شاطي باطي!!

يُحكى أن هناك وطن كان سيدا قويا مهابا عزيزا مرفوع المقام , لا تدانيه القوى وترتعب منه الجيران.
وفي ليلة وضحاها تحدى أساطين الفتك بالآخرين , فتهاوت أركانه وتداعت عليه وحوش الغاب من كل حدب وصوب , وراحت تعيث به فسادا ونهبا وسلبا , وتنفث شرورها في ربوعه , وتؤجج الأحقاد والبغضاء والكراهيات , والعدوانية على المواطن الذي ينتمي لتراب البلاد.
وتعاونت الشياطين مع أباليس الفتك بالإنسان والأوطان , وإدلهمت العواصف وتوالت الأعاصير , وإشتدت النكبات وتشتت العباد , وتمزقت البلاد وأصبحت ميدانا يلعب به – شاطي باطي – من هب ودب , والمفترسون يسرحون ويمرحون , ولا يأبهون , فتحولت جولاتهم التدميرية إلى “خري مري” , وعلى حس المصالح خفن يا رجليه.
حتى صار الفساد فيه دستورا والشر قانونا , وفي كل كرسي يتأبّد مأفون , يسبّح بالولاء للضلال والبهتان , ويتعبد في محراب الخرفين المتوهمين بأنهم نواب ربّ العالمين , وبيدهم مفاتيح الجنان ومن حقهم إستعباد وإمتلاك مصير البشر.
وتحولت الخيانة إلى مفخرة , والتبعية إلى مأثرة , والوطن إلى غنيمة ومأكلة , فتحاصصت الوحوش , وإجتهدت فيما تحوش , ولا يعنيها ما يعانيه المواطن لأن مصيره النعوش , وليهلك الجميع , ما دامت الغنائم وفيرة , ووضع الأيادي على حقوق الآخرين يسيرة , والفتاوى جاهزة وقديرة , وكل مَن عليها خان , وتبقى مسيرة العدوان , ولا قيمة للكلام , فالكل ” يعبي بالسكلة ركي” , والذي ” يهرط” يتعفر بالتراب , ويتجلجل بالخياب , فالعقائد لا تؤمن بوطن , والعمائم مندسة بالغابرات , وما تراه عين اليقين , فعليك أن تخنع وتقبع لتكون قريبا من ربهم , الذي صنعوه على أهوائهم ومقاسات نوازعهم ورغباتهم , فالدين فتوى , وكل منهم لا ينطق عن الهوى , بل بلسان رب مكين.
فقل الحمد لله على إستنشاق الهواء , وعدم السقوط في جحيمات البلاء , فإنهم المنتصرون , فالحق زاهق , ما دام للباطل أنصار وجحافل!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here