( البزّاخ).

بقلم : حمزة الحسن
ـــ ينهض إيمان جديد من العدم،
ايمان روحي على طريقة ميشيل عفلق.
  • مقال أسعد البصري.
معنى البزاخ في العامية الراقص في كل الاتجهات،
وفي معاجم اللغة:بزخ خضع، وتبازخ اخرج عجيزته وكذلك عن المرأة حين تتبازخ،
وفي عالم هذا البزاخ تتشابه الاِشياء والروائح،
يمكنه تنفس الايمان من كل ثغرة وثقب فلا معنى للايمان نفسه،
وفي مقال آخر منشور حتى اليوم قال إنه تنفس الايمان من السيد الخميني،
لا توجد مشكلة في الشم،
المشكلة في شخصية البزاخ وتلك حكاية طويلة عن عالم البزخ.
في كل مرة أتحاشى ذكره رغم ملامة أصدقاء لأن هذا يتغذى من الصمت،
وهو لا يحتاج لذكر اسمه يكفي أن تقول:
البزاخ.
أحياناً ترتطم في حوار مع شخص،
كما لو أنك دست كلباً في الظلام
أو وقعت في حفرة نجاسة،
في طريق مظلم أو نطحت ثوراً صدفةً.
أرغب أن أوضح في البداية أن الحديث عن هذا النموذج
هو في الوقت نفسه حديث عن ظاهرة قذرة حيث السمات المشتركة بين
هؤلاء كثيرة ومتطابقة وهم يستمدون القوة من صمت الاخرين.
ومع أن هؤلاء ظاهرة معروفة وشائعة في صفحات التواصل،
ويتصرفون كعباقرة في حين نعرف
هؤلاء من أول عبارة،
لكني أمس وجدت أحد هؤلاء يتحدث عن الحداثة وكيف أن الفكر الغربي
أنقذه من التخلف وغير عقله،
وبما أني اعرفه بدقة
نزيل مكرر لمصحات الإدمان على المخدرات،
وكتب هو بنفسه عن ذلك في نوبة هذيان،
ورغم اني أعرف أن هذا الصنف لن يتغير لكني مع ذلك
غامرت في تعليق على نصه،
وما أن قرأ تعليقي حتى نسي الحداثة والفكر الغربي وكيف تغير عقله،
لأن هذا قاموس لطش ولصق وليس جزءاً من النسيج العقلي،
وهو للتمشدق والحذلقة،
في حين لغة حثالات حانات الشوارع عريقة وراسخة ومتجذرة،
وتقفز للواجهة حالاً،
وبدل مناقشة نصه كما فعلت انقلب علي عضاً ونهشاً،
في لغة سب وشتم تتداخل فيها لغة سوقية تداخل أنياب الكلب،
وشخصن الحوار وهرب من حداثته ومن الفكر الغربي الذي
يدعي في المقال غير عقله،
وتفرغ بالكامل لي مع اني لا أعرفه شخصياً ولم ألتق به ولن،
وهذه النماذج موقفي منها محسوم بشكل قطعي تاركاً إياها تفسر ما تريد،
على قول الشاعر أنسي الحاج:
” هؤلاء لا يعنون شيئاً في المدح والذم،
يتساوى عندهم فعل البول والقول”
وهذا النموذج هو التطبيق الحرفي لقول أنسي الحاج،
لأنه لا يهمه ما يكتب أو يقول بل يهمه يطلّع فلوس الشم والبلع والشرب
وعن تجربة احتيالية يعرف ان هناك من يبلع هذا الهراء لأنه يعزف على
الأوتار مع كل جماعة منفردة تحب سماعها،
لكنه لا يتحمل وخز دبوس يثقب القناع لأن كل كيانه مبني عليه.،
ولا يتذكر الحداثة والفكر الغربي ولا البطيخ،
لأن هذه المفاهيم طعم للاستهلاك
كما هو شريط كاسيت لاغنية أوروبية في دمية بدوي
وعندما لا أذكر اسمه هنا ليس من باب الاستنكاف فحسب،
بل لأن كل من سيقرأ هذا المقال وسبق أن قرأ له سيعرف عن من أتحدث،
لأنه صار مضرب مثل عن العته والخبل عندما يرتدي قناع الكتابة
وصورة نموذجية لمهرج سيرك ببنطال مثقوب من الخلف يتحدث
من قناة يوتوب كبقالية للإرتزاق.
هذه النماذج ومن تجربة طويلة معهم في دول حداثة وما بعد حداثة،
وفي ليبراليات تطرفت في الحريات الفردية،
وفي حياة مرفهة لكن العقل الصلب يصبح أسوأ من السابق،
وفي اي تماس معهم ينسون ما يكتبون ويرجعون الى الاصل،
الى ما تربوا عليه في حانات الحثالات الرخيصة وشوارع خلفية وأماكن العطب.
