لماذا الاسلام السياسي مقرون بالعنف

لماذا الاسلام السياسي مقرون بالعنف :
بقلم ( كامل سلمان )
الاحزاب الدينية بدأت مشوارها بالعنف واستمرت بالعنف ومفهوم العنف يعبرون عنه بالجهاد في لغة العنف الديني ، والشخص العامل مع التنظيمات الدينية يسمى مجاهد ، وتطبيق العنف يسمى الجهاد في سبيل الله وإجبار الناس على قبول التعاليم الدينية السياسية يسمى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكل ذلك يتم تحت مظلة حكم الله ، هذه المفردات تداعب الأحاسيس الدينية عند الناس ، ولا يوجد اي تنظيم ديني سياسي الا وتجد العنف والدم جزء من منهجيته ، شاهد ذلك مع الاخوان المسلمين في مصر ومع طالبان ومع القاعدة وداعش والاحزاب الاسلامية في العراق واليمن وتونس وايران ونيجيريا وغيرها ، كلها تنظيمات بنيت على الارهاب والقتل والقسوة المفرطة ، لذلك فأن مفكروا الحركات الدينية السياسية يعتمدون اسلوب الشدة في طرح الاراء والحدة في التعامل معها ، ويتم تأويل الايات القرآنية الكريمة بطريقة تتلائم مع المفاهيم التي يسعى لتطبيقها التنظيم او الحزب ويستعينون بالاحاديث والروايات التي تحض على القوة والقسوة والقتل والجهاد ، ولو تمعنا بالاسلام السياسي الشيعي والسني لوجدنا مفارقة غريبة ، لوجدنا الاسلام السياسي الشيعي خرج من قلب المؤسسة الدينية الشيعية ، فتأسست تلك الاحزاب على يد مراجع الدين الشيعة اي من قمة هرم المذهب وعندنا مثال الخميني ومحمد باقر الصدر وهما مرجعان بدرجة دينية عالية وهما من اسسا الحركات الدينية السياسية الشيعية ، بينما في الجانب السني نرى المرجعيات الدينية تنأى بنفسها عن اي سلوك سياسي يناقض الدولة القائمة ، لذلك الاحزاب والحركات السياسية السنية تأسست خارج المؤسسة الدينية ، ولم نسمع بحزب سياسي ديني سني انبثق من قلب المؤسسة الدينية السنية ، ، ، اما السؤال لماذا العنف ولماذا الترهيب والتخويف ولماذا القتل والاغتيالات عند الاسلام السياسي عموما ؟ وهل ان الفكر السياسي الديني عاجز ان ينافس الفكر غير الديني او عاجز ان يجاري متغيرات الحياة ؟ الحقيقة هناك حقيقتان داخل العقل السياسي الديني ، الحقيقة الاولى هي العواطف المنفلتة وهي تشبه الى حد كبير السلاح المنفلت بل ان السلاح المنفلت هي النتيجة الطبيعية للعواطف المنفلتة ، والعواطف المنفلتة تتكون بسبب الحماسة العالية التي يؤججها الوعاظ والخطباء عند انصار و اتباع الحركات الدينية اي ان العاطفة هي الاساس الذي يبنى عليه الفكر السياسي الديني والعاطفة ترتبط بالقائد الديني المقدس وقد يكون هذا القائد حي يرزق او لقى حتفه على يد الحاكم او قائد تأريخي ، أما العواطف مع الله او مع الناس فهذا مالم نسمع به ، والحقيقة الثانية ان العنف يغطي العيوب التي تصاحب الحركات الدينية بسبب عدم قدرتها على المواجهة مع العلم الذي يتطور كل يوم وكل ساعة . وذلك لأن دعاة الحركات الدينية لا يستطيعون فهم واستيعاب بأن الدين الحقيقي ليس سوى رسالة اخلاقية وليس نظام سياسي او اقتصادي او علمي فيحاولون جاهدين ان يثبتوا ان الاسلام كل شيء فيعجزون و يتقهقرون فيتم تعويض هزيمتهم بالعنف . لذلك لا نستغرب ان تظهر بعض الكتب الدينية