قرون متناطحات!!

البشرية في معترك بين منظومتين متنافرتين , تلخصان الهوة المتعاظمة بين أجيال القرنين , فأبناء القرن الحادي والعشرين لا يستوعبون منطلقات القرن العشرين , ولا يمكنهم إدراك معانيها , والعكس صحيح , لأن إيقاع القرنين يختلف , وما نعيشه حاليا يزداد سرعة وإنتاجا وإبتكارا بآليات غير مسبوقة.
وما تأتي به بعض الأذهان المتميزة , تعجز عن التواصل معه أذهان القرن العشرين.
وعلى أعتاب أفول الربع الأول من القرن الحادي والعشرين , تجدنا في مآزق تنافرية ما بين الأجيال , فأبناء القرن الحادي والعشرين يتزايدون , وأبناء القرن العشرين يتناقصون , ولا يمكن للمتناقص أن يفرض إرادته ورؤيته على المتزايد.
والعلة أن النمطية الراسخة في الأجيال التي أصبحت دخيلة على القرن الحادي والعشرين , لا يمكنها أن تتجسد فيه , بل أصبحت مصدات وسدود أمام جريان الأجيال المتوافدة المترافدة بأفكار ووسائل وقدرات لا تعرفها أجيال القرن السابق لهذا القرن.
والأنكى أن الأجيال المتناقصة ترى أنها على صواب , وتأبى أن ترى بعيون الواقع والوضوح والإدراك السليم , وإنما تغطس في أنانيتها وإستعلائها , وتحسب أنها العارفة والأدرى على قيادة مسيرة الحياة , وهي التي سفكت دم الحياة وأفرغتها من أعز ما فيها.
والواقع الأليم المغفول عنه , أن الأجيال السابقة هي التي أوصلت الحالة إلى ما هي عليه من مثالب الحضيض , وهي التي جعلت الأجيال المعاصرة تعيش محنة الخروج من حفر الوعيد.
ومع هذا فلا تزال تنكر دورها في صناعة الواقع النكيد , وتتوهم بأنها الرائدة والقادرة على ما لا تستطيع.
إن أبناء القرن العشرين مولودون من رحم الهزائم والإنكسارات , وفيهم طاقات سلبية وتوجهات إنتقامية لا تصلح للحياة.
وإذا أرادوا أن يساهموا في صناعة الخير لما تبقى عندهم من حياة , فعليهم أن لا يقهروا الأجيال الصاعدة , ويصمتوا إن لم يجيدوا الإسناد والتشجيع , وليتخندقوا في أنانيتهم وأوهامهم التي تجعلهم يتصورون الدنيا في قبضة أيديهم.
فأجيال القرن الحادي والعشرين , أدرى منكم وأعلم وأحلم , وأوسع إطلاعا وقدرة على التدبير والتعبير.
فهل من نظرة إنسانية واقعية للذات والموضوع؟!!
د-صادق السامرائي
14\9\2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here