على خلفية اغتيال «ترول».. 7 فصائل مسلحة شكلتها طهران لمواجهة واشنطن في العراق

بغداد/ تميم الحسن
كشفت قضية مقتل الناشط الامريكي ستيفن ترول على يد مسلحين مجهولين وسط بغداد، عن خلاف شيعي- شيعي بسبب سياسة الحكومة والإطار التنسيقي تجاه الولايات المتحدة.

ويعتقد الإطار التنسيقي ان حادثة الاغتيال الاولى ضد مواطن أجنبي في العراق منذ سنوات، هي رسالة الى محمد السوداني الذي بدأ بالتقرب من واشنطن.
وكشف الخلاف الجديد عن تاريخ قديم للمشكلة الشيعية في العلاقة مع اميركا، اذ تسبب ذلك (الخلاف) بتشكيل مجاميع مسلحة عملت ضد رأي الغالبية من الشيعة.
وبدأت هذه المجاميع التي يعتقد بانها «تنفذ» او «تسهل» الاغتيالات وقصف المصالح الاجنبية والمعسكرات العراقية عملها في السنوات الثلاث الاخيرة.
وتسببت هذه المجاميع التي، في الغالب تحمل أسماء وهمية، بتنفيذ نحو 120 هجوماً في العامين والنصف العام الأخيرين.
واستخدمت هذه المجاميع خلال تلك الفترة، في مهاجمة السفارات والمعسكرات العراقية والمطارات، قرابة 300 صاروخ وعبوة ناسفة وطائرة مسيرة.
وتسببت هذه المجاميع التي بات يطلق عليها اسم «خلايا الكاتيوشا» بإغلاق وتهديد 3 مفاصل حيوية اجنبية ووطنية، منها قنصليات وشركات تشغيل طائرات الـ «اف 16».
وكانت آخر التحقيقات بشأن مقتل ترول قد توصلت الى اتهام طهران بالحادث، لكنها (التحقيقات) لم تتأكد حتى الان مما لو كان المنفذون قدموا من إيران او موجودين في الداخل.
واغضب الحادث الإطار التنسيقي، بحسب معلومات حصلت عليها (المدى) من مصادر مطلعة، إذ اعتبر الاغتيال هو «ضرب» لسياسة الحكومة الجديدة مع الغرب.
وشدد رئيس الوزراء محمد السوداني، في اول رد على الحادث، على أن ملف الأمن خط أحمر، معتبراً ان محاولة اختبار الحكومة فيه خيار فاشل.
وبين السوداني خلال مؤتمر صحفي أعقب الاجتماع الاعتيادي للحكومة يوم الثلاثاء الماضي، ان «حادثة مقتل مواطن أمريكي يعمل في منظمة للإغاثة والتنمية جريمة جبانة».
وأضاف: «ومن ليلة أمس ولغاية الساعة أجهزتنا المختصة تجري تحقيقات لكشف ملابسات الحادث».
واكد السوداني بانه لا يريد استباق الاحداث، واوضح ان الضحية «موجود منذ عام 2021 في العراق، وتوقيت الجريمة يضع علامات استفهام».
واكد رئيس الوزراء انه «من يريد ان يختبر الحكومة في مسألة الأمن، فقد دخل في اختبار فاشل لأن أمن العراق خط أحمر، والإساءة للبلد والتعدي على المواطنين الأجانب المقيمين أمر لا يمكن التساهل معه».
الى ذلك قدمت السفيرة الامريكية ألينا رومانوسكي، شكرها للشعب العراقي على «الرسائل الداعمة» بعد حادثة مقتل ترويل.
وقالت رومانسكي في تغريدة على تويتر «خلال هذه الأوقات الحزينة، اتقدم بجزيل الشكر والامتنان للشعب العراقي على رسائله الداعمة بعد حادثة القتل الوحشي ستيفن ترول الليلة الماضية في بغداد».
وأضافت السفيرة، «كان ستيفن في العراق بصفته الخاصة يقوم بما يُحب وهو العمل مع الشعب العراقي.. خالص التعازي لزوجته وأطفاله الصغار».
وبدأ رئيس الحكومة بحسب المصادر المطلعة، تنفيذ اتفاق الإطار التنسيقي في بناء علاقات ايجابية مع الولايات المتحدة.
ووفق تلك المصادر ان «السوداني عمل على تحسين صورة الإطار مع أخذ تعهدات من الفصائل بعدم استهداف المصالح الامريكية في العراق».
مقابل ذلك فإن واشنطن وافقت على دعم الحكومة، ووضعت شروطا بإبعاد الاجهزة الامنية الحساسة، والمفاصل المالية والنفط عن «الفصائل المقربة من طهران».
وقبل يوم من حادث اغتيال المواطن الأمريكي كانت وزيرة المالية طيف سامي قد استقبلت السفيرة الامريكية بمقر الوزارة في بغداد.
وقال بيان للوزيرة إن السفيرة الأميركية «قدمت التهاني لوزيرة المالية بمناسبة تسلم مهام الوزارة، وأكدت على استمرار دعم حكومة الولايات المتحدة لحكومة وشعب العراق، وتطلعها إلى إيجاد مساحات أوسع من الشراكة والتعاون بين البلدين».
وكانت رومانسكي، السفيرة الامريكية قد زارت محمد السوداني ثلاث مرات في غضون الاسابيع الثلاثة الماضية، كما اتصل انتوني بلينكن وزير الخارجية الامريكي، برئيس الوزراء وأكدا على «التزام الطرفين باتفاقية الإطار الستراتيجي» الموقعة من العراق والولايات المتحدة.
