تقرير لليونيسف – بحلول عام 2050، سيتعرض كل طفل في العراق تقريبا لآثار موجات الحر المتكررة

تحذر اليونيسف من أنه لا بد من اتخاذ إجراء عاجل لزيادة تخصيص الأموال لللتكيف وحماية الأطفال والمجتمعات الضعيفة من موجات الحر المتفاقمة وغيرها من الصدمات المناخية.

 

بغداد: 25/10/2022 — يتعرض زهاء 559 مليون طفل حاليا لموجات حر* شديدة على الصعيد العالمي، بحسب تقرير بحثي جديد صادر عن اليونيسف، بل إن 624 مليون طفل معرضون فعلا لواحدة من ثلاث مقاييس للحر الشديد – مدة موجة الحر الشديدة، أو شدتها أو درجات الحرارة الحادة، علما أن العراق من بين البلدان التي تشهد حاليا أعلى معدل تعرض الأطفال لدرجات الحرارة العالية، وأكثر التنبؤات الجوية اثارة للقلق لعام 2050.

 

سلط التقرير الموسوم “السنة الأبرد لما تبقى من حياتهم: حماية الأطفال من الآثار المتفاقمة لموجات الحر” الضوء على الأثر الشديد الحالي لموجات الحر على الأطفال، وكشف عن أنه في غضون ثلاث عقود فقط، سيقع المزيد من موجات حرّ التي لا مناص من تأثيرها على الأطفال في كل مكان، حتى عند أدنى مستويات الحر عالميا.

 

يخمّن التقرير أنه بحلول 2050 ، سيتعرض كل أطفال العالم والبالغ عددهم 2.02 مليار نسمة لموجات حر شديدة ومتكررة، بصرف النظر عن تحقيق العالم “لسيناريو انبعاثات الغازات الدفيئة المنخفضة” مع توقع زيادة في الحرارة بواقع 1.7 درجة مئوية بحلول 2050، أو مع سيناريو الارتفاع الشديد لانبعاثات للغازات الدفيئة حيث ستزداد الحرارة بواقع 2.4 درجة بحلول 2050.

 

أما التنبؤات الخاصة بالعراق فهي مقلقة بشكل خاص، فبينما تعرض فقط 6% من أطفال العراق لموجات الحر الشديدة عام 2020، فإن كلا السيناريوهين 2050 يتوقعان تعرض كل طفل في العراق لموجات حر شديدة متكررة، ولفترات أطول للموجة ودرجات حرارة مرتفعة بشكل حاد.

 

سيتعرض ملايين الأطفال الآخرين لموجات حر حادة و درجات حرارة متطرفة بناء على درجة الحرارة التي ستصيب العالم. يُصنف 23 بلدا حاليا ضمن فئة أعلى تعرض للأطفال لدرجات الحرارة الشديدة الارتفاع وسيرتفع العدد إلى 33 بلدا بحلول 2050، وفق سيناريو خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، أو إلى 36 بلدا وفق سيناريو ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة، وسيكون العراق ضمن تلك الفئة في السيناريوهين.      

 

وفي هذا الصدد، تقول شيما سين غوبتا، ممثلة اليونيسف في العراق: “كما ذكر المدير التنفيذي لليونيسف، فإن الحرارة ترتفع، وآثارها تتفاقم على أطفالنا. حيث أن 9 من كل 10 أطفال حاليا في العراق يتعرضون للارتفاع الحاد في درجات الحرارة، وسيزداد الأمر سوءا. حيث سيتأثر المزيد من الأطفال في العراق نتيجة تعرضهم لموجات حر أشد وأطول وأكثر تكرارا في العقود الثلاث المقبلة، مما يهدد صحتهم وسلامتهم. يبيّن السيناريوهان من التقرير الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات عاجلة الآن. تعتمد شدة هذه التغيرات على الإجراءات التي سنتخذها الآن. وهنا اقتبس من مديرنا التنفيذي قوله “إن الإجراءات العاجلة هي السبيل الوحيد لإنقاذ أرواح ومستقبل أطفالنا – بل ومستقبل الكوكب بأسره”.”

 

يقوم شباب العراق باتخاذ الإجراءات للاستجابة لتأثير موجات الحر. مجتبى جعفر الشاوي، شاب يبلغ من العمر 20 عاما، وهو ناشط في مجال التغير المناخي، وقد اقتبس التقرير قوله: “لقد انخرطت في النشاط الخاص بالتغير المناخي بسبب تأثيره الكبير على العراق، وبخاصة مسقط رأسي، محافظة ميسان. فخلال أشهر الصيف، ترتفع درجات الحرارة لتصل 50 درجة مئوية، ولا تتوفر أي وسائل لتكييف الهواء في الأماكن العامة، أو مواقف الباص على الطرقات، وبالتالي يتعذر التجوال وقضاء الاحتياجات بسبب الحر”. كان مجتبى صريحا بشأن الحل حيث قال: “نحتاج لنقوم بشيء الآن وأن ننفذ اتفاقيات المناخ السابقة، ونكون جادين بشأنها كاتفاقية باريس، والتوجه نحو الاستدامة ونقلل الاعتماد على المواد المسببة للتلوث”.

