القوى السياسية تفرض على السوداني كابينة حزبية 100‍‌%

بغداد/ تميم الحسن

أنقذ كسوف الشمس امس حكومة محمد السوداني المرتقبة، حيث كان الاطار التنسيقي يتوقع “اعمال شغب” كسرتها الظاهرة الكونية والكتل الكونكريتية.
وشهدت بغداد ازدحامات شديدة بعد اغلاق مفاجئ لطرق رئيسة وجسور مع بداية توافد المحتجين الى ساحة التحرير وسط العاصمة لإحياء الذكرى الثالثة لحراك تشرين.

وعلى الضفة الاخرى من نهر دجلة كان السوداني يواجه “عناد الاحزاب” التي فرضت عليه حكومة حزبية بامتياز.

ويعتقد المكلف بتشكيل الحكومة بان هذه فرصته الاخيرة : النجاح او نهاية حياته السياسية، والاطار التنسيقي يعتقد كذلك بخصوص شعبيته.

لكن رغم ذلك تستمر المساومات على الوزارات وإبرام صفقات على ثلاثة مستويات تتعلق بطريقة توزيع المناصب في الدولة.

وفي أحدث فصول التسويات، يبدو ان ائتلاف نوري المالكي (دولة القانون) سيتنازل عن منصب “تشريفي” مقابل وزارات بالوزن الثقيل.

كما لاتزال بالمقابل القوى السنية تتدافع على وزارة النفط والتخطيط، فيما عقّد رفض السوداني لاحد المرشحين (السَنة) جولات التفاوض.

وأعلنت محافظة بغداد في فجر امس تعطيل دوام المدارس بسبب كسوف جزئي للشمس، في وقت كانت عشرات الحواجز الخرسانية قد نشرت في العاصمة.

وبحسب مصادر قريبة من الاطار التنسيقي ان الاخير لديه معلومات بان تظاهرات 25 تشرين الاول (أمس) ستتحول الى اعمال شغب لتعطيل تشكيل الحكومة المتعثرة في الاساس.

وبدأ انصار تشرين بالتوافد الى ساحة التحرير في منتصف نهار امس، فيما كانت الدعوة من تنسيقيات الحراك تشير الى التجمع بكل المحافظات عند الثالثة عصراً.

ووفق المصادر من “الاطار” ان “التظاهرات فيها انفاس الصدريين رغم عدم وجود دعوات رسمية من التيار بالمشاركة”.

ويعتقد الاطار التنسيقي ان التيار الصدري “يسعى الى افشال الحكومة”، فيما يلتزم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالصمت منذ اكثر من اسبوع.

وفي آخر تغريدة للصدر كان قد حذر فيها من انخراط اتباعه في الحكومة الجديدة التي وصفها بـ”المليشياوية”.

وما زالت جهات في “الاطار” تدفع الى محاولة ترك 5 وزارات “شاغرة” او “مجمدة” على أمل ان يعود الصدر عن اعتزاله.

كما كانت (المدى) كشفت في وقت مبكر من تكليف السوداني بتشكيل الحكومة الجديدة، عن نية الاخير لقاء زعيم التيار الصدري وتضمين طروحاته بالبرنامج الحكومي.

وامام السوداني نحو 17 يوماً متبقية لتشكيل الحكومة ضمن المهلة الدستورية (30 يوما من لحظة التكليف)، فيما لا يزال الرجل، بحسب مقربين منه، يواجه “صعوبة في فرض رؤيته باختيار الوزراء”.

ويقول احد المقربين من مكتب السوداني في حديث لـ(المدى) ان الاخير: “يعرف بان هذه الحكومة هي فرصته الأخيرة وأن فشلها سيكون بمثابة نهاية حياته السياسية، لذا يريد كابينة غير كلاسيكية”.

لكن المقرب من السوداني يشير إلى ان “القوى السياسية تمنع السوداني من التحرك بحرية وفرضت عليه كابينة حزبية 100‌%”.

