هايل علي المذابي
تكبدت شركة “ميتا” “فيسبوك سابقا” لخسارة ما يصل إلى 800 مليار دولار وذلك بعد إعلانها عن تبني مشروع “ميتافيرس”، وقد قرأنا أخبارا متفرقة لمشاريع في سياق “الميتافيرس” لشركات أخرى والمتوقع منذ البداية خسارتها تماما كما خسرت شركة “ميتا”.
ولعل السبب الكامن وراء هذه الخسائر التي تحققت والمتوقعة أيضا هو أن دراسة البنية التحتية يأتي أولا، هذا إذا أراد أي مشروع من قبيل “الميتافيرس” أن ينجح، وعندما تغيب دراسة البنية التحتية يفشل المشروع.
نعم لقد كانت مجازفة كبيرة تلك التي قامت بها شركة “فايسبوك” حين تحولت إلى شركة “ميتا” وأعلنت عن مشروعها “ميتافيرس” بدون أي ترتيب مسبق أو دراسة جدوى تجعل البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا الإنترنت في أول القائمة.
وكان الأحرى بشركة “ميتا” أن تلتزم طريق من سبقها لتضمن النجاح، وأما الطريق الأضمن لنجاح مشروع “ميتافيرس” لشركة “ميتا”، أو غيرها، في الوقت الراهن على الأقل، فقد كان أن تبدأ إنطلاقتها عن طريق الألعاب الرقمية الشائعة في عالم الإنترنت والتي تنطلق معظم مشاريع “الميتافيرس” من خلالها، إذ أن تلك الألعاب بالنسبة “للميتافيرس” تمثل المهد ونقطة التكوين والنواة الأولى، بل هي الرحم الذي تخلقت فيه نطفة “الميتافيرس” منذ ظهورها أولا في رواية “تحطم الثلج Snow Crash” لنيل ستيفنسون في مطلع تسعينات القرن الماضي، مرورا بالحفلة الصاخبة التي أحياها ترافيس سكوت وحضرها 12 مليون متفرج.
وكان السبيل إلى تحقيق ذلك النجاح يمكن أن يتم من خلال طريقتين:
الأولى أن يكون بدعم شركات ألعاب ناشئة في مختلف أنحاء العالم وتمويلها وهذا النهج اشتهرت به شركة سامسونج، حيث تصنف شركة سامسونج كأكثر شركات العالم نشاطا في الاستثمار في الشركات الناشئة المختصة بتكنولوجيا “ميتافيرس” وبلوكتشين. حيث أعلن عن أن سامسونج ضخت خلال العام الماضي، استثمارات بقيمة كبيرة في 13 شركة ناشئة تختص بهذا المجال، أكثر من أي شركة أخرى استثمرت في شركات ناشئة مشابهة في أنحاء العالم. وذلك يعكس مدى اهتمام سامسونج بهذا النوع من التكنولوجيا التي يتزايد اهتمام العالم بها يوما بعد يوم، وتشهد دمجا في مختلف القطاعات العامة، بما في ذلك القطاعات التكنولوجية والرياضية والصحية، وترغب سامسونج في أن يكون لها الريادة في هذه التقنيات بدمجها مستقبلا مع هواتفها الذكية. وكان أحد مشاريعها الأخيرة في هذا السياق عرض بعض حلقات برنامج The Tonight Show الشهير الذي ترعاه وتموله سامسونج ويقدمه مقدم البرامج الأشهر في العالم جيمي فالون داخل عالم ميتافيرس، التابعة للعبة “فورتنيت” الافتراضية الشهيرة، الممولة من قبل شركة سامسونج أيضا.
وأما الطريق الثاني فيكون عن طريق تكوين ألعاب خاصة بشركة “ميتا” وعرض وتطوير محتويات وبرامج “”الميتافيرس”” التي تنتجها وتتبناها شركة ميتا أو غيرها من خلالها.
لقد أصرت شركة ميتا على إلغاء الوسيط أو الطرف الثالث في المعادلة وهو “الألعاب الرقمية” في مشروع “الميتافيرس” الخاص بها، قبل اختمار فكرة “الميتافيرس” عمليا وقبل نضجها، وكانت الخسارة هي المصير الذي ينتظرها، وهو المصير أيضا الذي ينتظر أي شركة تكنولوجية ستخوض التجربة بالطريقة نفسها التي خاضتها شركة “ميتا”، عدا ذلك أن دراسة البنية التحتية للاتصالات موضوع مهم جدا وجوهري وهو الذي يحيل إلى انتهاج طريق الألعاب الرقمية واعتبارها وسيطا لمشاريع “الميتافيرس” لضمان نجاحها على الأقل آنياً، حيث لا تسمح البنى التحتية للاتصالات والتي هي غير مؤهلة في الوقت الحالي لنجاح مشاريع “ميتافيرس” وتحديدا على طريقة شركة “ميتا” أي بدون وجود وسيط.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط