يامالئي الماء بالزنبيل وآكلي السحت و مكبسلين بحبوب ابو الجمجمة والوردي ونتاج درفلة الاسفنج

د.عبد الامير البدري

لامناص من القصاص وحان موعد الكصاص والتزبير ولن يبقى اي بعير على التل وانتهى المساء وموسى لايرعى الغنم ولانوري بزاز وليتهيء المجاز حتى لو اشترى شهادة دكتوراه بالسجاد الايراني (0كرمان او تبريز) ولاتلمه وتترقبه الا حصيرة !!!

التزوير في الملفات الرسمية والخاصة، في حقيقة الأمر، ما هو إلا سرقة للمال العام، وفي الكويت هناك عمليات تزوير تمت تقريبا في كل شيء، حتى أصبح التزوير في الكويت فنا لا يضاهيه أي فن، إنه أحد أوجه الفساد المستشري، بسبب غياب أو تراخ في تطبيق القانون على الجميع.

كل عملية تزوير لا بد أن وراءها مصلحة مادية، والتزوير في الكويت عملية يومية، فلا نعتقد أن هناك يوما مر على الكويت من دون عمليات تزوير، بعضها كشفت وعرف أصحابها، إلا أنه ولسبب ما أفلت الجناة بجلودهم وبما حملوه، فهناك تزوير في الجناسي، وفي رخص القيادة، وفي ملفات المعاقين، وفي إعفاء من التجنيد، وفي الأراضي، وفي كل ما يتحقق من ورائه مصلحة مادية.

الكويت أصبحت سوقا رائجة للمزورين، ومرتعا خصبا للفساد واللاهثين وراء الربح السريع، ومع أن الجميع بلا استثناء يتحدثون عن روايات وقصص وعن أنواع وأشكال مختلفة من التزوير، إلا أن هناك مئات من الملفات المزورة لم يبت في أمرها حتى الآن، وهناك ملفات طمست، أما من كشفت ملفاته المزورة فقد تراكض بعض النواب وبعض ذوي النفوذ لإجهاض أي إجراءات قانونية ضد مرتكبيها، أو حتى سحب ما تم تزويره منهم.

المزورون حرامية، والحرامي لا بد من سجنه واسترجاع ما سرقه، وإذا ما تهاونت جهة ما عن ملاحقتهم والقبض عليهم ومعاقبتهم وحتى التشهير بهم، فلا بد أن تعاقب تلك الجهة بتهمة التراخي أو التستر عليهم.

حمورابي، سادس ملوك البابليين، قام بسن قوانين خلال فترة حكمه الذي امتد ما بين 1792 – 1750 ق. م، فوثق قوانينه المكونة من 282 مادة كتابة على ما عرف بمسلة حمورابي، عالج فيها مختلف شؤون الحياة الاقتصادية والاجتماعية في إمبراطوريته شاسعة الأطراف، وكانت أهم هذه القوانين واجبات الأفراد وحقوقهم في المجتمع، كل حسب وظيفته ومسؤوليته، وحدد فيها القواعد والأحكام القانونية كمبدأ التعويض، ومبدأ القصاص، ومبدأ عدم جواز التعسف باستعمال الحق الفردي.

كان حمورابي يقوم بتعديل بعض القوانين حسب كل مرحلة جديدة تمر بها إمبراطوريته من دون أي تدخل من قبل الكهنة، وكان يعيّن حكام أقاليمه ومدنه المختلفة، بشرط أن يكون كل حاكم مسؤولا عن إدارة شؤون إقليمه، كحفظ الأمن والاستقرار والإشراف على تنفيذ المشاريع العامة والمحافظة على أمن وسلامة طرق المواصلات، إضافة إلى مسؤوليته المباشرة عن إدارة المقاطعات والأراضي الملكية، وكان حمورابي على اتصال دائم بحكام أقاليمه وموظفيها، فيوجههم، ويبعث إليهم بالتعليمات التفصيلية في مختلف القضايا كبيرها وصغيرها.

ويقال إن أهم قوانين حمورابي وأغربها على الإطلاق هو الخاص بالسرقات، فإذا سُرق منزل أحد المواطنين، ولم تستطع الشرطة القبض على الحرامي، فعندها يجبر «الشرطة» على تعويض المواطن من رواتبهم عقوبة لهم على تراخيهم وإهمالهم، وليس المقصود هنا حرامي البيوت فقط، فالحرامي ليس فقط من سطا على منزل، بل كل من سطا على المال العام وعلى أملاك الدولة وعلى أمنها ومستقبل أجيالها وعلى تركيبتها السكانية فهو حرامي.