وكانت بعض الاطراف داخل الاطار التنسيقي قد حذرت مؤخرا، من ان تسبب تلك الضغوطات الى “اعتذار السوداني” عن اكمال الحكومة، رغم ان المقرب من السوداني يقول ان “الاطار التنسيقي يخشى هو ايضا الفشل وهذه فرصته الأخيرة امام قواعده”.

ويوم الأحد الماضي، اعلن السوداني بان مقابلات المرشحين للوزارات “تكون عبر لجنة مختصة تضم مجموعة من الاستشاريين، ويرأسها رئيس الوزراء المكلف”.

وأكد أنه “سيتم الإعلان الرسمي عن المرشحين الذين تم اختيارهم لتولي المسؤولية بعد انتهاء المقابلات، والتأكد من سلامة موقف المرشحين من الجوانب القانونية وتحديد موعد جلسة مجلس النواب الخاصة بنيل الثقة”.

وعن اخر التطورات في ازمة توزيع الحصص يشير المقرب من مكتب المكلف بتشكيل الحكومة ان “النقاشات بين القوى السياسية تشمل ثلاثة مستويات:” أ، بـ، و جـ”.

والمستوى الاول وهو الاكثر سخونة ويتعلق بملف الوزارات، والثاني وكلاء الوزراء والهيئات المستقلة، والثالث المدراء العامون.

وعن المستوى الأول (أ) يقول المصدر السياسي المقرب من مكتب السوداني :”اكبر عقدة هي في 3 وزارات وهي للدفاع، الداخلية، والنفط”.

وبين المصدر ان هذه الوزارات دفعت الى نقاشات حادة بين “ائتلاف دولة القانون ومنظمة بدر، وتحالفي السيادة وعزم”.

وبحسب اخر المعلومات يؤكد السياسي انه “على الاغلب تم حسم الداخلية والنفط الى دولة القانون، ومنح منظمة بدر بالمقابل منصب نائب رئيس الجمهورية ووزارة النقل”.

وكانت تسريبات قد افادت بان المرشح لشغل وزارة النفط هو صهر نوري المالكي النائب ياسر صخيل، فيما لم تكشف حتى الآن هوية المرشح لوزارة الداخلية.

ويقول السياسي المقرب من مكتب السوداني ان “ازاحة المالكي منظمة بدر عن منصب وزير الداخلية كان السبب بسحب ترشيح قاسم الاعرجي”.

وسبق ان تداولت معلومات عن تهديد العامري بالانسحاب عقب رفض الاعرجي للمنصب، فيما كان مكتب الأخير قد نفى تلك المعلومات.

وكان مرجحا ان يحصل ائتلاف دولة القانون على وزارات: النفط، الزراعة، الرياضة والشباب، والتعليم، او قد تستبدل بمنصب نائب رئيس الجمهورية مع وزارة واحدة.

بالمقابل كان تحالف الفتح قد توقعت الاوساط السياسية، ان يحصل على وزارات: العمل، الاتصالات، النقل، والموارد المائية.

وعلى الجانب السني فان ازمة وزيري الدفاع والتخطيط لاتزال “مشتعلة”، حيث يقول المصدر إن “السوداني كان قد رفض خالد العبيدي لمنصب وزير الدفاع مما زاد الازمة”.

وجاء رفض السوداني للأخير بسبب ان العبيدي (وزير الدفاع الاسبق) كان قد أقيل في 2016 في البرلمان على خلفية قضايا فساد.

ويتنازع تحالفا السيادة (الحلبوسي والخنجر) وتحالف عزم (مثنى السامرائي) على المنصبين، ويرى كل منهما ان له الاحقية في تلك الوزارات.

ووفق رؤية “عزم” فإنها تستحق وزارتين سياديتين اكثر من “تقدم” المنضوية في تحالف السيادة لان الاخيرة قد حصلت على منصب رئيس البرلمان (محمد الحلبوسي).

وبحسب ما يدور من تسريبات حول التقسيم، انه من المفترض ان يحصل “تقدم” على وزارة التخطيط والصناعة، وتحالف عزم على التربية والدفاع.

اما فريق الخنجر فقد يتنازل عن الوزارة السيادية ويحتفظ بوزارة التجارة او يستبدل كامل حصته بمنصب نائب رئيس الجمهورية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here