 

تؤشر هذه النتائج، التي صدرت بالتعاون مع مؤسسة البيانات التعاونية للأطفال  The Data Collaborative for Children  بمشاركة مع سفيرة اليونيسف للنوايا الحسنة فنيسا نكاتي، وحركة اليقظة الأفريقية، الحاجة الملحة لتكييف الخدمات التي يعتمد عليها الأطفال حال حدوث الأثار العالمية الحتمية للاحتباس الحراري. كما أثبت التقرير ضرورة الاستمرار بإجراءات التخفيف للحيلولة دون وقوع الآثار الأسوأ لمقاييس الحرارة الأخرى، ومنها موجات الحر الأشد والأطول ودرجات الحرارة شديدة الارتفاع.

 

أظهر التقرير أن مدة موجة الحر الحالية تؤثر على 538 مليون طفل في العالم (23%)، وسيرتفع هذا الرقم إلى 1.6 مليار طفل بحلول 2050 حين يرتفع الاحترار إلى 1.7 درجات، أو 1.9 مليار طفل بدرجة احترار مقدارها 2.4، مؤكدا أهمية إجراءات التخفيف العاجلة من الانبعاثات الضارة والتكيف لاحتواء ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي وحماية الأرواح.

 

تصيب موجات الحر الأطفال على وجه الخصوص بأضرار شديدة، كونهم أضعف من أن يتحكموا بدرجة حرارة الجسم كما لدى البالغين. وكلما زاد تعرض الأطفال لموجات الحر تزداد احتمالات إصابتهم بأمراض الجهاز التنفسي المزمنة، والربو وأمراض القلب. كما أن الرضع والأطفال الصغار هم الأكثر تعرّضا لخطر الوفاة المتعلقة بارتفاع درجة الحرارة.كما تؤثر موجات الحر أيضا على بيئات الأطفال، وسلامتهم، وتغذيتهم، ووصولهم إلى المياه، فضلا عن تعليمهم ومعيشتهم المستقبلية بشكل عام.

 

تدعو اليونيسف حكومات العالم إلى:

·   حماية الأطفال من التدهور المناخي بتكييف الخدمات الاجتماعية. على كل بلد أن يكيف خدماته الاجتماعية الأساسية – المياه والصرف الصحي والنظافة العامة (WASH)، والصحة، والتعليم والتغذية والحماية الاجتماعية وحماية الطفل – لحماية الأطفال والشباب. على سبيل المثال، يجب تعزيز النظم الغذائية لتحمل المخاطر وضمان استمرار توفير أغذية صحية. كما لا بد من زيادة الاستثمارات في الوقاية المبكرة من سوء التغذية الحاد، وتشخيصه وعلاجه لدى الأطفال والأمهات والفئات السكانية الضعيفة. يجب إعطاء الأولوية للأطفال وحقوقهم في قرارات التكيف في المؤتمر رقم 27 لأطراف الأمم المتحدة للتغير المناخي.

·   إعداد الأطفال للعيش في عالم ذو مناخ متغير. يجب على كل دولة أن تثقف الأطفال والشباب بشأن التغير المناخي، وتقليل مخاطر الكوارث، وأن تدربهم على المهارات الخضراء، وتوفر لهم فرص المشاركة الفعالة والتأثير في صنع السياسات المناخية. كما يجب أن يرى المؤتمر 27 للدول الأطراف 27 أن الدول تعزز التركيز على تعليم الأطفال بشأن المناخ، وتمكينهم في خطة العمل البيئية واعتمادها وتنفيذ الالتزامات السابقة لبناء قدرات الشباب.

·   منح الأولوية للأطفال والشباب في التمويل والموارد المتعلقة بالمناخ. يجب على الدول المتقدمة تنفيذ اتفاقية مؤتمر 26 للأطراف، والخاصة بمضاعفة تمويل التكيف إلى 40 مليار دولار سنويا بحلول عام 2025 كحد أدنى، كخطوة لتقديم 300 مليار دولار على الأقل سنويا للتكيف بحلول عام 2030. ويجب أن يشكل تمويل التكيف نصف تمويل المناخ وأن يطلق مؤتمر 27 للأطراف27 التقدم بشأن الخسائر والأضرار مع وضع مرونة الأطفال ومجتمعاتهم في محور مناقشات العمل والدعم.

·   منع وقوع كارثة مناخية عن طريق الحد بشكل كبير من انبعاثات الغازات الدفيئة وإدامة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية. من المتوقع أن ترتفع الانبعاثات بنسبة 14% في هذا العقد، مما يضعنا أما كارثة منتظرة نتيجة الاحتباس الحراري. يجب على جميع الحكومات إعادة النظر في خططها وسياساتها المناخية الوطنية لتصعيد الطموح والعمل وأن تخفض الانبعاثات بنسبة 45% على الأقل بحلول عام 2030 للحفاظ على الحرارة عند 1.5 درجة مئوية.

 

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here