بصورة مفاجئة وجدية إلى حد ما ، بدا البرلمان العراقي في فتح ملفات الفساد المالي بعد سنوات طويلة من الحديث عنه دون اتخاذ أية إجراءات صارمة بشأنه ، وخلال اقل من شهر أثيرت قضيتان الاولى قضية الاتهامات التي وجهها وزير الدفاع خالد العبيدي لرئيس البرلمان سليم الجبوري بشان عمولات في صفقات سلاح والتي انتهت باستقالة العبيدي وليس الجبوري ، والثانية اتهامات بالفساد لوزير المالية هوشيار زيباري والتي لم تحسم بعد.

ليس معروفا و لا مفهوما لماذا فُتحت هذه الملفات فجأة وتحديدا الآن ؟ كما لا يًعرف من حركها ويحركها بعد سنوات طويلة من تنامي « مؤسسة الفساد « التي أفقدت هذا البلد وحسب تقديرات عالمية مئات المليارات من الدولارات منذ سقوط النظام السابق في عام 2003.

كما انه ليس مفهوما كيف أن ذات البرلمان مازال عاجزا عن فتح ملفات الفساد الضخمة والكبرى في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي صُنف العراق بسبب سياساته وفساد عهده وتردي الخدمات العامة فيه إلى دولة فاشلة.

من المفارقات المثيرة للسخرية أن فتح هذه الملفات تزامن مع حادثة بسيطة ربما لم يلتفت لها الكثير من أعضاء البرلمان العراقي أو الحكومة أو النخب السياسية ، وهذه الحادثة تتمثل في صدور حكم من محكمة السماوة في محافظة المثني جنوبي العراق على صبي لا يتجاوز عمره 12 عاما بالسجن لمدة عام بتهمة سرقة عدة علب لمناديل ورقية من احد المحال التجارية.

الحادثة أثارت حسب وكالة الأنباء الفرنسية سخطا شعبيا انعكس بصورة خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي حيث ركز محتوى تلك الوسائل على مضامين ساخطة وناقدة للحكم وقسوته بحق طفل قاصر سرق مناديل ورقية ببضعة دنانير في حين أن السياسيين الذين يمسكون مقاليد الحكم سرقوا ويسرقون الملايين والمليارات ولا احد يستطيع محاسبتهم على سرقاتهم تلك لأنهم هم من يحكمون تماما كما يقول المثل الشعبي الدارج في العديد من البلدان العربية « حاميها حراميها «

من شدة هذا السخط الشعبي أصدرت محكمة استئناف المثنى توضيحا أكدت فيه أن الصبي سرق صاحب المتجر أربع مرات، وأن الحكم ابتدائي قابل للطعن لينطبق على التوضيح المثل القائل « عذر أقبح من ذنب «

تختصر هذه الحادثة البسيطة حالة العراق ومدى التدهور الحاصل فيه على مستوى قيم الحكم وغياب شبه تام للرقابة والمساءلة والمحاسبة وتحول الديمقراطية المفترضة فيه إلى إحدى وسائل الهيمنة واستغلال السلطة السياسية والتي سمحت لبعض السياسيين من التحول إلى شخصيات ديكتاتورية حققت ثروات ضخمة للغاية على غرار نوري المالكي الذي تقدر ثروته بخمسين مليار دولار نقدا وأموال غير منقولة تقدر بنصف مليار جمعها خلال عقد من الزمن فيما اغني رجل بالعالم بثروة نظيفة هو بيل غيتس فتقدر ثروته بـ 79 مليار دولار.

غيتس حقق ثروته من خلال شركته الشهيرة مايكروسوفت التي أسسها عام 1975 ، وبمقارنة بسيطة نكتشف كيف نجح الفساد وخلال عشر سنوات من إعطاء المالكي ثروة تقارب ثروة بيل غيتس الذي ادخل العالم عصر الكومبيوتر والبرمجيات عبر جهد خلاق ومثابرة وعمل دوؤب على مدى 41 عاما فيما المالكي ادخل العراق قائمة الدول الفاشلة.