العلمية او الدينية الاقتصادية او الدينية السياسية او حتى الدينية الفلسفية في ادبيات الاحزاب الدينية للتعويض عن هذه السلوكيات و لإثبات مصداقية اطروحاتهم الفكرية ، وهذه الكتب مليئة بالمتناقضات وفارغة المحتوى ، وقد لاحظنا ذلك بوضوح في كتب ومؤلفات سيد قطب وحسن البنا ومحمد باقر الصدر ومالك بن نبي ومرتضى المطهري وغيرهم ، تلك الكتب التي لم يعد احد يتداولها او قراءتها بسبب تناقضها مع العلم ومع الفلسفة ومع الاقتصاد ومع السياسة ، فالاقتصاد والسياسة والادارة اصبحت علوم واسعة واختصاصات متفرعة لها مئات المؤلفات والدراسات الجامعية ……
في مجتمعات تعيش الحرمان وشباب عاطل عن العمل وظلم الحكومات القائمة وعدم وجود ثقافة اجتماعية واضحة كلها عوامل تساعد على انخراط الشباب الى هذه الاحزاب الدينية التي تجد نفسها مع توافد الاعداد الكبيرة من الشباب والمراهقين بأنها رهان المجتمع فتنتفخ وتعتقد انها اي هذه الاحزاب هي خير ممثل للجموع البشرية وخاصة الشبابية و لا يصح تفويت الفرصة مع امكانية تعبئة وتجييش هذه الجموع الغفيرة من الشباب للتطوع مع الحركات الدينية الجهادية ، ومع هذا التغيير المجتمعي الحماسي المتنامي تبدأ الايادي الشيطانية تمتد من جهات خارجية سخية داعمة بالمال والسلاح لهذه الاحزاب والتنظيمات ليكتمل السيناريو الذي سيحطم ويدمر المجتمع لاحقا . لأن الداعم الاجنبي يعلم يقينا بأن هذه الاحزاب ستلتجأ للعنف والفوضى في اسلوب عملها فيصبح تخريب البلد على ايدي ابناءها وهذا هو حلم العدو الخارجي ، والعجيب في الامر فأن هذا العدو الخارجي يمنع في داخل بلده مثل هذه التنظيمات ويحضرها وخاصة التنظيمات المسلحة فمثلا تركيا تمنع الاحزاب الدينية المتطرفة وتدعم هذه التنظيمات في الدول العربية وايران تمنع التنظيمات الدينية المسلحة وتدعم تلك التنظيمات في الدول الاخرى وكذلك السعودية تفعل الشيء نفسه ولا توجد اية دول أخرى في العالم تخطو مثل هذه الخطوات بأستثناء هذه الدول الثلاث فأنها تتنافس فيما بينها لتخريب البلدان الأخرى . ولا نستغرب ايضا ان الانظمة العلمانية وخاصة الدكتاتورية منها تسارع الى اصدار قرارات وقوانين تنزل اشد العقوبات بأنصار واتباع التنظيمات الدينية السياسية وقد تصل بعض العقوبات الى الاعدام ، مما يؤدي الى هروب اعضاء التنظيمات الدينية الى بلد المأوى الذي يدعمهم فتقوم حكومات تلك البلدان المستضيفة للمجاهدين بتعبئتهم عسكريا و تجسسيا ليعملوا لصالح هذه البلدان كعملاء وجواسيس ضد بلدهم الام ، فيتحولون في ليلة وضحاها الى جواسيس والى اقذر انواع البشر ، مجرد حثالة يتسكعون لأجل لقمة العيش ، أما المبادىء والافكار الدينية تتحول دراماتيكيا الى اسلوب عمل ضد بلدانهم وحكوماتهم وشعوبهم ، في صورة لا تجد في التأريخ لها مثيل ، وما يزيدنا عجبا ان هؤلاء المجاهدين يعززون عداءهم وخيانتهم لبلدانهم وشعوبهم بآيات قرآنية وأحاديث وروايات و تشبيه صبرهم على الخيانة بصبر الانبياء ،،، بمثل هؤلاء ابتليت مجتمعاتنا المغلوبة على امرها . وبمثل هؤلاء دفعت مجتمعاتنا الثمن باهضا عندما استحوذ هؤلاء على الحكم .!!!!!

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here