مهنة الطب العظيمة
(إزدواجية عمل الطبيب)
فارس حامد عبد الكريم
في محاورة مع أحد الأطباء المحترمين اثناء مراجعتي احدى المستشفيات الحديثة في كربلاء تناولنا فيها وضع مهنة الطب وايجابيات وسلبيات عمل الطبيب في العراق، خاصة وان ابناء الشعب العراقي بين راض جداً عن بعض من الأطباء وساخط على البعض الآخر، اذ يجري الحديث عن فئة محدودة من الأطباء قد جعلوا من مهنة الطب عمل تجاري بحت، فتراهم يعقدون الإتفاقات مع صيدلية محددة ومختبر محدد ويكتبون الوصفات الطبية بلغة الإشارات وهذا السلوك لا يتطابق بالتأكيد مع القيم الخلقية العامة والمهنية اذ ينطوي على قدر من استغفال المرضى واستغلال حاجتهم الماسة للعلاج والشفاء مما يجعلهم مضطرين للتعامل مع هذه الأساليب التي أقل ما يقال عنها انها ملتوية …
الحلول المقترحة
مع تقديرنا للشريحة النزيهة من الأطباء اتفقنا على ان افضل حل، سبق ان أشرت إليه، هو ان كثير من مشاكل العمل الطبي هو ازدواجية عمل الطبيب بين القطاع العام والقطاع الخاص، وهي من الوظائف النادرة في العراق التي يسمح لها العمل في القطاع الخاص، اذ تمنع القوانين عادة الجمع بين الوظيفة والعمل في القطاع الخاص، اذا لايسمح للقاضي او الحقوقي الموظف في دوائر الدولة مثلاً فتح مكتب لتقديم المشورات القانونية وهكذا لبقية المهن الأخرى…
والسبب في هذا المنع هو منع تضارب المصالح العامة مع المصالح الشخصية وبالتالي تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.
خاصة اذا كان للطبيب عدد كبير جداً من المراجعين في عيادته الخاصة (بعضهم يبقى في عيادته الخاصة من الرابعة عصراً لما بعد الثانية عشر ليلاً) مما يصعب عليه التوفيق بين عمله الرسمي وعمله الخاص فتكون النتيجة الإرهاق والأخطاء الطبية خاصة ممن يقومون بالعمليات الجراحية في المستشفيات الحكومية فضلاً عن التهرب من العمل الرسمي دون الخاص ….
ولحل هذه الإشكالية تعمد بعض الدول من خلال نظامها القانوني الى إعطاء الخيار للطبيب بين العمل في القطاع الصحي الحكومي او القطاع الخاص ولايجوز الجمع بينهما مع ضمان:
1- حصول الطبيب على راتب ممتاز في القطاع الحكومي مع مخصصات وامتيازات خاصة تشجع على العمل في القطاع الحكومي.
2- ان تحدد الانظمة والتعليمات الحد الأدني للأجور عند عمله في المستشفيات الخاصة وحصول الطبيب في القطاع الخاص على تقاعد عند بلوغه عمر معين من خلال صندوق خاص للتقاعد ينشأ لهذا الغرض كما هو حال صندوق تقاعد المحامين .
ان مثل هذا الحل المُجرب سيمحو الكثير من السلبيات المشكو منها في مهنة الطب ويضيف لهذه المهنة العظيمة إشراقة انسانية جديدة.
حالة واقعية
ليس المقصود بمقالتي حالة فردية معينة، فلاشك ان الشرفاء المهنيين هم الأكثرية، ولكن هناك تذمر عام من اداء بعض الأطباء حيث يفترض الناس إن الطبيب او ينظرون إليه كشخص محترم يؤدي مهنة إنسانية عظيمة له عيادته ويقوم بعمله بكل مهنية وكرامة فيعز عليهم ان يروا البعض وقد بلغ من الجشع والطمع مالم يبلغه بسطاء الناس فتراه يتفق مع الصيدلي ومع المختبر ومع الاشعة ليضفيوا مبالغ على عملهم لصالحه فيشعر المريض وذويه انه تم تسليبه في العيادة والمختبر والصيدلية والأشعة وبمبالغ زائدة مبالغ بها لدرجة كبيرة تصب لمصلحة الطبيب.
انا شخصياً كتب لي طبيب علاج راجعت الصيدلية التي تحت عيادته طلب مني 500 الف دينار ذهبت الى صيدلية اخرى لم يفهم الوصفة فرجعت الى الطبيب وطلبت منه ان يكتب بخط واضح ومفهوم لاني لا ارغب بشراء العلاج من هذه الصيدلية وبعد جدل ابلغته ان سأشكوه في النقابة ووزارة الصحة فكتب لي وصفة اخرى وعدت للصيدلية الأخرى فطلب 120 الف دينار فقط وليس 500 الف !!!!!
فتصورا حجم الجشع وحجم الاموال التي يجنيها الطبيب مع عشرات المرضى يومياً وعندها تعرفون سبب تهربه من الدوام الرسمي،