صِدام متوقع مع الفصائل بسبب «لجنة المادة 140» واحتمال استبدال رئيسها العامري

بغداد/ تميم الحسن

عشية مغادرة محمد السوداني رئيس الحكومة الى طهران توصلت القوى السياسية الى تفاهمات متقدمة في 3 ملفات حساسة بعضها معلق منذ 15 عاماً اضافة الى التهديدات الايرانية على الحدود.

وبحضور كل أطراف ائتلاف ادارة الدولة الذي شكل الحكومة الاخيرة، حصل شبه اتفاق على آلية اجراء الانتخابات المحلية، واكمال الكابينة الوزارية، وتفعيل المادة 140.

والبند الاخير قد يثير ازمة سياسية خصوصا مع اعتراض التركمان على “عدم إشراكهم بالتفاهمات”، وصدام متوقع مع فصائل مسيطرة على “المناطق المتنازع عليها”.

وقال بيان صادر عن ائتلاف ادارة الدولة مساء الاثنين ان الاجتماع: “كشف عن حوارات واجتماعات رفيعة المستوى لمنع خرق السيادة العراقية من اية جهة خارجية”.

وشدد الائتلاف بحسب البيان، على عمل العراق الجاد لمنع استعمال اراضيه منطلقا لزعزعة امن دول الجوار.

وتابع البيان، ان “الاجتماع قرر استكمال الكابينة الوزارية وتسمية وزيري البيئة والاسكان والاعمار”، كما استمع الائتلاف الى تقرير شامل عن “قانون انتخابات مجالس المحافظات ومجلس النواب فيما جرى بحث تفاصيل القانون من الناحيتين السياسية والفنية”.

في غضون ذلك شدد رئيس الوزراء، أمس، على عدم السماح باستخدام الأراضي العراقية لتهديد أمن إيران.

وقال السوداني في مؤتمر صحفي عقده مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في طهران بعد وقت قصير من وصوله الى الجمهورية الاسلامية، ان “العراق لا ينسى دعم طهران له منذ العام 2003 والحرب ضد عصابات داعش الإرهابية”.

وبحسب تسريبات فان طهران كانت قد امهلت العراق حتى مطلع كانون الاول المقبل، للسيطرة على مَن تقول بأنهم مسلحون كرد يهاجمون إيران انطلاقا من كردستان قبل ان تنفذ الجمهورية الاسلامية هجوما بريا على مقرات المعارضة.

واعتبرت أطراف شيعية ان اثارة طهران لمشكلة المعارضة الكردية في هذا التوقيت وتنفيذ هجمات صاروخية وبالمسيرات هي ذريعة للضغط على الحكومة الجديدة التي أبدت تقارباً مع واشنطن.

كما اشارت تلك الاطراف الى ان طهران او أذرع مرتبطة بها في العراق هي وراء اغتيال المواطن الامريكي ستيفن ترول قبل أكثر من اسبوعين وسط الكرادة على يد مجهولين، فيما كان السوداني قد اعتبر الحادث “مقصودا”.

وشدد السوداني من طهران على ان “الحكومة ملتزمة بتنفيذ الدستور وعدم السماح باستخدام الاراضي العراقية بإخلال الامن ضد إيران”، مشيرا الى “اننا نعتمد في علاقاتنا الخارجية وفق مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل بالشؤون الداخلية”.

وكان السوداني قد حضر الاجتماع الموسع الذي جرى مساء الاثنين، في منزل الرئيس الراحل جلال طالباني في بغداد، الى جانب محمد الحلبوسي رئيس البرلمان ونوري المالكي زعيم دولة القانون وباقي زعماء الكتل.

وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ(المدى) ان “الاجتماع ناقش تفعيل لجنة المادة 140، وتطرق الى اجراء الاستفتاء في المناطق خارج الاقليم في سهل نينوى، كركوك، وخانقين”.

واكد المصدر المطلع على ما دار في الاجتماع ان “قادة القوى السياسية اختلفوا على تنفيذ الاستفتاء في مناطق جصان وبدرة في الكوت وبعض المناطق الاخرى في ديالى”.

وعقب الاجتماع قال وزير العدل خالد شواني الذي كان حاضرا في الاجتماع إنه “بقرار من رئيس مجلس الوزراء، تقرر تشكيل اللجنة العليا لتنفيذ المادة 140، والتي تعطلت عام 2014”.

