إجبار المتهم على الإعتراف بالتعذيب والإكراه

فارس حامد عبد الكريم

التعذيب لإنتزاع اعتراف من المتهم يعود تاريخه الى العهود القديمة جداً، فهو وسيلة تحقيق بدائية جداً، وأشتدت وطأته خلال القرون الوسطى، ووصمت محاكم التفتيش الأوربية بالعار لاحقاً لأن اساس اجراءاتها التعسفية وأحكامها هو نزع إعتراف من المتهم بالتعذيب الشديد المتفنن به والمبتكر بأساليبه الوحشية …
وقد تخلت اغلب دول العالم عن هذه الوسيلة القذرة في التعامل مع المتهمين بعد أن منعتها قوانين صارمة فقد أكدت الوقائع المتلاحقة ان ضحاياها من الابرياء فاق كل التصورات والذين كانوا (يعترفون) بجريمة لم يرتكبوها تحت وطأة التعذيب ولغرض التخلص منه … ولاشك ان الضحايا في العراق يشكلون النسبة الأعلى عالمياً خلال الحكم البائد ولازالت …
قصة حقيقية
ومما أثر في ذاكرتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي ان أحد الحلاقين غادر بيته صباحاً بعد ان جاء اليه صديقه بقصد الذهاب الى محله، محل الحلاقة، ولكن الحلاق اختفى بعدها، ولم يجده أهله وقد بحثوا عنه في كل مكان متوقع أو غير متوقع…. فأتهموا صديقه بقتله الذي أنكر انكاراً شديداً … ولكنه في النهاية أُجبر على الاعتراف بقتله والتخلص من جثته برميها بالنهر .. وتمت احالته الى القضاء بعد ان ابلغه ضباط التحقيق انه اذا اشتكى امام القاضي بأنه تعرض للتعذيب لنزع الاعتراف منه فستكون ايامه اللاحقة سوداء بكل معنى الكلمة …
حكمت المحكمة عليه بالإعدام ونُفذ الحكم لاحقاً …
بعد حوالي عشر سنوات طرقت باب بيت الحلاق فخرجت امه لتفتح الباب وما أن فتحتها حتى أغمى عليها وسقطت أرضاً فجاء الأب راكضاً والذي وقف مذهولاً مما يرى … إن القادم الطارق للباب هو ابنهم الحلاق …
الذي أوضح لاحقاً انه كان متفقاً مع شبكة تهريب لتهريبه خارج العراق عن طريق الشمال، وصل فيما بعد للسويد، مشترطة عليه ان لايخبر احداً على الإطلاق بعملية تهريبه حفاظاً على امنهم الشخصي …..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here