مقارنة محزنة ولكنها ضرورية أليس كذلك ؟؟؟

أن ” جرخچي ( الحارس الليلي ) كان مكلفا بحراسة بعض الأزقة . وذات ليلة مظلمة شعر بحركة في باب أحد البيوت ،

فاقترب منها فرأى ” حرامي ” يخرج من ذلك البيت ، وهو يحمل ما سرق من متاع . فأمسك به فاستطاع ” الحرامي ”

بما لديه من فطنة ، ولباقة ، وذكاء ، أن ” يقشمر” الحارس ويغريه بإعطائه نصف ما سرق من متاع . فأطلقه الحارس على تلك الشريطة .

إن الحارس خاف مغبة الأمر ، وخشي عاقبته ، فأخذته الوساوس ، فراح يفكر ليل نهار ، قائلا في نفسه : ” ما أدري … هذا يروح يحچي … لولا … عجبا إلى هسه حچه لأحد … لو ما حچه ؟ … ” .

وبقي في شكوكه ووساوسه حتى ارتأى يوما أن يستشير الـ ( فتاح فال )في أمره . *** يكد يطلع ” الفتاح فال ” على سره حتى وجد هذا فيه صيدا ثمينا ، فشرع يبتز نقوده منه ، حتى أتى على جميع ما أخذه من ” الحرامي ” …

وفي ذات يوم كان ” الجرخچي ” جالسا في داره ، وهو صافن ” يوسوس ، فسألته زوجه : ” أبو فلان … شبيك ؟ … ”

.. فقص عليها القصة على أنها وقعت لغيره . ولم يكد ينتهي منها ، حتى قالت الزوجة : ” شوفوا الخايب … [ اللي حصله من الحرامي … انطاه لفتاح الفال ] … ” .

فذهب قولها مثلا ..

لم يحترف السلطويون العرب كيفية المجابهة لاسترداد ثرواتهم المنهوبة. أو بتعبير أدق؛ لقد تفوقوا على جميع أنواع اللصوص. صحيح أنهم لم يقوموا بحملات استعمارية واسعة في العصر الحديث، غير أنهم احترفوا اللصوصية المحلية عبر نهب المال العام تاركين شعوبهم في هاوية المجهول. أصعب أنواع اللصوص وأشدّهم غموضًا هو “حرامي البيت”. إنه لصّ غامض يعيش بيننا يأكل ويشرب ويشاطرنا همومنا، لكنّه يتمتّع بيدٍ خفيفة ومباركة! لأنها تسرق بدون جهد إضافي وعادةً ما يكون فوق الشبهات. ولدينا مثل شائع في العراق “حرامي البيت يصعب الاحتماء منه”، لأنّه يدرك جيدًا أصول اللعبة؛ فهو لا يحتاج إلى مهارات إضافية وجسارة مميّزة، يكفي أن يستغفل أفراد عائلته ليسرق بلا وجع قلب. تتوجّه الأنظار في حالات السرقة نحو الخارج، ثمّة حرامي سطا على بيتنا وسرق بعضًا من مقتنياته، في الوقت الذي ينشغل فيه أصحاب البيت بصياغة مؤامرة خارجية.

يتفاضل الحرامية فيما بينهم: حرامي طائفي يعمل تحت غطاء “الطائفة الحق” يقضمون مال الله “قضمة الأبل نبتة الربيع”

إنه فن لا يتقنه سوى اللصوص المحترفين، الذين يتقنون الكيفية التي يحشدون فيها أكبر عدد ممكن من الناس لكسب مشروعية السرقة. وهذا الأمر لا ينطبق على البيت الصغير فحسب، وإنما ينطبق على بيتنا الكبير (الوطن)، فقد تعوّدنا أن نوّجه أنظارنا للحرامي الأجنبي الذي يسرق خيراتنا وثرواتنا لأنه حرامي خارجي . أما الحرامي الداخلي فيساهم معنا في التفتيش عن المسروقات ويبكي ويلطم ويصرخ على ثرواتنا المسروقة. لقد ساهم حرامينا السابق بتأميم الثروة عبر تركيزها بيد عائلته وحوارييه، وخلصّنا من سرقات الأجانب. وبعد أن تخلّصنا منهم ومن نَهبِهم، تفرغّ صاحب البيت للنهب الوطني والقتل الوطني و”السطو” الوطني. بهذه الطريقة أصبحت المهمّة صعبة وخطيرة لفن السرقة، لأنها تحوّلت من الأجنبي إلى صاحب الدار، وبذلك تحوّل “بطلنا القوميّ” إلى “حرامي البيت” ليتمتّع بحرية عالية للسرقة، ومثلما يقول المثل الدارج “حاميها حراميها”.

