السوداني يفتح ملفاً خطيراً ويتوعد المتورطين بتعذيب السجناء

بغداد/ حسين حاتم

يحاول رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الوصول إلى أعماق بعيدة في مجال الأمن من خلال معرفة التفاصيل والخبايا المتعلقة بإدارة الملف الأمني.

وفي خطوة مفاجئة، أعلن مكتب السوداني، أنه سيبدأ بالنظر في ملف التعذيب في السجون العراقية، وذلك عبر تلقي بلاغات تثبت تعرض الأشخاص لأي نوع من التعذيب.

وذكر المكتب في بيان تلقته (المدى)، أنه “لأهمية توفير جميع الضمانات القانونية للمتهم أثناء مراحل التحقيق، ومنها عدم انتزاع الاعترافات منه بالإكراه أو قسرا.. نهيب بمن تعرض لأي صورة من صور التعذيب، أو الانتزاع القسري للاعترافات، بتقديم شكواه الى مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الإنسان، معززةً بالأدلة الثبوتية”، فيما نشر مكتب السوداني، عناوين الاتصالات بهدف تلقي البلاغات.

ويقول العضو السابق في مفوضية حقوق الانسان علي البياتي في حديث لـ(المدى)، إن “خطوة السوداني جيدة، كونه اعترف بوجود التعذيب داخل سجون مؤسسات الدولة”.

واضاف البياتي، أن “قضية التعذيب والممارسات التعسفية بحق السجناء تتعلق بثقافة وسلوك الاجهزة الامنية المتواجدة من قبل العام 2003″، مبينا ان “الخلل يكمن بالتشريع وغياب القوانين التي بإمكانها معالجة تلك القضايا، سواء على مستوى المحاسبة او جبر الضرر او منع حصوله اضافة الى عدم وجود رقابة حقيقية لتلك الاجهزة”.

وأشار، إلى أن “اغلب قضايا التعذيب في السجون مخالفة للقوانين”، لافتا الى أن “معالجة تلك القضايا لا يمكن حله من خلال مكتب رئيس وزراء وبريد الكتروني او مستشار حقوقي، إذ ان القضية أكبر بكثير من ذلك”. وشدد البياتي على، “ضرورة وجود معالجات حقيقية وأن يعمل السوداني جاهدا لتفعيل المؤسسات الرقابية المتمثلة بمفوضية حقوق الانسان وجهاز الادعاء العام بالإضافة الى منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية”. وتابع، “على رئيس الوزراء تسهيل عمل اللجان الدولية المعنية بمراقبة التزامات العراق وتنفيذ القوانين لا سيما ما يتعلق بوضع حد للتداخل في عمل تلك المؤسسات”، مشيرا الى “إصدار مذكرات القاء القبض حصرا من المحاكم وليس من داخل المؤسسات الامنية”.

ودعا البياتي، رئيس الوزراء الى “ايقاف العمل بفقرة الاعتراف سيد الادلة والاعتماد على أدلة ثبوتية ملموسة”، لافتا الى “ضرورة اعداد مسودات قوانين تخص مناهضة التعذيب وارسالها الى البرلمان بالسرعة الممكنة، اضافة الى تفعيل التحقيق بقضايا التعذيب والتغييب”.

وطالب البياتي، بـ”الاسراع في تشكيل مجلس المفوضين لحقوق الانسان وانهاء فترة جمود وشل هذه المؤسسة المهمة المهنية بمراقبة جميع الانتهاكات”. من جهته، يقول الباحث بالشأن الأمني علي البيدر في حديث لـ(المدى)، إن “السوداني يحاول الوصول إلى أعماق بعيدة في مجال معرفة الكثير من التفاصيل والخبايا المتعلقة بإدارة الملف الأمني”. وأشار، الى أن “رئيس مجلس الوزراء يريد ارسال رسائل الى الجميع يبين فيها انه مع خطوة بناء مؤسسات الدولة والتعامل مع الجميع بنفس الروحية”. وأوضح البيدر، أن “حسم ملف التعذيب في السجون يحتاج الى ارادة قوية وقادة شرطة حازمين، وان تكون العناوين التي تتولى هذه المهمة غير طائفية”.

وتابع، “يجب أن يكون هناك دور لمنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية والانسانية اضافة الى المؤسسات العالمية في التعامل مع ملف التعذيب”، مبينا أن “اشراك المؤسسات الحقوقية في هذا الجانب سيفتح الباب على مصراعيه ويقف بوجه اية محاولة تمنع الوصول الى الحقائق”.

بدوره، يقول نائب رئيس لجنة حقوق الانسان أرشد الصالحي، إن “هناك نفوذا لأطراف قوية داخل السجون وإدارتها، ومديرو السجون يواجهون ضغوطا تمارس عليهم، وهذا كله يضاف إلى معاناة السجناء”، مشددا على “ضرورة منع هذه التدخلات والخروج بحلول”.

وعبّر الصالحي عن قلقه بشأن “واقع السجون بسبب عدم استقرار الوضع الأمني، معربا عن خشية من حصول تدهور كالذي حصل قبل سنوات في سجن أبو غريب، من هروب السجناء، لاسيما مع غياب السلطة الرقابية المتمثلة في المفوضية العليا لحقوق الإنسان (التي تم حلها)، الأمر الذي أدى إلى تراجع وضع السجون”.

وتضاعف عدد السجون في العراق بعد العام 2003، إذ أنشأت سلطة الاحتلال المؤقتة ثلاثة سجون في السليمانية والبصرة وبغداد، قبل أن وسعت الحكومات المتعاقبة خطة السجون، ليرتفع العدد إلى 13 سجنا رئيسيا تنتشر في مدن وسط وجنوبي البلاد، فضلا عن العاصمة بغداد، وإقليم كردستان، عدا عما يعرف بالسجون المؤقتة التي تتبع وزارتي الداخلية والدفاع، وتُعرف في العراق بـ”التسفيرات”.

وفي وقت سابق، كشف المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب في تقرير له، رصد وفاة نحو 50 معتقلاً نتيجة “عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون التابعة لحكومة بغداد”.

ووفق التقرير فإنه في المدّة المتراوحة ما بين كانون الثاني الماضي وآب توفّي 49 معتقلًا؛ 39 منهم في سجن الناصرية المركزي، وثمانية في سجن التاجي (شمالي بغداد)، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مراكز شرطة إجرام الموصل في محافظة نينوى، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الإجرام في العاصمة بغداد.

كذلك، كشف المركز عن “احتجاز السلطات الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروف غير إنسانية، بوضعهم في زنازين مكتظة وغير مهيأة صحياً لسنوات عدّة بدوافع انتقامية وطائفية”، موضحاً أنّ “الظروف الصحية معدومة في معتقلاتهم، وأنّها ذات درجة حرارة ورطوبة عاليتَين، ممّا يؤثّر على صحتهم بشكل مباشر”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here