لا تفلح ألدولة بلا إدارة (حكيم)

من أولى المقالات التي كتبتها بعد 2003م؛ كانت تتعلق بوجوب إتقان أيّ رئيس و مسؤول ؛ محافظ ؛ وزير ؛ نائب ؛ رئيس و حتى المدراء ؛ فن الإدارة و طرق التعامل و تنظيم و إدارة القوى الأنسانية و إستغلال الوقت و الأمكانات و الفرص للأستثمار وزيادة الأنتاج, وبغير ذلك فأن النهب و آلفساد والتخريب وحتى الأرهاب سيظهر بشكل طبيعي لأنه, أي [(الأرهاب) قرين (آلفساد)] مثلما (الظلم قرين آلجهل) و لو ظهر فأن رئيس الحكومة و معه باقي المسؤوليين يتحمّلون بآلتّبع و بآلدرجة الأولى مسؤولية الخراب و الفساد و الأرهاب الناتج, و لا مجال ولا حقّ لهم في تبرير الفساد كعادتهم, لأنهم هم آلسّبب بذلك لجهلهم الحقّ وقوانين آلأدارة و تنظيم القوى الأنسانية على أصعدة الدولة المختلفة .. و الجهل كما قلنا في همسة كونية؛ سببه الأنحطاط الفكريّ.

من أبرز خصوصيات الدولة الجاهلة و كما عرضنا التفاصيل في مؤلفاتنا, و منها كتابنا [محنة الفكر الأنساني] و كذلك كتابنا الأخير ؛ [الدولة في الفكر الأنساني] ؛ هو جهل الحاكمين فيها بقوانين الأدارة الحديثة و تنظيم القوى الأنسانية و تخصيص الميزانية و تقييم دراسات الجدوى التي تنظم أمور و واجبات و خطط الدولة و بآلتالي غلق أبواب الفساد بوجه المتلاعبين وفي نفس الوقت فأن وجود القوانين الفاعلة و المناسبة؛ تُسهل و تُمهّد لإنجاز الأعمال و المشاريع بشكل أسرع و أدقّ و أكمل و بلا خسارة أو فساد.

فآلرئيس أو الوزير أو النائب أو المدير لو كان مثقفاً و له تجربة في مضمار الأدارة و الأنتاج و نزيهاً أيضاً لا يتبع أوامر الذين يستحمرونه(يستعمرونه)؛ فأنه سينجح و فرص تقدمه و نجاحه أكيدة في دولة عادلة طبعاً, أما لو كانت متحاصصة فإن 20 سنة أخرى ستمضي كآلعشرين سنة الماضية و قد تتبدل خلالها 20 حكومة أخرى أيضا لكن بلا نتيجة أو ثمر سوى الفساد و الخراب و الخسائر!

آلرئيس أو الوزير أو المدير حين يستعين بآلمستشارين و المساعدين وووو – بغض النظر عن كفائتهم – و كما إستعان الرؤوساء في العراق بعشرات المستشارين و المساعدين .. فأنّ عملهم و سعيهم سيكون مصيره الفشل و النهب و الخراب .. و فشل الدولة يتحقق لجهل رئيسيها و وزيرها و رؤساؤوها في الخط الأوّل الذين عيّنونهم و جلّهم بآلمضاربة أو كانوا من المقربيين و الواسطات و المحاصصات!!

