هل تنتهي ” قيصرية ” بوتين إلى نفس مصير قادسية صدام

بقلم مهدي قاسم

بمجرد أن بدأت القوات الروسية المداهمة الانسحاب من ضواحي العاصمة كيف أبان الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية ثم واصلت الانسحابات المتتالية من مدن و بلدات صغيرة لحد التحصن المهزوز في مدينة خيرسون حتى بدأ يتكون عندي انطباع مفاده أن بوتين ربما يعاني من متلازمة صدام حسين على صعيد الغزوات دون أي اعتبار أو ضمانة عن عدم حدوث نتائج عكسية يمكن أن تنتج عن عملية هذا الغزو وتنتهي بنتائج سلبية وكارثية على روسيا ، مثلما حدث مع الطاغية البائد صدام، و قد تقوى عندى هذا الانطباع عندما أخذ بوتين يهدد بالأسلحة النووية ، حيث جاء هذا التهديد تعبيرا عن الضعف ، أكثر مما أن يكون تعبيرا او تأكيدا على القوة وثقة بالنفس على صعيد الانتصار النهائي والحتمي ، إذ نحن كلنا نعلم أن استخدام الأسلحة النووية سلاح ذو حدين سيرتد بنتائج كارثية منعكسة على جميع الأطراف ..

و كان الاعتقاد السائد ، حتى اللحظة الأخيرة أن الروس سوف لن ينسحبوا من مدينة خيرسون لكونها ستكون رمزا و تجسيدا لانتصار أحد الطرفين فضلا عن كونها عاصمة للمقاطعة ، بل ذات أطراف وممرات استراتيجية مهمة بالنسبة لتأمين المياه العذبة لجزيرة القرم ، ولكن لدهشة الكثيرين بما فيهم الأوكرانيين أنفسهم ، فقد قررت وزارة الدفاع الروسية بسحب قواتها من هناك الانسحاب ، بكل مذلة ومهانة ، إلى الطرف الآخر من نهر الدنيبر حتى بدون خوض أبسط مقاومة أو مواجهة مع القوات الأوكرانية المتقدمة عند أطراف المدينة ، بعد نقل مئات آلاف من المدنيين من الأقلية الروسية إلى مناطق وبلدات آمنة ، و كل هذا لم يكن أو يحدث مصادفة ومفاجئة ، لمن تابع وضع القوات الروسية الغازية للأراضي الأوكرانية الفضفاض و المتخلخل على صعيد المستوى الرديء للتدريبات العسكرية العصرية و هبوط المعنويات القتالية و عدم التنسيق بين الفصائل والوحدات المقاتلة ، فضلا عن قصور فادح بالامدادات المهمة جدا و من الدعم اللوجستي الذي يفترض أن يبقى كل هذا مضمونا على مدى استمرارية المعارك و حتى تحقيق أهداف الحرب ..

كما أن العبرة ليست في السهولة احتلال أراض واسعة إنما في كيفية الدفاع عنها بهدف الاحتفاظ بها صمودا أما هجمات الخصوم ..

و على ضوء كل هذا بدأت اعتقد بأن الجيش الروسي مهلهل و متضعضع ، و ربما كارتون من النمر ــ استعانة بتعبير ماوتسي تونغ ــ و أنه لو الأسلحة النووية فلا يسوى شيئا هذا الجيش الذي كان يعدونه الثاني الأقوى بين جيوش العالم !!..

و الطامة الكبرى يبدو إنه حتى جهاز المخابرات الروسي مخترق هو الآخر أيضا ، بدليل أنه بالرغم من إن بوتين وغيره من المسؤولين الروس الكبار قد نفى في شهور ما قبل الغزو ،خبر نية الروس في غزو الأراضي الأوكرانية غير أن الرئيس الأمريكي بايدين قد أكد حقيقة وقوع هذا الغزو الوشيك مرارا ، وهذا يعني أن المخابرات الأمريكية كانت مطلعة على ” سرية ” هذا الغزو مسبقا ..

كما يتطلب منا إنصافا أن نضيف إلى : إن روسيا وحدها تواجه و تحارب الولايات الأمريكية و حلف الناتو ودول الاتحاد الأوروبي في الأراضي الأوكرانية في آن واحد ، وهو أمر كان يجب أن يؤخذ بالحسبان أي متوقعا طالما قررت أمريكا و حلف الناتو الامتداد عبرحدود أوكرانيا إلى الحدود الروسية بهدف التطويق عن قرب قريب .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here