القطار!!

القطار الذي يقلني إلى أكبر مدينة في الدنيا , يستحضر ذكرياتي مع قطار بغداد – الموصل , ذلك القطار الذي يتحرك وكأنه السلحفاة , والذي يتعرض لعطلات مريرة يدفعنا لمغادرته والوقوف على الطريق العام والتأشير للحافلات المارة ومنهم مَن يتوقف ومَن يتجاهلنا , فتكون الرحلة شاقة ومزدحمة بالمخاطر , ومن النادر أن يكون مسيره منتظم وبلا عطلات أو تعطيلات , فأحيانا يتوقف لساعات بإنتظار قطار ما سيمر على ذات السكة.
إن قوة الدول يمكن معرفتها من سلاسة وسهولة النقل فيها , فإن كان متأخرا ومتعثرا فهو يعكس صورتها بالتمام , ولهذا عندما نقارن بين قطارات اليابان والصين نجد أنها ذات تطور فائق , وقدرات لا تتوفر في غيرها من الدول , ولن تصل دول الأمة إلى ما وصلت إليه هاتان الدولتان ولو بعد أكثر من قرن , ذلك أن معظم دولنا بلا بنية تحتية قادرة على التطور والمعاصرة.
وأوربا فيها قطارات متطورة , وتعتمد على النقل العام لصغر حجم الدول , والقدرة على ربطها بسكك الحديد الحديثة , وفي بلداننا تعجب من الأحوال , فمصر التي حسبتها متطورة في نظام النقل بالقطارات , وجدتني في قطار القاهرة – الإسكندرية , وكأني في قطار بغداد – الموصل في السبعينيات من القرن العشرين.
العجيب في أمر دولنا أن أنظمة السكك الحديدية وجدت فيها منذ مطلع القرن العشرين , وما تطورت وتواصلت في تحديثها وتأمين الإعتماد الآمن عليها , بل تعرضت للإهمال , وما كانت عليه خير مما هي عليه الآن!!
إن التقدم والقوة ليست أقوالا وخطابات عنترية , بل جد وإجتهاد , وغيرة وطنية وشعور بالمسؤولية , ورعاية للطاقات المجتمعية وإستثمارها لبناء البلاد وترفيه العباد , والحرص على راحتهم وقدرتهم على العطاء المتفاعل مع إرادة الحياة.
فهل من عمل وطني دؤوب؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here