مع ان من شروط الحداثة المغامرة الفكرية والرهافة واحترام الحياة الخاصة والعقلانية
والتجاوز والابتكار ،
والحداثة ترتبط بالليبرالية التي تقدس الحياة الخاصة،
فمن أي نوع هذا المتبريل الأقرب الى مخبل وفي يده فالة؟
لم أستغرب أيضاً لمعرفتي الدقيقة بالنموذج المذكور أن يظهر هو نفسه
من صفحة أخرى لكن باسم مستعار يمدح نفسه بانتفاخ مرضي
الخاصية الملازمة للذات المزيفة،
ويتحدث عن انجازاته في المجال الفكري والثقافي،
في حين هو بلا أي انجاز من أي نوع سوى مقالات يكتبها اليوم،
ويكتب عكسها بعد ربع ساعة حتى صار اسمه مضرب الامثال بل مسبة،
ومنها مثلاً مقال على صفحته في تويتر يقول فيه حرفياً:
” إن الوطنية العراقية الحقيقية أسسها حزب البعث،
ولا وطنية بعدها”،
خلاص انتهت الوطنية العراقية مع ان الوطنية ليست سياسة
وحتى النملة تعتز بثقب الارض على قول الشاعر النواب،
لكن لا مشكلة في عالم البزخ كل شيء ممكن: هز الخصور وضرب الطنبور
ثم من يقرأ ومن يكتب ومن يحاسب في ديرة شله واعبر؟
مقالات كثيرة تهاجم هذا وتمدحه في وقت آخر،
ويحرض ضد هذه الطائفة ثم يمدحها،
وفي آخر مقال له وصف المرحوم الخميني مادحا ًحرفياً:
” انه النيزك الذي ضرب الشرق بعد النبي محمد”،
وسبق له في مقال منشور حتى اليوم يقول:
” الإمام المهدي خرافة”،
فكيف يكون وكيله نيزكاً؟”
سبق له في مقالات منشورة حتى اليوم ان لعن وشتم الاثنين: صدام وغريمه.
طبّل للاحتلال ثم قلب المعطف:
نوع من خلط النفط بالحيلب.
هاجم اسرائيل لكنه نسي في اليوم التالي
وكتب مقالا وصف فيه الشيخ حسن نصر الله بالارهابي بل العميل الاسرائيلي،
كتب ان جيش المهدي منظمة ارهابية،
ثم عاد وكتب ان هؤلاء ورثة الحسين.
هاجم الكاتب حامد المالكي والمفكر الشاعر خزعل الماجدي دون مناقشة عبارة
واحدة من نص لهما كما هي شروط نقد النصوص،
بل عن طريق الهذيان التخيلي،
ولم يسلم منه الشاعر والمفكر أدونيس الذي لم يقرأ له كتاباً ولم يستشهد بجملة له،
بل يكتفي بالسب والشتم وهذه ميزة لا تحتاج موهبة وكفاءة ولا ثقافة.
كلب ينبح في شارع فارغ من المارة.
بما انه لا يعرف شيئاً عن حياتي الخاصة انتقل للحديث عن صورتي في الصفحة
وحولها الى سلسلة تهم مع ان الصورة حق طبيعي وليس مكتسباً كحق سياسي أو ثقافي،
وتبخرت من عقله قضية الحداثة والليبرالية والفكر الغربي، نساه.
ثم انتقل فجأة للحديث، ونحن يفترض في حوار ثقافي، عن أحفادي
المتخيلين الاسطوريين في العراق الذين لا وجود لهم إلا في خيال مريض،
بلغة الواثق لأن الأحمق لديه دائما ما يقول،
ولم أدهش لأني أعرف ان هذه حالة مرضية منحرفة ودخل في الهلاوس،
وعادة يكون الأحمق واثقاً مما يقول في حين الحكيم متشكك على قول برتراند راسل.
والكثير الكثير من هذا النوع الذي يذكرنا بموسيقي الشوارع
الزمار الذي يعزف اللحن لمن يدفع.
لكن اين تبخر حديثه عن الحداثة والفكر الغربي الذي أنقذه؟
لا يمكن حتى وصف هذه تناقضات،
بل حرفيا هذيان: مرضي مغلف.
كيف يمكن وصف صدام كنيزك ومؤسس للوطنية “الحقيقية” التي اختفت بعده،
وهو حصل على اللجوء السياسي
باختراع قصة معارض مطارد من قبل نظامه،
واعتبار غريمه نيزكاً أيضاً؟
بعد سنوات من لعن وشتم النظام الايراني ومن والاه ومن أسسه،
بقوة وحماسة وشراسة،
عاد لنا هذه الايام بطبعة إيرانية منقحة جديدة بالقوة والحماسة والشراسه نفسها
في الدفاع عنه ووصف الاحتجاجات الأخيرة حرفياً بــــ الغوغاء،
وعلى قناته في اليوتوب مناحة طويلة من مشاهدين بسطاء ومن مكاتب ذباب الكتروني
كما لو أننا في مأتم وعزاء أمام هذا البزاخ الفلتة:
فمن دفع للزمار؟.
اعتذر للقارئ لاني بعد عام 2003 لم أعد أستعمل علامات التعجب،
فلا شيء يثير العجب في مخلوقات اليوم المتحولة من بشر الى مسوخ.
في أي رجل نرقص مع هذا النموذج الصارخ للانتفاخ المرضي،
والأنا الزائفة التي تصنع له شخصية الطاووس؟
هوهل هو فرد أم ظاهرة؟
في نهاية حواري معه تمنيت له الشفاء ونجاح العلاج من الهذيان،
وأغلقت الحوار معه،
لكني اكتشفت ان تمنياتي له بالشفاء من الهذيان لا معنى لها،
لأن الحوار معه كان بالكامل هذياناً،
وشعرت برائحة عفنة لصقت بي لحظات،
تذكرت ما كنت أقوله دائماً:
” لن تخرج معطراً من مكان عفن”.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here