال وسائل إعلام مرتبطة بها.

وقال “لدي اقتراح لنظام آل سعود، سيطروا على وسائل الإعلام هذه، والا فالدخان سيصيب أعينكم”، وفق لما نقلته “فرانس برس” عن موقع الحرس الالكتروني “سباه نيوز”.

وأضاف “لقد أعذر من أنذر، تدخلتم في شؤوننا الداخلية من خلال وسائل الاعلام هذه، لكن اعلموا أنكم ضعفاء، وأبلغناكم بأن تكونوا على حذر”.

ولذلك يؤكد عبدالرحمن، أن تلك التصريحات “تهدف لتخفيف الضغط على الداخل الإيراني في ظل الاحتجاجات المتواصلة التي تشهدها البلاد، وتخفيف حدة التوتر الخارجي من دول المنطقة”.

وتشهد إيران منذ 16 سبتمبر، احتجاجات متواصلة تلت وفاة مهسا أميني البالغة من العمر ٢٢ عاما، بعد ثلاثة أيام من اعتقالها على يد “شرطة الأخلاق” في طهران على أساس عدم تقيدها بقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

هل تستجيب الرياض؟

يتحدث الحربي، عن “انفتاح السعودية وإعلانها مرارا وتكرارا عن إمكانية دخول إيران كلاعب مساعد مهم في استقرار ودعم المنطقة وفق ضمانات مستمرة ومتسدامة”.

وعن تلك الضمانات يتحدث عن “ملفات عالقة” مثل “تدخلات إيران في المنطقة ونشرها أيدلوجيتها وتصديرها الثورة واستخدامها صواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيرة لتهديد جيرانها”.

ولذلك يجب دراسة كافة تلك الملفات “أمنيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا واستراتيجيا”، وفقا للحربي.

ويتوقع يوسف أن “تستجيب السعودية لدعوة إيران خلال الفترة القادمة”، بعد مفاوضات وتفاهمات بين الطرفين لتهدئة الأوضاع في “العراق وسوريا وخاصة اليمن”.

ويتحدث عن إمكانية “تقديم الجانبين تنازلات” مقابل تحسين العلاقات، في ظل عدم وجود حلول عسكرية للأزمات التي تشكل خلافات بين الطرفين، مشيرا إلى “تخفيض متوقع للتصعيد بين الطرفين خلال الفترة القليلة القادمة”.

من جانبه يستبعد عبدالرحمن إمكانية “تحسين العلاقات بين السعودية وإيران، في ظل سياسة النظام الإيراني الحالي نحو دول المنطقة”.

ولا تريد الدول العربية الصراع مع إيران لكن “المشكلة في النظام الإيراني نفسه”، ولن يحدث أي تقارب عربي مع طهران إلا في حال “تغييرها سياساتها نحو دول المنطقة”، وفقا لرأي عبدالرحمن.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here