وعلى غفلة من الزمن وتحت تأثير المشاعر القومية للناس البسطاء انتشرت عملية تأميم وطنية واسعة النطاق. لكن هذه المرّة لاعلاقة لها بتأميم النفط من الغاصب الأجنبي، وإنما تأميم ثرواتنا بيد علي يد حرامينا الوطني، وتحول هذا السلك إلى تقليدٍ عريق ومتفق عليه بين الوطنيين: أسرق بلدك بدلاً من أن يسرقه الأجنبي. يكفي لحرامينا الوطني أن يبني بعض الطرق والجسور ليحظى بشعبية الناس لما سينهبه لاحقًا. فإذا كان حرامينا الأجنبي يسرق حسب الأصول المعمول بها، يعطينا أجورنا والقيمة النقدية لما يشتريه، فعلي بابا الوطني يسرق مال الله وعباده ولا يعطينا سوى الإمبريالية والصهيونية والاستعمار. نفطر بوجبة استعمار، ونتناول حساءً وطنًيا خالي الدسم. وبين هذه الشعارات يٌسرق بلد بأكمله في وضح النهار، وتُنهَب ثرواته لتسديد ثمن حروبه العبثية، وعلى الأجيال اللاحقة أن تدفع ثمن هذه الحماقات.

في التقاليد العشائرية نعثر على جذر مهم لشرعنة السرقة عبر ربطه بقيم الرجولة والشجاعة: لا بدّ أن يكون الفرد “أبن ليل” و”سبع”، و”أخو خيته”. وهذه المقدمات تقودنا إلى نتيجة منطقية، وهي أن يكون حرامينا بطلًا محليًا يشار إليه بالبنان. وهذا التقليد يلقي بظِلاله على الممارسة السياسية التي تحدث منذ سقوط حزب البعث التكريتي حتّى هذه اللحظة، وهو أن الصعود إلى كرسي الحكم يعني أن نكون حرامية وطنيين. وبالطبع يسري هذا التقليد على أصغر موظف؛ ممكن للمدراء أن يكونوا حرامية والموظفون الصغار حرامية، ومن يريد التأكد من ذلك فليسأل موظفًا عراقيًا عن طبيعة وظيفته، لن يتردد هذا الموظف بوصف الحالة العزيزة على قلبه وهي “الشغل كله تسخيت”. أي عبارة عن بطالة مٌقَنّعَة، وهذه الأخيرة نافذة في صميم ثقافتنا مع الأسف الشديد نظرًا لشيوع حالة الاستبداد التي تولّد حالة الاتكالية.

يتفاضل الحرامية فيما بينهم: حرامي طائفي يعمل تحت غطاء “الطائفة الحق” يقضمون مال الله “قضمة الأبل نبتة الربيع”، وحرامي قومي يشفط خزينة الدولة شفطًا بسبب مخاوفه العرقية ليؤمّن مستقبله الانفصالي! وحرامي تابع يعمل بموضوعية كاملة ولا يفرّق بين طائفة وأخرى، أو بين قومية وأخرى ما دام الدولار شغّال على قدم وساق. فهذه العملة الخضراء عابرة لجميع الهويات. ولا تبقى سوى الشعارات الفارغة على المنصات الإعلامية، إذ يكفي للسياسي أن يريح ضميره بقليل من لتصريحات التي تذمّ الفساد، وما عدا ذلك، فهو في حلٍ من كل ما يجري طالما عائلته وجميع المقربين منه في مأمن من المسائلة القانونية.

ربما نحتاج في السنين القادمة إلى مؤسسة تعنى بالتعداد العام لحجم الحرامية في البلد، لكن المشكلة التي ستواجهنا حتمًا، من يقوم بهذا التعداد الوطني؟! أخشى أن يكون اسم هذه المؤسسة الرائدة مستقبلاً: “مؤسسة الحرامي الوطني”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here