بمناسبة سرقة اموال ضرائب العراق: العقوبة في القرآن الكريم (ح 4)

الدكتور فاضل حسن شريف

كانت عقوبةُ السارق في شريعة إبراهيم ومَنْ بعدَه من الأنبياء عليهم الصَّلاة والسلام أن يُسْتعبد ويُسْترق، وبهذا أجاب أبناء يعقوب عليهم السلام لمَّا سُئلوا عن جزاء من سَرَق صُواع الملك “قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ” (يوسف 75). وكانت عقوبتُه في أهل مصر أن يُضربَ ويغرَّم ضعْفَي ما سرق، ولكنَّ الله تعالى علَّم يوسفَ عليه السلام من حُسْنِ الحيلة ولطفِ السياسة أن يأخذ أخاه عنده بِشِرْعة بني إسرائيل، لا بِشِرْعة الملك، وذلك قوله جل ثناؤه: “كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ” (يوسف 76).

ان احتراف السرقة تخلْق بيئة تَصنع الإجرام، وتتفنَّن في ارتكاب الآثام، والاعتداء والإفساد والفتن مما يتطلب انزال العقاب الشديد بهؤلاء المحترفين السراق “وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (الانفال 25). قال أبو عبد الله عليه‌ السلام إذا سرق السارق قطعت يده وغرم ما أخذ. عن أبي عبد الله عليه ‌السلام في رجل أشل اليد اليمنى أو أشل اليد الشمال سرق قال تقطع يده اليمنى على كل حال. وكتب الصفار إلى أبي محمد عليه‌ السلام: رجل اشترى ضيعة أو خادما بمال أخذه من قطع الطريق أو سرقة هل يحل له ما يدخل عليه من ثمرة هذه الضيعة أو يحل له أن يطأ هذا الفرج الذي اشتراه من سرقة أو قطع الطريق ، فوقع عليه ‌السلام لا خير في شيء أصله حرام ولا يحل استعماله.

في رواية ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عاقب أقواماً سرقوا وقتلوا وكفروا عقاباً أليماً، وكانت السرقة إحدى جرائمهم، فإنهم قدموا من عكل أو عرينة، فاجتووا المدينة، نزلوا بها، ثم مرضوا، ولم يلائمهم جوها، فأحسن إليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأمرهم بلقاح، وأن يشربوا من أبوالها وألبانها، علاج للحمى، وعلاج للمرض الذي أصابهم، وبول كل ما أكل لحمه طاهر، فانطلقوا فلما صحوا رجعت إليهم الصحة، قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستاقوا النعم أخذوا الإبل، فجاء الخبر في أول النهار، وكان مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبطال، فبعث في آثارهم، فما ارتفع النهار حتى جيء بهم عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم حاضرين، ألقي القبض عليهم. عندما ارتفع النهار إلا والسراق عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقطع أيديهم وأرجلهم، ثم أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها، وطرحهم بالحرة، على الصخور الحارة، يستسقون فلا يُسقون، قال أبو قلابة: فهؤلاء سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله.

جاء في موقع سبوتنك: أن مجلس القضاء العراقي أصدر قرارا في العام 2019، والقاضي بتشكيل محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية، والتي تختص بالنظر في قضايا الفساد الكبرى وقضايا الفساد الخاصة بالمتهمين الذين يتولون مناصب مهمة في كافة السلطات ومؤسسات الدولة. وأشار أن المحكمة دققت وحسمت 9 قضايا في عام 2019 وحسمت 30 قضية في عام 2020 وفي عام 2021 تم حسم 33 قضية وهناك 11 قضية قيد المحاكمة، موضحا أن القضايا المهمة رهن التحقيق هي 68 قضية، وهذه القضايا يتم إرسالها من جميع المحافظات إلى بغداد للنظر فيها من قبل المحكمة المختصة. باقي القضايا التي تخص المال العام فقد تم حسم 2194 قضية خلال عام 2021 الفصل الأول من السنة، وحسمت 6768 قضية لسنة 2020 ، و 7268 قضية لسنة 2019، 7680 قضية لسنة 2018، 9393 قضية لسنة 2017، أن أعداد أوامر القبض الصادرة فإنه وبحسب المعلومات الواردة من وزارة الداخلية تبلغ 12298 أمر قبض غير منفذ و 6904 أمر قبض منفذ لسنة 2020.

جاء في جريدة الشرق الاوسط: هزت فضيحة فساد مالي ضخمة العراق، أمس، بعد الإعلان عن اختفاء 3.7 تريليون دينار (نحو 2.5 مليار دولار) من أموال الضرائب والجمارك، فيما يعد من أكبر الجرائم المالية في البلاد. وسارعت السلطات العراقية إلى فتح تحقيق في «السرقة»، التي يرى الكثيرون أنها سلطت الضوء من جديد على الفساد المستشري في العراق، من دون أن تكشف عن هوية المتورطين. وأوضح الكتاب الرسمي الصادر عن هيئة الضرائب، وتسرب إلى الإعلام، أن مبلغ 2.5 مليار دولار، تم سحبه بين الفترة الممتدة من 9 سبتمبر (أيلول) 2021 و11 أغسطس (آب) 2022. وحرّرت هذه الصكوك المالية إلى خمس شركات، قامت بصرفها نقداً مباشرةً. وتفجرت الفضيحة بعد أن كشف وزير النفط إحسان عبد الجبار عن «السرقة المهولة»، وقدم طلباً لرئيس الوزراء بإعفائه من شغل منصب وزارة المالية بالوكالة، قائلاً إنه لم «يخضع للضغوط والمساومات لمنعه من أداء دوره في حماية المال العام». وتابعت الأوساط الرسمية والشعبية باهتمام شديد تفاصيل الفضيحة المالية «غير المسبوقة» التي قد تلقي بظلالها على مساعي تشكيل الحكومة الجديدة. وأشارت مصادر إلى أن رئيس الوزراء المكلف محمد السوداني يواجه أصلاً مهمة صعبة تتمثل في اختلاف الأولويات بين الكتل السياسية التي رشحته لهذا المنصب. وأضافت المصادر أنه يدرس كل الخيارات المختلفة «وعينه على الشارع وعلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر»، خصوصاً بعد الضجة التي أثارتها فضيحة اختفاء المبلغ الضخم من المال العام، وأيضاً بعد تأكيد الصدر لتبرئة من الحكومة المرتقبة.

جاء في موقع الحرة: ويؤمن كثير من العراقيين كليا بأنهم يعيشون في أكثر دول العالم فسادا. هيئة النزاهة العراقية المرتبطة بالبرلمان أقرت بأن العراق فقد بسبب الفساد الحكومي نحو 320 مليار دولار في السنوات الـ 15 الماضية. وقد تسلمت منذ إنشائها قبل عدة أعوام آلاف القضايا المتعلقة بالفساد، بلغت في الربع الاول فقط من هذا العام 9832 حسم منها 4443 قضية. واستشراء الفساد دفع المرجع الأعلى لشيعة العراق آية الله علي السيستاني، إلى وضع إرشادات للحكومة المقبلة لتحفيف الأزمة الاقتصادية ومكافحة الفساد على رأسها إبعاد الفاسدين من السلطة. وتتهم منظمات حقوقية من بينها هيومان رايتس ووتش السلطات العراقية بممارسة ضغوط كبيرة على وسائل الإعلام التي تتحدث عن الفساد. وعادة ما ينتهي المطاف بالمتورطين بقضايا فساد في العراق إلى هاربين خارج البلاد أو أحرار خارج القضبان بموجب “قانون العفو العام”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here