انشقاق الفصائل
وعلى ضوء تلك العلاقات اتفقت الجماعات التي تطلق على نفسها اسم مقاومة، على وقف اي تصعيد ضد الوجود الامريكي في العراق أو ضرب السفارات.
لكن المصادر المطلعة القريبة من الإطار التنسيقي اكدت لـ(المدى) شريطة عدم الاشارة الى هويتها، بأن «بعض الجماعات لم تكن راضية على قرار التقرب من واشنطن».
وبينت تلك المصادر ان «تلك الجماعات قد انقسمت أكثر من مرة خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب المواقف من الولايات المتحدة».
وتوضح المصادر ان «هذه الجماعات تخالف رأي غالبية القوى الشيعية وبدأت بعد انتهاء عمليات التحرير من داعش باستهداف القوات الامريكية تنفيذا لأجندات ايرانية».
وهذه المجاميع كانت تعمل بدون اسماء واضحة، حتى بدأت بعد مقتل الجنرال الايراني قاسم سليماني مطلع عام 2020 باختيار اسماء وهمية.
وكانت مجموعة تطلق على نفسها «سرايا اصحاب الكهف» قد اعلنت مسؤوليتها عن مقتل المواطن الأمريكي في الكرادة.
وبررته تلك المجموعة في بيان انه «انتقاماً لمقتل الجنرال قاسم سليماني قائد (فيلق القدس)، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس (هيئة الحشد الشعبي)».
اول مجموعة كانت قد تبنت هجوماً على المنطقة الخضراء بـ «الكاتيوشا» كان في ايار 2019، واطلقت على نفسها اسم «وحدات الشهيد علي منصور الجبوري».
وادعت هذه المجموعة انها نفذت الهجوم انتقاما لقرار ترامب (دونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق) الذي أفرج حينها عن جندي امريكي قتل علي منصور الجبوري أثناء احتجازه لدى القوات الامريكية في 2008.
وقبل ذلك كانت حوادث قصف متفرقة في البصرة بـ «الكاتيوشا» قد تسببت بإغلاق القنصلية الأمريكية هناك في أيلول 2018، بعد اتهامات من ابو مهدي المهندس للقنصلية بدعم التظاهرات في الجنوب.
وخلال الاشهر الستة الاخيرة من عام 2019، نفذت المجاميع المسلحة 30 هجوما بنحو 60 صاروخاً.
وكانت هذه الهجمات ضمن التصعيد بين طهران وواشنطن على خلفية تهديد الاولى بإغلاق مضيق هرمز.
وهددت عمليات القصف حينها شركات النفط العملاقة في البصرة، وتسببت بمغادرة عدد منها العمل ثم عادت بعد ذلك.
وفي 2020 نفذت الجماعات المسلحة 60 هجوما بأكثر من 100 صاروخ، فيما كان عادل عبد المهدي رئيس الوزراء السابق قد اشتكى أكثر من مرة من سلوك تلك الجماعات.
وعبد المهدي سبق ان أصدر امرا ديوانيا شهيرا عن هيكلة الحشد الشعبي، وتسربت حينها معلومات عن «تمرد» من بعض الفصائل التي رفضت تنفيذ الأمر.
ضرب الأرتال.. والأسلوب اليمني
أضاف المسلحون في أيار من ذلك العام أسلوبا جديدا للهجمات ضد المصالح الاجنبية في العراق.
وبدأوا باستهداف شاحنات الدعم اللوجستي العاملة مع القوات الامريكية على الطرق السريعة، ونفذوا نحو 50 هجوما من ذلك الوقت الى منتصف العام الماضي.
أما في عام 2021 فقد نفذ 22 هجوما بقرابة 100 صاروخ و8 مسيرات، حيث بدأت الجماعات من منتصف ذلك العام باستخدام الاسلوب اليمني بأرسال طائرات مفخخة بلا طيار.
وتسببت الهجمات في ذلك العام بتعليق عمل الشركات الامريكية التي تشرف على تشغيل واصلاح طائرات الـ (اف 16) حيث أثر توقف التحليق على جهود محاربة «داعش».
وفي منتصف العام نفسه ظهرت لأول مرة «سرايا اصحاب الكهف» ومعها 6 فصائل جديدة حيث بدأت هذه المجاميع تستخدم لأول مرة أسماء وهمية.
وأبرز الفصائل التي ظهرت حينها بعد تكتيك جديد من إسماعيل قاآني خليفة سليماني، الذي احتوى الفصائل المنشقة عن الاجماع الشيعي، هم «عصبة الثائرين، وسرايا ثورة العشرين، قبضة الهدى، حركة أنصار الولاية، وقوات فقار المقاومة».
وطوال تلك الفترة ادان مقتدى الصدر (زعيم التيار الصدري)، عمار الحكيم (زعيم الحكمة)، هادي العامري (زعيم بدر)، حيدر العبادي (زعيم النصر)، وبشكل اقل قيس الخزعلي (زعيم العصائب) الهجمات على المعسكرات وشركات النفط والسفارات.
بالمقابل سجل العام الحالي اقل معدل من حيث الهجمات، حيث تمت مهاجمة المنطقة الخضراء 3 مرات، وإرسال نحو 5 مسيرات أغلبها على مناطق في أربيل وحدود كردستان.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here