لهذا أُعلنْ بأنّ محاكمة كل الرؤوساء السابقين من وزراء و نواب ومحافظين و مدراء و سجنهم أو إعدامهم و سلب ممتلكاتهم (الحرام) بآلتأكيد هي أولى الخطوات للإنطلاق .. لانجاح الدولة الجديدة و التمهيد للظهور الكبير .. و إلّا فإنّ عشرات السنين ستمر كآلسابق و(العشا خباز) مثلما يقول المثل العراقي. على كلّ حال .. مواصفات كثيرة مطلوبة يبدو أن أهل العراق كما الكثير من حكومات الدول و في مُقدّمتهم المثقفين و الأعلامين و حتى الكثير من أساتذة الجامعة ليس فقط يجهلونها؛ بل لا تنجح بمهامها إطلاقاً لأنها تتّبع أساليب القرون الوسطى لتمشية الأمور و كما فعل صدام و خلفاؤوه .. و هذا هو أحد ألأسباب الرئيسية – القوية في فشل الحكومات العراقية التي تعاقبت بعد 2003م, لأن المقايس و الاساليب التي أتّبعت و لا تزال هي المحاصصة أو كما سماها السودانيّ الجديد بآلمتآلفة أو المتحالفة أو المتحزّبة أو المتحدة وغيرها !

وهكذا نستنتج أنّ المتحالفين أو المتحاصصين -لا فرق- في الأحزاب و بعد ما قدَّمت أثقف أعضائها من”المثقفين و آلأكاديميين” للتصدي و قد فشلوا بل و فسدوا؛ فأنهم وحدهم يتحملون مسؤولية الفساد والخراب و هدر ما يقرب من ترليوني دولار أمريكي إلى جانب هدر أعمار و آمال الشعب و تطلعاته و بآلتالي تسبّبوا في تعويقهم أخلاقيّاً و روحياً و بدنيّاً .. يعني قتلهم تقريباً!

إن آخر قضية برزت هذه الأيام في الأعلام و وسائل التواصل الأجتماعي يخصّ النهب و الفساد في الضرائب المسروقة من المالية من قبل المتحاصصين, وتمّ التأكيد على ذلك على لسان مسؤولين و نواب من نفس الأحزاب الناهبة التي سرقت تلك الأموال, حيث يظهرون في الأعلام و لفقدان الحياء ينصبون العزاء أمام الناس و يظهرون حزنهم و ألمهم من تلك السرقات المليارية, بينما هم و رؤوسائهم يختفون ورائها و كما يثبت ذلك كل مرة!

لقد تمت تلك السرقة الكبيرة هذه المرة على شكل ثلاث مراحل من قبل شركات لا يعرف الرؤوساء حتى أسمائها و تبيّن أنّ ثلاثة منها وهميّة لكنها حصلت من الوزارة المختصة على رخص و بيانات بينما أعمارها لا تتجاوز إلا أقل من سنة – يعني أعمارها أشهر فقط – صدرت في 2021م, لكنها تمكنت من سرقة جميع أمانات الضرائب على مراحل و بعلم المدراء و الوزير و رئيس الوزراء نفسه، و إن المتهمين الحقيقيين و المتواطئين معهم بآلتأكيد يتحاوز حدودهم دائرة الوزارة .. لكن كآلعادة سيظهر المتابعون للقضية بدعوة أناس ربما لا علاقة لهم أساسا بآلقضية ليتم أخيراً غلقها حين يظهر لأن رئيس الحزب الفلاني أو رئيس الوزراء يختبئ خلفها فتغلق .. لعدم كفاية الأدلة!!

علمأً ان ثلاث من الشركات الخمس التي سرقت تلك الأموال وهميّة و عمر أقدمها لا تتجاوز الأشهر و لا تتعدى السنة، و قد قام مسؤول مكافحة غسيل الأموال بمخاطبة مسجل الشركات للاستفسار عن مدى رصانة الشركات فأجاب : بأنها شركات رصينة!
ومن هنا بدأت تلك الكارثة الأخيرة و باشرت الشركات بعملية نهب أمانات الضرائب على مراحل حتى آخر دولار منها و لعن الله من نسب الثقافة و المعرفة و السياسة و الأدارة و الدين لقيادات تلك الأحزاب المتحاصصة أو (المؤتلفة) كما سماها الرئيس الأسود السوداني معتقداً أنّ الشعب العراقي ما زال جاهلاً و يمكن الأستمرار بآلفساد و صفقات النهب و الرواتب و المخصصات كآلسابق!

