حمزة الحسن
شلون تموت وانت من اهل العمارة؟
كيف يمكن فهم هذه الاهزوجة
خارج الاستعمال الشائع بعد تفكيك أجزاء الاهزوجة التي تتضمن حدثاً أو حكاية،
وما هي جذورها؟
تموت وأنت من أهل العمارة؟
على أساس ثارد وعاقد صفقة مع عزرائيل.
ليس هذا فقط بل:
” شلون تموت ويوميتك ثلاثمية؟ ــــ درهم”،
لكن الأصعب من ذلك مات في لحظة استثنائية حيث كان:
” التمن مستوي والباميا نية” ،
أي الرحيل قبل الغداء الأسطوري كما لو أنه يملك خياراً
وقد كبست على صدره شاحنة او انهيار خرابة أو زجاجة عرق على الريق.
هي مدينة في الجنوب العراقي
مركز مدينة ميسان أو ميشان السومرية،
مختصة وحدها بهذه الاهزوجة.
يبدو أن العماري لم يفق بعد
من صدمة الموت التي جرت في المكان نفسه،
في فجر التاريخ،
كما لو أننا مرة أخرى أمام خيبة جلجامش
ملك أور السومري الذي أصيب بصدمة عندما
اكتشف الجزء الفاني فيه،
فبحث عن الخلود هائماً على وجهه،
ويوم عثر على عشبة الخلود قرر
أن يسبح في النهر لكن الأفعى جاءت
وأكلت العشبة وربما هذا مصدر شعار الصيدليات
في العالم عن الأفعى الملتفة حول كأس،
وهناك من يرجعه الى اصول يونانية.
لكن سيدوري صاحبة الحانة البابلية
تنصحه في أن الخلود مستحيل في الحياة،
لا شيء يجعلك خالداً غير عمل كبير،
فبني سور أور وبقاياه موجودة حتى اليوم.
يقول الروائي الألماني غونتر غراس حامل
جائزة نوبل إنه يستغرب كيف
أهمل الباحثون ونقاد الرواية ملحمة جلجامش
التي يعود تاريخها الى عام 2000 قبل الميلاد،
كأول نص روائي آسر في التاريخ،
تعرض لقضية خالدة هي صراع الانسان
من أجل الخلود وكيف يمكن تجاوز
الموت بعمل كبير يبقى خالداً؟
إذن كيف تموت وأنت من أهل العمارة،
ليست مرثية بل صرخة احتجاج،
أو صيحة عتاب كما لو أن الموت خطأً.
هذه الصرخة يوم كان العماري
والعراقي عموماً يموت موتاً طبيعياً،
لكن العماري غير الإهزوجة بل نساها تماماً
عندما صارت توابيت الجنود القتلى الفقراء
تصل المدينة كوقود لكل الحروب وعلف مدافع،
فصار يردح عند الجنازات القادمة من جبال الشمال
في تلك الحروب المشؤومة:
” طركاعة اللّفت برزان،
بيّس بأهل العمارة”.
انتقل من الاحتجاج على الموت الطبيعي
الى الاحتجاج على القتل البشري،
وتم تغيير الاهزوجة حسب المرحلة.
ومن غير المستبعد أن العماري
والعراقي قد غير الشعار
لكي ينسجم مع واقع اليوم:
” شلون تعيش وأنت
من أهل العمارة”؟