وأضاف على صفحته في فيسبوك أن “اللجنة ستجتمع خلال عشرة أيام، لإعداد موازنة تقديرية لتعويض المشمولين بالمادة، وتقديمها لمجلس الوزراء لإدراجها في الموازنة العامة”.

وقال شواني إن قرار تفعيل المادة 140 “اتخذ بناء على ما ورد في المنهاج الوزاري في إطار الاتفاق السياسي الذي أبرمه الزعماء السياسيون لتشكيل الحكومة”.

وتنص المادة 140 في الدستور على:

أولاً:- تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (٥٨) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها.

ثانياً:- المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية والمنصوص عليها في المادة (٥٨) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية تمتد وتستمر إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور على ان تنجز كاملة (التطبيع، الاحصاء وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها لتحديد إرادة مواطنيها) في مدة اقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول سنة الفين وسبعة .

وتؤكد المصادر ان “اجراء استفتاء في المناطق المتنازع عليها سيؤدي بالتأكيد الى صدام مع فصائل سيطرت على تلك الاراضي منذ عام 2016، لان تفعيل المادة سيهدد وجودها هناك”.

ورجحت المصادر ان “اللجنة التي ستعمل على تنفيذ بنود المادة 140 ستختار رئيسا جديدا بدل الرئيس الحالي هادي العامري (زعيم تحالف الفتح)”.

وتعرف لجنة تنفيذ المادة 140 بأنها تلك التي تعرضت للتغيير الديموغرافي وسياسة التعريب على يد نظام صدام حسين، وذلك خلال الفترة من عام 1968 حتى عام 2003.

ونصت المادة الاخيرة على ثلاث مراحل: أولاها التطبيع، ويعني اعادة اوضاع السكان الى ما قبل حقبة حزب البعث، والثانية الإحصاء السكاني، وآخرها الاستفتاء في الانضمام الى الاقليم.

وشكلت لجان لتطبيق أحكام المادة 140، في ظل حكومة إبراهيم الجعفري، أسندت رئاسة اللجنة إلى حميد مجيد موسى، ولما استلم نوري المالكي الحكومة شكلت لجنة أخرى برئاسة وزير العدل السابق هاشم الشبلي، لكنه استقال من منصبه، ثم حل محله رائد فهمي في 2007.

وأسندت رئاسة اللجنة التي أعيد تشكيلها في 2011 إلى هادي العامري وزير النقل حينها في حكومة المالكي، لكن الأحزاب العربية في كركوك كانت قد اعترضت على تعيين العامري.

بالمقابل اعترض التركمان على تفعيل المادة 140، وأكدت الجبهة التركمانية وهي المظلة السياسية للمكون في بيان “رفضها لأية خطوة تتخذ بغياب ممثلي المكون”.

واضافت انه: “منذ اول يوم من مفاوضات تشكيل تحالف إدارة الدولة هناك إرادة سياسية لتغييب واضعاف دور المكون التركماني”.

ودعت الجبهة: “قادة الكتل الذين يعقدون اجتماعاتهم بغياب المكون التركماني ان لا ينسوا ما قدمه التركمان من دماء طاهرة زكية عبر تاريخ الدولة العراقية للحفاظ على وحدة العراق”.

وفي الشأن الكردي قال هريم آغا رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في حديث لـ(المدى) ان “الاجتماع شهد اكمال بقية الوزارات الشاغرة في الحكومة”.

وبين آغا ان “وزارة الاعمار والاسكان والبلديات قد ذهبت الى الحزب الديمقراطي الكردستاني، مقابل نيل الاتحاد الوطني لوزارة البيئة”.

وبحسب تسريبات ان وزير الاعمار هو الوزير السابق بنكين ريكاني، ووزير البيئة هو نزار اميدي، فيما يرجح ان يقدم المرشحون امام البرلمان خلال اليومين المقبلين.

وفي الاجتماع الاخير، كشفت المصادر التي حضرت الاجتماع ان “قادة القوى السياسية قد اتفقوا على اعتماد نظام سانت ليغو في انتخابات مجالس المحافظات المتوقع اجراؤها في تشرين الاول 2023، واحتمال استخدام النظام نفسه في حال الاتفاق على اجراء انتخابات تشريعية مبكرة”.

و”سانت ليغو” بصيغته المعدلة كان قد تم التراجع عنه في الانتخابات الاخيرة (التشريعية 2021) لصالح قانون الدوائر المتعددة.

ويعتمد هذا النظام على تقسيم اصوات الفائزين على 1.9 مما يؤدي الى تكسير نتائج القوى الصغيرة التي تطمح للفوز.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here