وأضافت مسؤول مكافحة غسيل الأموال (المجرم):[ان اللجان ألنيابية(المجرمين لكونهم شركاء) قامت بسلسلة استضافات لمسؤولين من عدة هيئات ودوائر، من بينهم رئيس هيئة الكمارك واتضح أن الأمانات الكمركية لا يوجد فيها أي إشكال وهي خاضعة للضوابط والقوانين، كما أن هذه السرقة لم تحدث في عهده عندما كان مديراً للضرائب قبل المدير العام السابق، كما استضافت اللجنة المالية النيابية المدير العام الذي جاء بعده وهو سامر عبدالهادي وبقي شهرين في المنصب وهو أيضاً لاعلاقة له بالقضية، وبالتالي يجب أن نتجنب خلط الأوراق وجعل التحقيقات تخرج عن مسارها وأن نتجنب الزج بأسماء دوائر وأشخاص لاعلاقة لهم بالقضية].

مشكلتنا الوحيدة : ليست فساد عقائد أعضاء الأحزاب و الإئتلافات بسبب آلأميّة الفكريّة و تمسكهم بآلأسلام التقليدي – الدعووي الشكليّ لأنّها لا تقرأ ولا تعرف الفكر و تعادي الكِتاب و الكُـّاب و تجهل أصول العقيدة و فنون الأدارة و طرق التعامل و التنظيم فحزب الدعوة الذي كوّناه كان أفضل و أطهر حزب لكنه أصبح أفسد حزب في عراق اليوم .. بحيث لا تجد بين أعضائه اليوم مؤمناً حقيقياً مخلصاص يبحث عن الحلال؛ ليس هذا كلّه فقط؛ بل إن رؤوساء الأحزاب و المسؤولين أنفسهم و بسبب لقمة الحرام .. هم أيضاً يُشغلونهم عن القراءة معتبرين العدوّ الأكبر لهم الكتب, وإشغالهم بآلغيبة و الكذب و النفاق و النميمة بدل الفكر و القيم, لذا ترى العراق خال من المكتبات, لأنهم قد يعرفون بأنّ القراءة تسبّب الفكر و الوعي الذي بتألّقه يتنفّر الواعي من قادة الاحزاب الناهبة و الضالة التي خرّبت البلاد و العباد و نهبت أموال الناس!

لذا يريدون إبقاء الوضع على ما هو عليه دون تغيير جذري بتشكيل حكومة كيفما كان و بأقصى سرعة ممكنة لأدامة المحاصصة و بآلمقابل نشر الأمية الفكرية التي تُقيّد حركة الناس و تُبقيهم تابعين, لتتعاظم المشاكل ويزيد النهب و الفساد أكثر فأكثر, و الشيئ الوحيد الذي غطى فسادهم و أبقاهم للآن؛ هي وفرة الأموال التي تأتي من النفط مباشرة لا غير و لولاها؛ لكان العراق كله لا يساوي دولاراً .. و لكانت قصّته تشبه قصة تلك المدينة الكندية النائية التي أنشئت قبل قرنين تقريباً قرب مناجم الفحم الحجري في سلسلة جبال قرب أحد التوريتوريات الذي كان مرغوباً وقتها لإستخدامه في وقود القطارات و المركبات التي تربط شرق كندا بغربها مع المدن الواقعة بينهما, حيث بنى الناس فيها أفضل البيوت و أرقاها بسبب وفرة العمل في تلك المناجم .. لكن ما إنْ تمّ الإستغناء عن الفحم الحجري بإكتشاف النفظ و الطاقة الكهربائية و غيرها, أصبحت قيمة المدينة كلها لا تساوي قيمة بيت واحد في المدن الأخرى لعدم وجود إمكانات العيش فيها, و قد تُركت بآلفعل تلك المدينة و هي خالية من السكان الآن ! لذلك ؛ [لا تصلح دولة بلا حكيم].
لمعرفة حقيقة الدولة الأنسانيّة بدل أنظمة التحاصص و النهب الحالية عبر الرابط التالي؛
https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A-pdf

ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here