مصفى كربلاء ينعش الأمل بالاكتفاء من المنتجات النفطية

العراق الرابع من بين اكبر مصدري النفط في العالم والثالث في اوبك + ، وهو الخامس عالميا من حيث الاحتياطيات المؤكدة للنفط والتي تبلغ 140 مليار برميل ويعتمد اقتصاده على أكثر من 95% من إيرادات النفط لتمويل نفقاته الجارية والاستثمارية للبلاد وتبلغ حصته الحالية من الإنتاج 4 ملايين و431 ألف برميل يوميا ، ورغم كل ذلك فانه مستورد كبير للمشتقات النفطية حيث يعجز عن إنتاج احتياجاته منها و يستورد بحدود 50% من تلك المشتقات لتغطية احتياجاته اليومية التي تبلغ 30 مليون لتر يوميا ، ورغم مساحته الواسعة وتوفر الموارد البشرية التي تشكو البطالة والتعطيل فانه يمتلك ثلاث مصافي ( الدورة ، بيجي ، البصرة ) وتنتج بمجملها 15 مليون لتر وبذلك يعاني العجز ، وتتم تغطية العجز من الاستيراد وبمبالغ تكلفه كثيرا من الأموال ، ورغم الوعود والتي قطعتها الحكومات التي حكمت البلاد بعد عام 2003 في توسيع الإنتاج النفطي من خلال إنشاء مصافي في مناطق عديدة إلا إنها لم تثمر شيئا مما أبقى البلد مستوردا لمختلف المنتجات النفطية فضلا عن استيراده الغاز لتشغيل محطات الكهرباء ، وتحت تأثير النقد والمطالبات بتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية كخطوة تعقبها خطوات بتحويل تصدير النفط الخام إلى تصدير المنتجات النفطية وبسبب تعرض البلاد لازمات في توفير ما يحتاجه من المنتجات النفطية رغم انه بلد نفطي بامتياز ، ولكون الاستيراد يعرض الاقتصاد الوطني لخسارة إيراداته من النفط لاستيراد منتجات نفطية يمكن ولوجها بإنشاء مصافي نفطية بالاستعانة بالشركات الأجنبية والخبرات المحلية ، فقد وضعت خطط لتوسيع واستحداث مصافي للنفط في اغلب المحافظات سيما تلك التي تتوفر فيها البيئة التي تقل فيها احتمالات وآثار التلوث البيئي والتي يمكن إيصال النفط الخام لها بما يوازي طاقاتها الإنتاجية ، وهي خطط تأخر تنفيذها وبقيت بانتظار التنفيذ حالها حال العديد من المشاريع التي تؤجل عاما تلو عام .
وفي عام 2014 وضع حجر الأساس لمشروع مصفى ( كربلاء ) النفطي كمصفاة عملاقة للنفط الخام ، وتقع على بعد 40 كيلومتراً من مركز مدينة كربلاء المقدسة وبكلفة إنشاء بلغت ستة مليارات و500 مليون دولار وتقوم بتنفيذها مجموعة شركات كورية في مقدمتها هيونداي وتقدر مساحتها ب6 ملايين متر مربع وبطاقة تكرير تبلغ 140 ألف برميل يوميا ، وهو أول مصفى في العراق بمواصفات ( يورو 5 ) الصديقة للبيئة ويتم إمداد المصفى بالنفط الخام بأنبوب من حقول البصرة ، وينتج المصفى البنزين بأنواعه ( العادي والمحسن ) إلى جانب ( وقود الطائرات ، الكبريت الصلب ، غاز الطبخ ) ويزود المصفى بالماء من ( طويريج ) بواسطة مضخة نهرية ويحتوى المصفى أيضا على أربع وحدات تنتج 200 ميكا واط من الكهرباء لتغطية حاجته من الطاقة ، وهو مشروع واعد وبنيت عليه الكثير من الآمال ويشكل أهمية كبيرة كونه يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي ويخدم المحافظات كافة بتوفير جزء مهم من حاجتها للمشتقات النفطية بالكمية والجودة العالية وإكماله تعرض للتأخير لأسباب مالية واقتصادية ، وفي يوم أمس ( الخميس ) أعلنت إدارة مصفاة كربلاء النفطية ( نقلا عن وكالة شفق نيوز ) ببدء فعاليات التشغيل التجريبي لإنتاج 70% من حاجة الاستهلاك المحلي من المشتقات النفطية ، معلنة بان المصفاة مصممة لإنتاج بحدود 80% أي ما يعادل 12 مليون لتر يوميا منها تسعة ملايين لتر من البنزين وثلاثة ملايين من بنزين الطائرات فضلا عن منتجات أخرى يتم استيراد اغلبها حاليا ، ويعد افتتاح هذا المصفى خطوة مهمة في توجه البلد للصناعات النفطية للاكتفاء الذاتي والتوسع لتعويض تصدير النفط الخام بتصدير المنتجات النفطية ، فالصناعات النفطية هي من الصناعات غير المعقدة ولبلدنا خبرة معمقة فيها ويمكن ولوجها من خلال الاستثمار والاستفادة من الخبرات الوطنية حيث يمتلك العراق خبرات متراكمة في هذا المجال ، كما إن متطلباتها البشرية متوفرة من خلال مخرجات أقسام وفروع النفط في الجامعات والمعاهد النفطية العراقية التي يمكن الاستفادة منها في مختلف الفعاليات ، وافتتاح المصفى يعد خطوة مهمة في تكامل الصناعة النفطية كخطوة مهمة لتحقيق الكفاءة في تنويع مصادر الإنتاج المحلي الإجمالي وتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد الكلي على صادرات النفط الخام ، وهي قضية لا تنجز بالأمنيات وإنما بالإرادة والعمل سيما وان متطلبات هذا التوجه متوفرة من حيث الطلب والمواد الأولية ( النفط الخام ) والموارد البشرية وغيرها من المتطلبات ، ومثل هذه المشاريع مضمونة العائد بما يغطي تكاليف الاستثمار وتحقيق الجدوى بما يخدم اقتصاد البلاد .
باسل عباس خضير

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here