عندما يطفح الکيل بالنظام الايراني

محمد حسين المياحي

تتفاقم الاوضاع السائدة في إيران أکثر فأکثر وتزداد سوءا مع إستمرار الانتفاضة وعدم تمکن القوات الامنية الايرانية من إخمادها وحسم أمرها، ويبدو إن الکيل قد بدأ يطفح بالنظام عندما يصدر أوامره لممارسة المزيد من القسوة والعنف المفرط في مواجهة المنتفضين ظنا منه بأن ذلك کفيل ببث الرعب في قلوب ونفوس المتظاهرين وجعلهم يتراجعون ويعودون الى منازلهم، لکن يبدو إن هذا الخيار الخاطئ الذي لجأ إليه النظام قد جاء بنتائج عکسية إذ أنه إضافة لدفع المتظاهرين على التمسك بمواقفهم فإنه قد دفع المجتمع الدولي أن يزيد من ضغوطاته على النظام لکي يکف عن ممارساته القمعية ولايتجاوز الحدود.
مقاطع الفيديو التي تم نشرها بخصوص الطرق والاساليب العنيفة جدا التي تقوم القوات الامنية الايرانية من خلالها بمواجهة المتظاهرين وضربهم ضربا مبرحا وإطلاق الذخيرة الحية عليهم وکذلك فيديوهات عن حالات إشتباکات وإطلاق الرصاص وجها لوجه على المتظاهرين، يدل على إن النظام الايراني وبعد أکثر من شهرين على الانتفاضة وعدم وجود أي مٶشر يدل على نهايتها، قد أصبح مقتنعا أکثر من أي وقت سابق بأن إستمرار الانتفاضة ودوامها يعني سعي شعبي صريح من أجل إسقاط النظام خصوصا وبعد أن بات واضحا بأن الانتفاضة منظمة ولها هياکلها وهي تسعى من أجل هدف مرکزي يتجلى بتغيير النظام جذريا.
إنفجار الغضب الشعبي المتراکم ل43 عاما ضد النظام وفشل وإخفاق القوات الامنية في إخمادها وصيرورتها مادة دسمة لوسائل الاعلام ووکالات الانباء العالمية، تحرج النظام الايراني کثيرا وخصوصا وإن إستياء وإمتعاض المجتمع الدولي من تصرفات النظام والاساليب التي يتبعها في معاملتها مع المتظاهرين قد تجاوزت حدود إصدار بيانات الشجب والادانة الى المطالبة بإتخاذ إجراءات وعقوبات دولية ضد النظام بسبب ذلك ومن هنا فإن الاخير مستعجل جدا من أجل إنهائها اليوم قبل غدا.
سعي القوات الامنية الايرانية طبقا للأوامر الصادرة إليها بحسم الانتفاضة وإخمادها، لايبدو أبدا متاحا وحتى يمکن القول بأنها ليست في مستوى ذلك، إذ أن هذه الانتفاضة ليست کالانتفاضات السابقة بأي شکل من الاشکال بل إنها تختلف عنها إختلافا جذريا إذ أنها ليست من أجل تحقيق مطالب وأمور محددة أو طارئة بل إن هدفها يتجاوز ويتخطى ذلك بکثير إذ أنها ليست ذات طابع إقتصادي ومعيشي أو ماشابه بل إنها ذات طابع سياسي واضح يدعو الى تغيير النظام جذريا، بمعنى إن الشعب قد وصلت به الحالة الى الحد الذي لايمکن فيه من التعايش مع هذا النظام والسماح ببقائه وإستمراره.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here